رحيل سفير العرب في اليونسكو

> الراحلون في صمت، وهم يحملون هم الوطن كثيرون، ومنهم الدكتور أحمد الصياد، الذي أنتقل إلى رحمة الله يوم الـ 26 من يوليو 2021، أثر مرض عضال في أحد مستشفيات باريس.

الدكتور الصياد أهم الشخصيات اليمنية التي شغلت موقعا متميزا لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم ( اليونسكو)، فقد كان السفيرُ المندوبَ الدائم لليمن لدى هذه المنظمة لمدة طويلة، ورأس مجموعة دول الـ 77 والصين، وعمل مساعدا لمدير عام اليونسكو للعلاقات الخارجية والتعاون في الفترة 1996 – 2011، وشارك في أنشطة اليونسكو ومؤتمراتها وبرامجها، خاصة في مجالات التربية والعلوم والثقافة، وترك بصمة واضحة ستخلد بها ذكراه، أستطاع نقل التراث اليمني إلى آفاق إنسانية عالمية، وكان آخر عمل أنجزه في اليونسكو توقيعه على ملحقات اتفاقية اليونسكو لعام 1970، الخاصة بمنع استغلال الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، التي بموجبها لا يمكن المطالبة بالآثار المسروقة والمنهوبة إلا بعد التصديق عليها، وقد تكللت جهوده بالنجاح، ونتج عنها مصادقة الرئيس هادي على الاتفاقية، وقام الدكتور الصياد نيابة عن الحكومة اليمنية بالتوقيع على ملحقات الاتفاقية في اليونسكو في يونيو 2019 ، التي ستمكننا من استعادة آثارنا المنهوبة.

يطلق عليه سفير العرب في اليونسكو، ويشهد له الجميع بالمبادرة على تقديم المشورة والدعم لكل من يطلبها منه.

في آخر إصدر له بعنوان "اليونسكو، كما شرحتها لدبلوماسي شاب" نادى بأن تواجه اليونسكو العولمة المتوحشة، كما وصفها، والعمل نحو تطبيق قيم التضامن، والعدالة الاجتماعية، والحوار، والتسامح، وهي القيم والمبادئ التي تقوم عليها اليونسكو، والاهتمام باحتياجات الناس الأساسية مثل المدارس والمستشفيات وتخفيض الإنفاق العسكري.

التقيته في باريس عام 2017، في أكثر من مناسبة، وجدته شخصية ودودة هادئة، ذو ثقافة واسعة وخبرة عميقة، يحمل علما وفكرا مستنيرا، وهو أيضا باحث وأديب، أهداني روايته "درويش صنعاء"، وله عدد من المؤلفات الأخرى، كلها تحمل في طياتها هم اليمن والحلم بمستقبل أفضل، بلغة رصينة شيقة.

والدكتور الصياد كذلك عضو في هيئة الخبراء في المجلس الدولي للغة العربية، وله رؤية عميقة بشأن أهمية اللغة العربية (تعليمها وتعلمها) وأهمية إعلاء شأنها لارتباطها بالهوية العربية وتوحيد الأمة. شجعني على الاستمرار في جهودي نحو تعزيز اللغة العربية بانتسابي إلى المجلس وتقديم أبحاثي لإمكانية الاستفادة منها في مجال تطوير مناهج اللغة العربية. وكان دائم الحضور في المؤتمر الدولي للغة العربية الذي يقام في دبي في كل عام.

الدكتور أحمد الصياد عمل في صمت ورحل في صمت، بفقدانه فقدت اليمن أحد رجالها النبلاء الأخيار، يرحمه الله ويغفر له، ويسكنه فسيح جناته، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى