النقود القانونية وعلاقة الحكومة بقيمتها

> راؤول السروري

>
راؤول السروري
راؤول السروري
بغض النظر عن شكل العملة الورقية لبنكنوت الجمهورية، أقف متأملا في ما يحدث من اختلاف في نسبة هبوط القوة الشرائية للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية بين العاصمتين.

ومنذ توقيت البدء باختلاف معدل الهبوط المتزايد والمستمر حتى اللحظة، ما بين كل من صنعاء وعدن، ازداد في التأمل والتفكير لمعرفة وتفسير المشكلة وأسبابها الجوهرية وما هيتها وما هدف صانعها منها؟ وأجد نفسي مضطرا لسماع تفسيرات كثيرة ومحاولات من اقتصاديين وسياسيين، وكذلك العامة غير المتخصصين.

ووسط الكم الهائل من الاجتهادات التي أتلقاها يوميا لا أكاد أصل لقناعة مهنية لتشخيص موضوعي للمشكلة، إذ إن المعروف أن السياسة النقدية للسلطة في أي دولة لا بد أن تكون منظمة وغير عشوائية، أو تأخذ طابع المزاجية أو الشخصنة إن صح التعبير، ولهذا، فإن الوضع الطبيعي أن يتساوى كل من الكتلة الورقية المطبوعة مع الكتلة السلعية في السوق، أي الإنتاج في الحدود الجغرافية للدولة حتى تضمن السلطة الحفاظ على قيمة الكتلة الورقية المطبوعة، وهذا ما لم أجد له أي أثر خلال سبع سنوات مضت، معللين الإخفاق الذي يحدث بالاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد والمنطقة العربية والقرن الإفريقي.

وقد حدد الباب الثاني من القانون رقم 14 لسنة 2000م الأهداف من البنك المركزي التي تمثلت بما ذكرناه سلفا، وأجاز في مواد أخرى من نفس القانون للأشخاص الاعتباريين ممارسة أعمال المصارفة وفق التشريعات والقوانين المنظمة، ولكنه لم يعطِ الحق لأي جهة غير مجلس إدارة البنك المركزي في التحكم والمحافظة على قيمة العملة الوطنية، مع العلم أنها لن تتحقق بشخص أو جماعة حزبية أو مذهبية أو غيرها، ولكنها تكون محصلة نهائية لعوامل عديدة يتفاعل بعضها مع بعض، وكل ذلك كان مدخلا أساسيا لسؤالي كيف استطاعت جماعة منقلبة على السلطة أن تعمل على استقرار أسعار الصرف في مناطق سيطرتها في ظل شح الإمكانات وحصار شديد على مناطق سيطرتها؟! مع العلم أن المناطق التي تسيطر عليها تلك الجماعات تتحكم تحكما كليا بالكتلة السلعية في ظل عدم وجود منفذ بحري تتحكم فيه، وعلى عكس ما يحدث في عدن التي تتمتع بكافة الإمكانيات في ظل وجود فشل واضح جلي للعيان، وبعدها توصلت لإجابة مقنعة تمثلت في أن ما يحدث في عدن والبنك المركزي هو نتاج غياب الإرادة السياسية، وتربع غير المؤهلين على مركز القرار في ظل جهالة مطلقة، وافتقارنا للأدوات المهنية المنتمية والعاملة بمفهومية واستيعاب في مجال تطبيق السياسات النقدية والاقتصادية في عدن والمناطق المجاورة لها.

وأخيرا نحن من نجعل أنفسنا حيث نشاء، ولعلاج الأمر، لا بد من وجود الإرادة السياسية التي توفر مناخا ملائما للأدوات العاملة كمهنيين منتمين للأرض والإنسان. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى