صندوق دعم التعليم بعدن.. وتجربة حضرموت الناجحة

> يُعَد التعليم ركيزة من ركائز الدولة الناجحة والحديثة، فمقياس نجاح التعليم في أي منطقة أو دولة يكمن في نية أهلها الصادقة والجادة، واهتمام المسؤولين أو القائمين على التعليم في تلك المنطقة، فبالعلم والاهتمام بالتعليم بنيت الحضارات السابقة، وحاليًا تعيش الدول المتقدمة وتجني ثمار اهتمامها بالتعليم والمتعلمين، فلقد أثبتت التجارب والمؤشرات العالمية المتخصصة بتقدم وتطور التعليم، إن الدول التي اهتمت بهذا الجانب تتصدر مصاف دول المعمورة المتقدمة، بينما التي اهتمت بالجانب العسكري، وبناء الجيوش، وكيفية تسليحها، وغيرها من الجوانب الأخرى التي تهدم ولا تبني في مؤخرة الدول، بل ولاتزال حتى يومنا هذا تعيش في ظلام الحروب والجهل والتجهيل والدمار، وما يشاهد من خراب ودمار البنى التحتية لتلك الدول، لهو خير دليل على ما ذُكِر.

من هذا المنطلق نحاول أن نسلط الأضواء على أعمال جليلة ستذكرها الأجيال وسيدونها التاريخ، مسبوقة بنيات صادقة، قبل أن نشرع في التفكير أو التخطيط لها، ألا وهي الاهتمام بالتعليم وسبل تطويره ونجاحه، وخير مثال نذكره على مستوى محافظاتنا اليمنية المحررة هي محافظة حضرموت، تلك المحافظة ذات المساحة الواسعة جغرافيًا، والمترامية الأطراف، والتي سعى ويسعى مسؤولوها من أبنائها لتجنيبها ويلات الحروب، وأتون الصراعات، فانصب تركيزهم على الجانب التربوي والتعليمي والاهتمام به، لإدراكهم وإحساسهم بالمسؤولية تجاه محافظتهم، ويقينهم بأن البلدان لا تبنى ولا تنهض إلا بالتعليم والاهتمام به، وجعله من الركائز الأساسية عند وضع أجنداتهم وخطط أعمالهم، فكان حصاد سعيهم وبذلهم هو نجاح التعليم - إلى حد ما - في محافظتهم، وكذا تمسك محافظها بالتعليم والاهتمام به، وتسخير كل الطاقات والموارد لتطوير وانتشال التعليم من براثن الإهمال والتدمير، لمعرفتهم الأكيدة أن هذا الاهتمام الكبير والبذل للتعليم سيؤتي أكله في المستقبل القريب، فشرعت قيادة المحافظة إلى مساعدة القائمين على التربية والتعليم، بإنشاء البنى التحتية من مدارس ومختبرات علمية، وفصول مجهزة ومزودة بالحواسيب والأجهزة الحديثة، التي تساعد المعلمين على تأدية واجبهم النبيل، ورفد العملية التربوية والتعليمية، وقبل كل ذلك قامت بتطوير الكادر التربوي، وعملت له الدورات التدريبية والتأهيلية في طرائق التدريس، وغيرها والورش التقييمية بعد كل عمل تربوي تقوم به، إن الاهتمام بالتعليم ونجاحه بحضرموت جعلت من تلك المحافظة بساحلها وواديها أنموذجًا ناجحًا وفريدًا يحتذى به، وكذا الإخلاص في العمل والنية الصادقة لقيادة المحافظة والمسؤولين على التربية والتعليم فيها، فشرعوا إلى إنشاء صندوق يهتم بدعم الجانب التعليمي سموه (صندوق دعم التعليم بالمحافظة)، ومن منا لم يسمع عن ذلك الصندوق الذي دفع بعجلة التعليم إلى الأمام، حيث يقوم الصندوق بدعم المعلمين، وكذا البنية التحتية للمرافق التربوية بالمحافظة، ذلك ما قرأناه وسمعناه ونشاهده عيانًا على أرض الواقع، من افتتاح وتدشين لمرافق تربوية وتعليمية مجهزة بأحدث التجهيزات اللازمة، لإيصال المادة التعليمية إلى التلاميذ والطلاب في مدارس حضرموت بشكل صحيح ونموذجي - إن صح التعبير، وكذا تجاوز أغلب المعوقات والعراقيل التي تواجه المعلمين والقيادات التربوية، ووضع الحلول المناسبة لمشاكل نقص المعلمين بالتعاقد مع خريجي الجامعات التخصصية والتربوية من أبناء المحافظة، ورفدهم بالدورات التدريبية والتأهيلية، والاهتمام بالكادر التربوي والتعليمي الموجود في الميدان، وغيرها من الجوانب التربوية الداعمة للعملية التعليمية على امتداد مناطق وأطراف المحافظة، كل ذلك وأكثر جاء بسبب صندوق تم إنشائه بجدية وعزم ونيات صادقة من كل الخيرين بمحافظة حضرموت، وقياداتها السابقة والحالية وعلى رأسهم محافظها اللواء فرج سالمين البحسني قائد المنطقة العسكرية الثانية، وراعي التعليم الأول بالمحافظة - كما يطلق عليه - وكذا القائمين على التربية والتعليم بالمحافظة ممثلًا بوكيل وزارة التربية، مدير تربية حضرموت الأستاذ جمال سالم عبدون، يعنى بدعم تعليم أفضل في المحافظة - إلى حد ما - مقارنة بالمحافظات الأخرى المحررة.

ومن هنا نبعث رسالتنا وكلنا أمل وتفاؤل إلى قيادة محافظة عدن ومحافظها الجسور الأستاذ أحمد حامد لملس، الذي يبذل جهودًا كبيرة يشكر عليها، لمعالجة أغلب مشكلات المحافظة، ويقوم بتذليل كثير من العراقيل في المؤسسات والمرافق الخدمية التابعة للمحافظة، وتحسين مستوى أدائها، وكذا القائمين على الجانب التربوي والتعليمي بالمحافظة.. أنشئوا صندوقًا يدعم التعليم بمحافظة عدن، تسبقه نيات صادقة وعمل مخلص وجاد للرفع بمستوى تعليم صحيح وسليم بمحافظة عدن، ثغر اليمن الباسم، ومنبر الحضارة والثقافة والتمدن، فقد عرفت عدن منذ القدم بأنها منارة العلم، وقبلة الدارسين والمتعلمين، فمنها تخرج الكثير من المثقفين والفنانين والأدباء والكُتَّاب، فكانت بمثابة نقطة التقاء جميع الأعراق، لموقعها الجغرافي المتميز، ووصفها بأنها مدينة السلام والفن والتعايش بين الناس بمختلف ثقافاتهم وأجناسهم، صحيح أن عدن تعيش اليوم إرهاصات الحرب والدمار وتبعاته، ولكنها ستنهض بإذن الله تعالى وبسواعد أبنائها ومثقفيها، وستنفض غبار الشتات والتجهيل بعزيمة قياداتها الحالية، عن طريق الاهتمام بمستوى التعليم والحفاظ على مرافقها التربوية والتعليمية من بسط العابثين، لنضمن مستقبل أفضل لهذه الأجيال والأجيال القادمة.

ختامًا.. نذكر أن هذا الصندوق سيحل جميع مشاكل المعلمين الذين يعدون النواة الأولى والركيزة الأساسية للتعليم ونجاحه، ونقولها بصدق ومسؤولية: ليس عيبًا أن ننقل تجربة محافظة حضرموت الفريدة والناجحة في دعم التعليم ونطبقها على محافظة عدن، من أجل اللحاق بركب التعليم، ولتحسين مستوى جودته، وكذا الحفاظ على ما تبقى من كرامة لمعلمينا الأفاضل في محافظة عدن الباسلة، فعدن تمرض ولكن لا تموت..

وكما قيل: التأخر في الوصول خير من عدمه..

والله من وراء القصد..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى