كلام يجب أن يُقال

> عجيب أمر الناس، كل شعوب الدنيا تنسى خلافاتها في ساعة الجد إلاّ العرب، وأولهم (أبو يمن)، فإننا نعيش في غرام ووئام في أيام السلام، ونتعارك قبل ساعة الصفر، ما من معركة دخلناها إلا ونحن نتلفت إلى الوراء، لأننا لا نطمئن إلى أصدقائنا، بدلًا من أن نركز عيوننا على العدو الحقيقي، نطلق عليه مدافعنا ونحن نتطلع إلى الوراء.

أنظر إلى المعارك الدائرة بين بعضنا البعض، اليمني يقتل اليمني، والعراقي والسوري واللبناني والليبي نفس الشي يتقاتلون مثل اليمني، ذا يقتل أخيه من وطنه.

والآن والشعوب العربية تنتظر بدء معركة الغد تكرر المأساة نفسها، وما يكاد الوسطاء ينجحون في تضميد الجراح وإنهاء أزمة، حتى تقع أزمة ثانية وثالثة ورابعة وعاشرة، حروب متواصلة في بلادنا نحن بالذات في اليمن جنوبه وشماله منذ أكثر من خمسين عامًا، ونحن في صراع مناطقي مذهبي عقائدي على مكاسب كرسي الحكم، يجعلنا نتساءل ما سر هذا النحس؟ لماذا لا نتصرف كما تتصرف الحكومات الرشيدة – أليس منا رجل رشيد؟ لماذا نحول كل خلاف في الرأي إلى أزمة، نقيم الدنيا ونقعدها وينعكس ذلك أمام الدنيا في صورة الدولة التي لم تبلغ سن الرشد؟ لماذا نشغل ونزعج شعبنا بهذه الخلافات؟ لماذا نحرق أعصابه ونملئ قلبه باليأس، عندما يرى أننا نحاول أن نكسر بعضنا البعض قبل أن نضرب عدونا ضربة واحدة؟ هل هذا هو قدرنا؟ هل ستستمر هذه المهازل؟

إننا نطالب حكومتنا والحكومات العربية بأن تبذل المستحيل لتخرجنا من الحلقة الفارغة التي نلف حولها وندور بلا مبرر ولا منطق، نطلب لشعبنا اليمني ولشعوبنا العربية إجازة من هذه الخلافات، نريد أن نتطلع إلى الأمام، فقد أضعنا العمر ونحن نتطلع إلى الوراء، شعبنا دوّخ، كما تعب أيضًا من الاتهامات التي يتبادلها الحكام – الزعماء ومن في حكمهم يا هؤلاء.

الناس تريد اليوم معارك بين منطق ومنطق، لا مباراة بين لسان ولسان، وأيهما أطول من الآخر، المواطنون يريدون برامج لا اتهامات، يريدون أمن واستقرار وتعيين في المناصب كفاءات لا نفايات، دراسات لا هتافات، نريد من أي مسؤول من ذوي العيار الثقيل أن يتحدث بلغة الغد لا بلغة الأمس، الناس تريد أفكارًا جديدة، أفكارًا بناءة، فقد تعبت أعصابها منذ أكثر من خمسين عامًا وهم يعيشون في الترهات والوعود الكاذبة الفارغة والحروب والفوضى، الناس تريد دنيا أفضل من ليالي الظلام التي تعيش فيها بدون كهرباء، وماء يتوزع بالقطارة، وأسعار غالية جدًا إلخ...

الجماهير تريد أن ترى حلولًا، والحلول لن تأتي إلاّ متى ما توافر الأمن والاستقرار، ودولة وحكومة قوية، حلولًا مدروسة لمشاكلها، الناس تريد أن يساير ساستها موضة أسلوب الحكم الجديد التي انتشرت في كل بلاد الدنيا ما عدا في منطقتنا، ولكننا نأمل من الله أن يغير الأحوال – يساعدنا على أن نجمع صفوفنا، يساعدنا ربنا على أن ننسى ما حدث بالأمس، ندعو الله أن يستجيب لدعائنا، خاصة ونحن نواجه أيامًا صعبة آتية وقادمة تتطلب منا أن نتحرك ونتغير.. فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى