وطن القلوب

> إن الوطن كمفهوم شامل لا يقتصر على مساحة التراب، والبقعة الجغرافية أو مكان الإقامة والأرض التي نعيش عليها، إنما الوطن هو خامة القلوب التي تحتضنا ودفئ الأحاسيس التي تشاركنا أفراحنا وتلملم شتات أيامنا الصعبة؟
كما أن الوطنية ليست مرتبطة بالأوراق والسجلات المدنية، وجواز السفر وغيرها من الوثائق الإدارية، بل هي مشاعر انتمائنا للناس والأحباب والإحساس بالأمن والأمان ودفئ الحضن والملاذ الذي تأوي إليه أرواحنا.

فلنسأل أنفسنا... هل نحب وطننا لأننا نحمل جنسيته، أم لأننا عشنا وتربينا وكبرنا على أرضه وأكلنا من خيره وتنفسنا هواءه؟
هل الوطن هو مكان عيش الإنسان، أم أنه المنزل الذي يُقيم فيه الإنسان والحيوان والطيور؟ فكلُّ كائن حيٍّ له موطنه على الأرض.

من أين أتى مصطلح "المواطن والأجنبي" على تراب الوطن الواحد؟ في حين أن مفهوم الوطن يبدأ من المنزل، وما الدولة سوى مجموعة عائلات توسعت لتشكل الحيّ، حتى شملت المدينة، ثم حدود جغرافيّة محددة على الأرض.

علمًا بأنه لم يكن هناك مفهومٌ شائعٌ للوطن في عهد الحضارات القديمة؛ بل اقتصر على المنطقة التي عاشوا حياتهم بين أحضانها، وحتى زمن الجاهليّة لم تكن كلمة الوطن تذكر في أشعارهم؛ لأنهم كانوا دائمي التّنقل من مكان لآخر، بل تعددت كلمة الوطن في قصائدهم كإشارة إلى مكمن الحب وتوجه القلب. فما الوطن سوى وطن القلوب.

وعلى هذا الأساس فإن أي تغيير نرغب في تحقيقه يجب أن يبدأ من الإنسان، إذ يكمن "إصلاح العالم بالأعمال الطيبة الطاهرة والأخلاق الراضية المرضية"، و "إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم".
وما وحدة الوطن سوى توحيد القلوب وتوجيه العقول كي: لا تتقيّد بمصطلح الأغلبية أو الأقلية، ولا تقبل السيطرة ولا التهميش، وترفض الظلم والفساد، وتؤمن بأن التغيير يعني تغيير حياة الناس نحو الأفضل، فتسعى بكل جد وجهد لتحقيق الرخاء المادي والروحاني لكافة أبناء المجتمع الواحد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى