صيارفة الجنوب الثلث المعطل!

> يبدو أن جمعية الصيارفة في عدن اختارت دون خجل العمل كأهم أدوات العداء المعلومة في محاربة معيشة الناس ضمن سياسة التجويع والإفقار، التي تمارسها صراحة وتديرها صنعاء.

أطلقت هذه الجمعية، المنضوي تحت مظلتها الآلاف من شركات ومحلات الصرافة، لنفسها العنان، ودخلت في إضراب شامل وكامل، محددة مطالب تريد من الحكومة الشرعية الإذعان لها وتنفيذها؛ طمعا من ورائها في كسب مالي، يخصها وحدها، ولا علاقة للمواطن المغلوب على أمره بصلة كما تدّعي زورا! علما أن بيان دعوة الإضراب قد خلا تماما من تلك المطالب المزعومة، ومسببات خطوة الإضراب، عدا ما ورد من جمل إنشائية لدغدغة مفضوحة لمشاعر الناس!

الملاحظ أن توقيت الإضراب، والدعوة له جاءت بعد أيام قلائل من إعلان البنك المركزي بعدن عن ضخ الملايين من العملة المحلية القديمة (فئة ١٠٠٠) مرتبات لكافة القطاعات في المناطق المحررة، إذ يحاول البنك بإجرائه أولا إفشال مخطط يسير على قدم وساق نحو اعتماد اقتصادين مختلفين شمالا وجنوبا، عن طريق دعم وتثبيت عملتين غير متوازنتين تحت اسم واحد (الريال اليمني)!

لكن الثابت انزعاج صيارفة المناطق المحررة، خاصة في عدن من خطوة البنك، بيد أن هذه المؤسسات، على كثرتها، أصبحت تمارس عملا وفق قانونها غير المشروع "المضاربة بالعملة" مستغلة تطبيق قرار التعويم الصادر عام ٢٠١٦، الذي اتخذه أغبى محافظ عرفه البنك المركزي اليمني في تاريخه، وربما على مستوى اقتصاديات السياسة النقدية في بنوك الدول النامية على الأقل أو بشكل عام.

لا أجد في تنفيذ الصيارفة إضرابهم سوى لعب دور مشبوه أشبه بـ"الثلث المعطل" على غرار سياسة مليشيات حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي التي حاولت إتقان الدور نفسه قبل اكتمال انقلابها عام ٢٠١٤، والآن تحاول إنجاح تمريره في مناطق خارج سيطرتها، مستخدمة أقرب القطاعات مساسا لحياة الناس، لا سيما في عدن المدينة المحورية للشرعية المعترف بها، ومنطقة ارتكاز جنوبنا المخنوق اليوم بلهيب الانتكاسة المصرفية في العملة المحلية أمام العملات الأجنبية!

لا ريب أن هذا التعطيل وراءه سيناريو تدميري توسعت رقعته على السطح بمشاركة فاعلين مهمين هم قطاع الصيارفة في الجنوب، ممن برزوا كقوى إفقار ومعاول هدم في الحرب الاقتصادية الآخذة في التوسع مؤخرا بين الحكومة الشرعية وجماعة الانقلاب في صنعاء، التي تراهن على تعزيز اقتصادها ورصيدها المالي بخنق المواطن في الجنوب، وتجويعه بلعبة الصرافين وشركات العملة والتحويلات المالية، وهم برأيي أصحاب أرخص ضمائر تباع وتشترى اليوم جنوبيا!

حقيقة تتكشف أمامنا أن أولئك الرخاص هم أكبر ركائز هبوط العملة المحلية واستمرار انهيارها المتتالي في جنوبنا بكل وقاحة!
وقطعا، محاولة هؤلاء الرخاص التنصل من مسؤوليتهم وواجبهم الوطني في توقيت عصيب لحماية أقوات الناس لا مسوغ له أو دوافع سوى أنهم فعلا قطعان آدمية، تشارك في نحر المواطن في عدن والجنوب عموما.

إن الجنوب اليوم يستهدف من الداخل صراحة من أبناء جلدته، أولئك المتسكعون في سوق الصيارفة تارة تحت شعار "مظلومية الجنوب"، و"أين التجار الجنوبيون" تارة أخرى. وهناك من الشعارات الرنانة التي تأخذ منطلق ستار عقاب الشعب الذي تخضعه في نفس الوقت سياسات عقيمة تنفذها حكومة في المهجر!

لا غرابة حينما يسخر الصيارفة من عقولنا، فجمعيتهم زعمت أن الإضراب دعم لمطالب الشعب "على تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد" ثم أضافت تأكيد المضي قدما بالإضراب، "إن لم تجد خطوات فعلية تضمن للشعب حلا جذريا تلمسه واقعا، في استعادة أوضاعه المعيشية والاقتصادية" يا سلام سلم.. ما بين الأقواس أعلاه اقتباسات وردت طي بيان جمعية الصيارفة، وهي جمل مطاطية بعيدة عن واقع المعقول، بينما راح متحدث الجمعية يظهر في تصريحات بكثير من الغمز والغموض، ساعيا إلى وضع عامة الناس في مسار غير مفهوم، بل ويجاهد لجذب الرأي العام باتجاه تشويه البنك المركزي والحكومة والتشكيك في إجراءاتهما لتعزيز العملة في مناطق إدارتهما، وهو في ذلك يريد، لا محالة، جرنا إلى المحطة التي تأملها صنعاء، وتنفذ سياستها جماعة السيد!

ما من تفسير منطقي لموقف الصيارفة غير أنهم لاعبون رئيسون في سياسة تجويع الشعب في مناطق جنوبنا لصالح السيد!
طيلة السنوات الفائتة ظل الصيارفة بالجنوب يكسبون الملايين والمليارات من فوارق الصرف، وعمولات ضخمة يجنونها من تحويلات الناس!
لم يعد من الوقت متسع لإيقاظ الضمائر الميتة، ولكن أقول كفاكم يا تجار الحروب تكسبا ومضاربات بقوت مواطن أرهقته حرب، لا يزال هناك من لا يريد وضع نهايتها وبدعم دولي وأممي!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى