"قراءة متعمقة" في قرارات الحكومة والبنك المركزي.. الآثار والتوقعات

> عدن «الأيام» خاص:

> خلصت حلقة النقاش الخامسة حول قرارات الحكومة والبنك المركزي وآثارها المتوقعة "قراءة متعمقة" التي عقدت في العاصمة عدن أمس الأول الخميس إلى جملة من النتائج والتوصيات التي استنتجها عدد من الخبراء الاقتصاديين. ولاهمية النقاشات ونتائجها تورد "الأيام" نصها كالتالي:
المحور الأول: قرارات الحكومة والبنك المركزي وأهدافها المعلنة:

أطلق البنك المركزي والحكومة المعترف بها دوليًا مجموعة من القرارات لضبط السياسات النقدية والاقتصادية في المناطق المحررة، بعد الانهيار المتواصل لسعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وهنا نستعرض القرارات كالآتي:

أولًا: قرارات البنك المركزي
أ‌) قرار "معالجة التشوهات السعرية بالعملة الوطنية ومعالجة حالة الانقسام في السوق الاقتصادية"، الصادر بتاريخ ٢٩ يوليو ٢٠٢١م.
وقد تضمن هذا القرار عدة إجراءات تجلت في الآتي:

1 - ضخ العملة المحلية فئة الألف ريال ذات الحجم الكبير إلى السوق وفي كافة مناطق البلاد، وتكثيف التداول بها في السوق المحلية، ومعاودة تعزيز استخدامها في معاملات البيع والشراء النقدي، وبمستوى حجم تعامل أكبر.

2 - اتخاذ إجراءات منظمة لخفض حجم المعروض النقدي وإبقاءه في المستويات المقبولة والمتوافقة كميًا مع حاجة السوق، وذلك للحد من أي آثار تضخمية، وانعكاسه سلبًا على قيمة العملة المحلية.

3 - إلزام البنوك ومؤسسات التحويل والصرافة وخلال الفترة الزمنية القادمة بوقف فرض عمولات جزافية وغير واقعية على التحويلات الداخلية بين مختلف مناطق البلاد.

4 - منع التمييز السعري بين فئات العملة المحلية الواحدة.

5 - السحب التدريجي للريال من طبعة الحجم الصغير.

ب‌) قرار "نقل مراكز عمليات البنوك التجارية والإسلامية إلى عدن، الصادر بتاريخ ٥ أغسطس ٢٠٢١م.
ولقد تضمن هذا القرار مجموعة من الإجراءات تركز في الآتي:

- إلزام البنوك بتقديم البيانات المالية السنوية المدققة، والمتطلبات الإضافية المرتبطة بها، إلى البنك المركزي خلال مدة أقصاها خمسة عشر يومًا.
- تحميل البنوك غير الملتزمة المسؤولية الكاملة عن أي تبعات قد تترتب على إدراجها في القائمة الرسمية، وتصنيفها كبنوك غير ملتزمة، وذلك عطفًا على المذكرات الصادرة.

ج) قرار" فحص حسابات البنوك التجارية والإسلامية ومحلات الصرافة في عدن وتقديم نسخة من البيانات المالية إلى البنك المركزي"، الصادر بتاريخ ٢ أغسطس ٢٠٢١.

ولقد نص القرار على الإجراءات الآتية:
1 - أكد ضرورة أن يكون المحاسب القانوني المتعاقد معه، ضمن قوائم المحاسبين القانونيين المعتمدين لدى الإدارة العامة المختصة في وزارة الصناعة والتجارة في عدن.

2 - شدد على الالتزام بتقديم نسخة من القوائم المالية السنوية في موعد أقصاه 30 أبريل من كل عام.
3 - اتخاذ إجراءات مشددة تجاه شركات ومنشآت الصرافة، والذي سيتم إلزامها بالامتثال لكافة المتطلبات القانونية لمزاولة نشاطها وستخضع كل عملياتها للفحص والتدقيق وفق خطط وآليات تفتيش متقدمة.

د) قرار" ترحيل مبالغ النقد الأجنبي الخاصة بالبنوك التجارية والإسلامية إلى الخارج"، والذي صدر في ٥ أغسطس ٢٠٢١م.

ونص على الآتي:
1 - يتولى البنك المركزي ترحيل مبالغ النقد الأجنبي الخاصة بالبنوك التجارية والإسلامية المرخص لها والملتزمة فقط، لتغذية أرصدة حساباتها لدى البنوك في الخارج، بهدف تغطية اعتماداتها وتحويلاتها لأغراض عمليات الاستيراد.
2 - تخلي البنك المركزي عن أي التزامات أو أضرار اتجاه البنوك التي تصنف من قبله بأنها غير ملتزمة.

ه) قرار" الإعلان عن نية البنك المركزي اعتماد لائحة جديدة لتنظيم عمليات الصيرفة"، أصدر بتاريخ ٤ أغسطس ٢٠٢١م.
تتضمن اللائحة شروطًا وضوابط مشددة في عملية منح تراخيص لشركات الصرافة الجديدة أهمها:

1 - تقديم دراسات جدوى اقتصادية.
2 - تقديم موازنات تقديرية لمدة ثلاث سنوات معدة من مكتب محاسب قانوني معتمد.
3 - تحديد المواصفات والخصائص الفنية، بما في ذلك الأنظمة المحاسبية للصرافين لضمان سلامة ودقة البيانات والتقارير المالية الصادرة.

ثانيًا: القرارات الحكومية
تمثلت قرارات الحكومة بإصدار قرار بـ "رفع تقييم سعر الصرف الجمركي من ٢٥٠ إلى ٥٠٠ ريالًا للدولار"، وتم إصداره بتاريخ ٢٦ يوليو ٢٠٢١م.
إن الأهداف المعلنة لهذا القرار من قبل الحكومة تمحورت في الآتي:

1 - إن القرار يستهدف بالمقام الأول السلع الكمالية.

2 - زيادة الإيرادات العامة، التي تساهم في وقف تدهور العملة الوطنية، وتحسين الخدمات العامة وانتظام صرف مرتبات موظفي الدولة.

3 - إن القرار لن يؤثر على سعر السلع الغذائية الأساسية كونها معفاة أصلا من الرسوم الجمركية.

4 - حسب مصادر موثوقة فإن القرار قد نص على تحريك سعر صرف الدولار الجمركي، وتعفى المواد الأساسية (القمح - الأرز - حليب الأطفال، الأدوية) من الرسوم الجمركية استنادًا لقانون التعرفة الجمركية، كما تم الإعلان عن استثناء سلعتي زيت الطهي والدقيق من قرار رفع سعر الدولار الجمركي الجديد.

المحور الثاني: ردود الأفعال على قرارات الحكومة والبنك المركزي.
سوف نناقش في هذا المحور ردود الأفعال المختلفة على قرارات البنك المركزي المركز الرئيس عدن وقرار الحكومة الخاص بإعادة تقييم سعر الصرف الجمركي للدولار من 250 إلى 500 ريال لكل دولار والتي تم استعراضها في المحور الأول من خلال اتجاهين رئيسين هما:

الاتجاه الأول: ردود الأفعال في المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة الشرعية.
الاتجاه الثاني: ردود الأفعال في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وسوف نعرض ردود الأفعال بحسب كل جهة مرتبطة بتطبيق تلك القرارات كل على حده وعلى النحو التالي:
الاتجاه الأول: ردود الأفعال في المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة الشرعية.

أ‌) رد فعل الغرف التجارية:
تركز رد الغرفة التجارية عدن بدرجة رئيسة على قرار الحكومة برفع تقييم سعر الدولار الخاص بالجمارك في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا من 250-500 ريال للدولار الواحد، حيث ساد سعر الصرف الجمركي 250 ريالا للدولار لحوالي سبع سنوات منذ اندلاع الحرب في 2015م، وقد أعلنت الغرفة التجارية رفض تطبيق هذا القرار موردة الأسباب الآتية:

1) إن القرار سيؤدي بشكل مباشر إلى مجاعة بين المواطنين.

2) القرار سيضر بشدة بحركة التجارة في ظل الظروف المعيشية الحالية مثل انهيار القوة الشرائية للعملة الوطنية مع ضعف مداخيل المواطنين، وزيادة من دائرة الفقر بين المواطنين.

3) سيؤدي القرار إلى اختلالات في سلاسل توفر المواد الغذائية.

4) سوف يزعزع القرار استقرار المجتمع أمنيًا، بسبب توسع نطاق الجوع بين المواطنين.

5) عدم تشاور الحكومة مع الغرف التجارية والصناعية قبل إصدار القرار.

6) إن تطبيق القرار سيؤدي إلى استيراد بضائع أقل جودة لتقليل الكلفة.

7) سيؤدي القرار إلى رفع أسعار المواد المستوردة إلى قرابة الضعف وسوف يتحملها المواطن.

8) سيتسبب تطبيق القرار في توسيع عمليات التهريب.

9) سيسبب القرار بالعزوف عن ميناء عدن ويضر بإيرادات الدولة، ويضر بنشاط ميناء عدن عمومًا.

يدعو بيان الغرفة الحكومة إلى وقف تنفيذ القرار كما دعت التجار إلى تجميد فتح أي استمارات تخليص جمركي.

ونستطيع القول إن بيان الغرفة التجارية والصناعية عدن قد كان مباشرًا وقويًا وأبرز مخاوف التجار من تنفيذ القرار برفع شعارات مصلحة السكان والدولة والميناء ومعبرًا من خلال ذلك عن مخاوف تجارية تتعلق بزيادة الأسعار، وأثرها على تقليص الطلب على السلع المستوردة، وما يلحق ذلك من ركود واسع النطاق يضاف إلى الركود الحالي بسبب ضعف القوة الشرائية للسكان الناتج عن ضعف الدخل وانهيار العملة، وهي مخاوف في محلها.

بيان آخر للغرفة التجارية والصناعية عدن بتاريخ ١٥ أغسطس ٢٠٢١م والذي تضمن التالي:

١ - عدم إخراج الحاويات من الميناء.

٢ - تشكيل لجنة من القطاع الخاص والحكومة للتفاهم حول القرار والوصول لصيغة ترضي الجميع.

٣ - خلال الأيام القادمة إذا لم يتم التوصل لحل يرضي الجميع سيتم الإعلان عن إضراب عام للتجار.

٤ - اللجوء إلى القضاء وطلب حكم المحكمة المستعجل لتجميد القرار.

إن من حق التجار المطالبة بالحوار والتفاهم والاشتراك في لجنة مع طرف الحكومة للتفاهم حول القرار وآثاره على التجارة وعلى توفير السلع للسوق، كما إن من حق التجار اللجوء إلى القضاء، أما التلويح بالإضراب فقد يكون إجراءً غير محسوب في الظروف الحالية.

ب‌) رد فعل مؤسسات الصرافة على قرارات البنك المركزي عدن.

كان رد فعل مؤسسات التحويلات المالية والصرافة على قرارات البنك المركزي قوية ومباشرة وتمثلت في التالي:

أ‌) إعلان الإضراب العام بتاريخ 4 أغسطس 2021م، وأوردت جمعية الصرافين المبررات التالية للإضراب:

1 - إن الإضراب يأتي لأجل المصلحة العامة وبسبب الحالة الاقتصادية الراهنة.

2 - استنفاذ كافة الوسائل والجهود مع الجهات الرسمية للوصول إلى حلول جذرية لمطالب الجمعية.

هذا وقد دعت الجمعية إلى إغلاق كافة شبكات التحويلات المصرفية ودعت البنوك التجارية إلى الإضراب العام.

هذا ولم يكشف بيان الإضراب عن أي تفاصيل أو مطالبات سابقة للجمعية.

ب‌) إعلان جمعية الصرافين رفع الإضراب العام ابتداءً من يوم السبت 7 أغسطس 2021م، وبررت ذلك في الحفاظ على المصلحة العامة واستجابة لجهود عدة جهات تسعى لتحقيق الاستقرار في أسعار الصرف.

ج‌) إعلان جمعية الصرافين بتاريخ 28 يوليو 2021م، تحديد سعر صرف الريال السعودي بسعر259 ريالا يمنيا للشراء وبسعر 260 ريالا يمنيا للبيع، كإجراء للحد من تدهور سعر صرف العملة المحلية، ولم يرَ القرار طريقه إلى التطبيق إذ ساءت أسعار الصرف أكثر من ذلك في السوق كما أن القرار كان مفاجئًا ولم تتضح مبرراته عمليًا.

د‌) تأسيس مصرف القطيبي الإسلامي للتمويل الأصغر كتطور مفاجئ وإيجابي وكرد على التطورات الأخيرة في السوق المالية والمصرفية.

ويمكن القول إن ردود فعل جمعية الصرافين قد كانت مرتبكة ومستعجلة وغير واضحة الأهداف والمطالب، الأمر الذي يعكس مشاكل خفية وضغوطا كبيرة وإرباكا واضحا في سوق صرف العملة وإدارتها وخاصة من قبل البنك المركزي لعدم وجود تنسيق مع مؤسسات الصرافة والتحويلات المالية ومع البنوك التجارية بالإضافة إلى مشكلات أخرى تتعلق بنشاط الصرافين في مناطق الشمال الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء.

ج) رد فعل اللجنة الاقتصادية للمجلس الانتقالي

أولًا: عقدت اللجنة الاقتصادية اجتماعين مع جمعية الصرافين وقد صدر عن اللقاءين عدة قرارات لم تتماشى مع القرارات التي اتخذها البنك المركزي بشكل عام وأكد اللقاءين على التعاون والتنسيق والسعي لحل المشاكل الخاصة بسعر الصرف والعملة المحلية في عدن بهدف رفع المعاناة عن المواطنين وشدد الحاضرون على ضرورة قيام الحكومة والبنك المركزي بتفعيل دور أجهزة الدولة لحل المشاكل الاقتصادية وخاصة سعر الصرف والأسعار.

ثانيًا: عُقد اجتماع مشترك ضم ممثلين عن اللجنة الاقتصادية للمجلس الانتقالي والغرفة التجارية والصناعية وجمعية الصرافين والبنوك، حيث أقر الاجتماع التالي:

1 - تخفيض خمسة ريالات يمنية يوميًا بسعر الصرف للريال السعودي مقابل الريال اليمني ابتداءً من تاريخ 10/ أغسطس/ 2021م، حتى يصل سعر صرف الريال السعودي إلى 240 ريالا للشراء و242 للبيع.

2 - تشكيل لجنة مدفوعات برئاسة رئيس الغرفة التجارية والصناعية عدن وممثلين عن الجهات المشاركة في الاجتماع.

3 - قيام الجهات الأمنية بمتابعة ومراقبة سوق الصرف واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال وجود مخالفات لما اتفق عليه مثل الإغلاق أو الغرامة أو السجن حسب المخالفة.

4 - أحكام الرقابة على المنافذ البرية والبحرية والجوية لمنع تهريب العملات الأجنبية خارج المناطق المحررة.

ويلاحظ أن الجهود المشار إليها أعلاه من الغرفة التجارية والصناعية وجمعية الصرافين لا تتماشى بشكل عام مع قرارات الحكومة، والبنك المركزي، ولم يتم التنسيق معها كجهات تملك وسائل التأثير الفعالة على سوق الصرف والأسعار، ونعتقد أن تلك الجهود سوف تواجه الصعاب في التنفيذ الفعلي.

د) رد فعل الأسواق
شهدت أسواق الصرف وأسواق السلع وأسواق تبادل العملة المحلية وبطبعاتها المختلفة توترًا متزايدًا واضطرابات اجتماعية خلال فترة ما بعد اتخاذ القرارات من الحكومة المعترف بها دوليًا ومن البنك المركزي التابع لها، ويمكن الإشارة إلى الآتي:

1 - سعر الصرف:
ازداد سعر الصرف بشكل ملفت ليصل إلى أرقام جديدة، سواءً سعر صرف الدولار أو الريال السعودي في كل المناطق الخاضعة للسلطات المالية للبنك المركزي عدن .

2 - ازدادت أسعار السلع بشكل منفلت وبما يتجاوز الزيادة في أسعار الصرف، بسبب قرار الحكومة زيادة سعر الصرف الدولار الجمركي، وبسبب ما أحدثه ذلك القرار من اضطرابات في عمليات التخليص الجمركي في ميناء عدن، بسبب توقف التجار والمستوردين عن استكمال بياناتهم الجمركية للسلع الواصلة إلى الميناء قبل إصدار القرار.

3 - ازداد الوضع تعقيدًا في المعاملات التجارية والتحويلات بين عدن وصنعاء، فيما يتصل بالتعامل بالطبعات المختلفة من العملة المحلية وازدادت رسوم التحويل بشكل جنوني ليصل حسب مصادر غير رسمية إلى حوالي 70 % من مبلغ التحويل.

4- أحدثت تلك الإجراءات اضطرابات اجتماعية مثل الدعوة إلى الإضرابات العامة في عدة محافظات وأصدرت نقابات عمالية بيانات شديدة اللهجة، تطالب بحل المشاكل الاقتصادية ورفع الأجور لتتناسب مع ارتفاع الأسعار وتدهور سعر العملة.

الاتجاه الثاني: ردود الأفعال في المناطق الخاضعة لسيطرة سلطات صنعاء غير المعترف بها دوليًا:

تميزت ردود الأفعال في تلك المناطق بردة فعل قوية كالعادة، بالتهديد والوعيد بالويل والثبور وعظائم الأمور وتوزيع الاتهامات شرقًا وغربًا.

أ‌) رد فعل الغرف التجارية
1 - أصدر الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية ومقره صنعاء، بيانًا يؤيد فيه بشكل كامل بيان غرفة تجارة وصناعة عدن.

2 - تم إصدار بيان آخر من الغرفة التجارية والصناعية في صنعاء، والغرفة الملاحية في الحديدة واتحاد مستوردي القمح، وتجار الاستيراد، يرفض قرار الحكومة بتعلية سعر الصرف الجمركي إلى 500 ريال للدولار، حيث سيسبب - حسب البيان - اختلالات في الإمدادات الغذائية، كما سيسبب أزمة في الشحن الدولي وارتفاع في التكاليف، وسوف تزيد التكاليف أكثر فأكثر على الحاوية الواحدة.

ب‌) رد فعل البنك المركزي صنعاء:
أصدر البنك المركزي- صنعاء بيانًا شديد اللهجة خلط الأمور المالية والاقتصادية والسياسية، وأصدر تهديدات مباشرة لكل الأطراف بعدم التعامل مع قرارات وإجراءات البنك المركزي عدن، وأهم ما ورد فيه التالي:

1 - أكد على تحييد النشاط المصرفي والاقتصادي بعيدًا عن التجاذبات السياسية.

2 - سمح للبنوك في صنعاء بتزويد مركزي عدن بكافة البيانات والتقارير التي تخص عملاء وعمليات البنوك في المناطق غير الخاضعة لبنك صنعاء المركزي.

3 - أكد على رفض الاعتراف بقرار نقل البنك المركزي إلى عدن باعتبار ذلك تسييس للبنك.

4 - منع البنوك والصرافين من نقل عملياتهم إلى عدن.

5 - منع شركات الصرافة وشبكات التحويل من التعامل مع 14 شركة صرافة وشبكات تحويل مالية تعمل في المناطق الجنوبية كرد على إجراءات البنك المركزي عدن.

ج) رد فعل سلطات صنعاء:
صدرت عدد من ردات الفعل من قبل سلطات صنعاء غير المعترف بها دوليًا، كانت في المجمل حزم ملتهبة من التهديد والوعيد وتوزيع التهم شرقًا وغربًا وأهم ردود الفعل في الجوانب المتصلة بقرار الحكومة في البنك المركزي عدن هي التالي:

1 - تشكيل غرفة عمليات من وزارة الصناعة والتجارة ووزارة المالية ومن النيابة العامة لمراقبة الأسعار والاستيلاء على أموال أي تاجر وسحب رخصته في حال القبول بسعر الصرف الجمركي الجديد.

2 - الإبقاء على سعر الصرف الجمركي 250 ريالا للدولار.

3 - تخفيض الرسوم الجمركية على البضائع المحملة في حاويات عبر ميناء الحديدة بنسبه 49 %.

4 - خفض أسعار السلع بنسبه 40 %.

5 - صدور بيان من جمعية البنوك اليمنية في صنعاء بتاريخ ١٢ أغسطس ٢٠٢١م، حول ما أسماه البيان التهديدات للبنوك اليمنية من قبل البنك المركزي عدن، حيث لمح البيان إلى رفض قرار بنك عدن بنقل مراكز عمليات البنوك إلى عدن موردًا الحجج التالية:

- إن تحديد مقرات البنوك ليس من اختصاصات البنك المركزي.

- ضرورة أن تكون مقرات البنوك الرئيسة بالقرب من مراكز النشاط التجاري.

- المخاوف من تعرض أموال المودعين لمخاطر جراء النقل إلى عدن.

- بقاء البنوك في صنعاء يمكنها من متابعة القروض الممنوحة من البنوك.

- إن البنوك العاملة في صنعاء ملتزمة بكل القوانين واللوائح المنظمة لعملها، بما فيها قوانين محاربة غسيل الأموال ومكافحه الإرهاب.

ويلاحظ أن البيان هو استمرار للمناكفات السياسية بين بنكي عدن وصنعاء وخضوع البنوك في صنعاء لسياسات السلطات هناك وخلط البيان عن قصد بين نقل مراكز عمليات البنوك ونقل مقرات البنوك في محاولة واضحة لتبرير رفض قرار البنك المركزي عدن.

من خلال ردود الفعل أعلاه يتبين استمرار التصعيد بين السلطتين المتحاربتين ونقل الصراع والحرب أكثر فأكثر إلى الميدان المصرفي والمالي والاقتصادي. كما يمكن القول بعدم إمكانية تحقيق التخفيضات في الجمارك على السلع المستخدمة للحاويات لمنع التحالف من إدخالها إلى ميناء الحديدة.

ومما يجدر الإشارة إليه وجود مرونة واضحة في موقف صنعاء في السماح للبنوك والمصارف بالتعاون مع البنك المركزي عدن، لأهمية نشاط التجار في توفير السلع وتأمين حاجات الأسواق في مناطق سيطرتهم شمالًا.

المحور الثالث: الآثار المتوقعة للقرارات الأخيرة للحكومة والبنك المركزي.

سوف يتم بيان آثار القرارات من خلال الاتي:

1) توقيت صدور القرارات ومناطق تطبيقها

كان لانخفاض القوة الشرائية في نهاية شهر يوليو وبداية شهر أغسطس ووصول الريال اليمني إلى حافة الهاوية، حيث وصل إلى أن كل دولار يساوي 1065 ريالًا، وهو أمر ينذر بحدوث مجاعة وكارثة اقتصادية تضاف إلى الحرب المستمرة قرابة السبع سنوات، وأن التفاوت والفارق الكبير في سعر الصرف بين مناطق سيطرة مليشيات الحوثي ومناطق الشرعية خلق حافزًا قويًا للمضاربة ونتج عنه تحقيق أرباح خيالية، ولذلك جاءت قرارات البنك المركزي عدن دفعة واحدة لمعالجة التشوهات السعرية الناتجة عن الأخطاء التي وقع فيها البنك المركزي عدن، والتقطها البنك المركزي صنعاء، ومن ضمن الأخطاء هي الإصدارات النقدية بين عامي 2017 و2018م دون سحب العملة الطبعة القديمة، مما جعل الطبعة القديمة في أيدي المليشيات واعتماد استخدامها في مناطق مليشيات الحوثي، كما إن القرارات التي تصدر من البنك المركزي عدن لا تطبق في مناطق سلطة الأمر الواقع، مما خلق تشوهات سعرية واضحة في العملة الوطنية في دولة واحدة، حيث توقيت صدور القرارات جاءت متأخرة كثيرة جدًا مع حدوث متغيرات كثيرة في واقع الحياة المالية حيث أغفلت الحكومة الشرعية فارق سعر الصرف، وتفريخ محلات الصرافة بشكل يفوق حجم الاقتصاد الوطني، حيث وصلت أعداد محلات ومنشآت الصرافة بشكل رسمي إلى 280 محلًا ومنشأة، ومع ضعف إجراءات الرقابة وتراخي أجهزة الدولة وتغلل الفساد الإداري أدى الأمر إلى بروز اقتصاد الحرب، حيث كانت مناطق سيطرة الشرعية هي التي تتحمل فارق سعر صرف الدولار بين عدن وصنعاء.

لذلك قرار البنك المركزي بعدن بتاريخ 29 يوليو 2021م، سحب الطبعة ذات الحجم الصغير وضخ ذات الحجم الكبير فئة 1000ريال، فهي قرارات لن تطبق في مناطق سيطرة المليشيات، لذلك سيظل الانقسام مستمر.
إن القرارات والإجراءات المرافقة لها التي أصدرها البنك المركزي عدن والتي تم التطرق لها في المحور الأول من حلقة النقاش، تعاني هذه القرارات من إشكالية عدم التطبيق في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي مما يعني وجود نظامين نقديين منفصلين كليًا.

2) قراءة في أثر القرارات المتخذة بحسب الأهداف المعلن عنها

بحسب الأهداف المعلنة والقرارات الصادرة بشكل متسارع ومتتابع، نجد أن الإجراءات والتدابير المتخذة كان هدفها وقف التدهور التي تشهد العملة الوطنية والدفاع عنها، وهذه مهمة أساسية من مهام البنك المركزي بعدن والتي تخلى عنها لصالح البنك المركزي صنعاء، ولذا لابد من وضع حد لهذا النشاط غير المرغوب فيه في ظل دولة واحدة وعملة واحدة فلا يجب أن يكون هناك تمييز سعري بين فئات العملة الواحدة، إلاَّ في حالة وجود عملتين لدولتين، فأثر القرارات يتوقف على مدى جدية السلطة النقدية بعدن في التنفيذ الفوري ومدى استجابة سلطة صنعاء لهذا الإجراء الذي سوف يحل مشكلة الانقسام فورًا.

من ناحية الإجراءات ضد محلات الصرافة يجب أن تتخذ فورًا، والعمل على تقليص محلات الصرافة وفرض الرقابة والإشراف على مراكز العملات ومنع التداول خارج الشبكة الإلكترونية.
إن نقل مراكز عمليات البنوك التجارية والإسلامية خطوة في طريق تصحيح العمل المصرفي، وإعادة الدورة النقدية لكي تمارس الأنشطة المالية تحت إشراف البنك المركزي عدن.

إن إعلان البنك المركزي عدن أنه سوف ينزل صكوك بقيمة 400 مليار ريال يمني، ففي حالة إصدار هذه الصكوك فإن الثقة المنعدمة بين البنك المركزي اليمني عدن الذي ظلت قراراته دائمًا حبر على ورق غير قابلة للتنفيذ، فإن انعدام الثقة من قبل الجهة التي سوف تشتري هذه الصكوك، حيث إن أموال البنوك من أذونات الخزانة مجمدة لدى البنك المركزي مما يجعل الإقبال ضعيفًا على الشراء في ظل تنازع الثقة، كما إن تآكل القوة الشرائية للعملة الوطنية المستمر وانخفاض سعر الفائدة في ظل استمرار التضخم يعد أكبر عائق لأي استثمار في الصكوك التي سوف تصدر من قبل البنك المركزي عدن.

إن القرار الحكومي برفع الدولار الجمركي على السلع غير الأساسية، كان قرارًا يجب أن يتخذ من قبل نظرًا لأن المجتمع ظهرت فيه طبقة استهلاكية كبيرة، وبدأت تتحول إلى استخدام السلع الكمالية تقليدًا لدول الجوار ذات الرفاهية، وهذا القرار بما يقلص استيراد السيارات الفارهة والآثاث الفخمة.
إن تقادم التشريعات المنظمة للقطاع المالي في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم تعد حجر عثرة نظرًا لغياب الدولة الفاعلة على أرض الواقع، وهذه تعد مشكلة كبرى.

3) مقترح بحزمة من القرارات التكميلية
هناك العديد من التدابير يجب أن تترافق وتتوافق مع السياسة النقدية، وتسيران بشكل متوازي وهي السياسة المالية في الجوانب النقدية نقترح الآتي:
1 - تحييد البنك المركزي عن التجاذبات السياسية، وتجنب إصدار القرارات الارتجالية وغير المدروسة ردة فعلها، ولا تكون دفعة واحدة بشكل حزمة قرارات.

2 - تحديد أماكن أو محلات محددة لتبادل العملات وتكون مربوطة بشبكة مع البنك المركزي، بحيث تكون المراكز مكشوفة لدى البنك، والسرعة في إغلاق حسابات الأفراد والشركات ومنع فتحها في غير البنوك المخولة قانونيًا، لأنها لا تخضع لأي متطلبات تحفظ حقوق المودعين، وأن تكون محلات الصرافة مراكزها الرئيسة بعدن.

3 - الإفراج عن الأرصدة المجمدة بالدولار لدى البنك المركزي وهي ملك للبنوك التجارية والعمل على جعل البنوك التجارية هي التي تنفذ العمليات الدولية مع البنوك المراسلة ومنع محلات الصرافة من القيام بذلك.
4 - بحسب قرار البنك المركزي تراجع القوائم المالية من قبل مدقق مسجل لدى البنك المركزي عدن، إلاَّ إن القوائم المالية لم تعد تعبر عن مراكز البنوك التجارية والإسلامية الحقيقية من أصول في تقييم الأصول.

5 - اتخاذ حزمة من الإجراءات التي تدعم موقف العملة الوطنية، وتوحيد سوق الصرف، وبحيث يتم اعتماد تسعيرة عمليات الشراء والبيع من قبل البنك المركزي عدن في كل مناطق الجمهورية.
6 - تطبيق اللوائح والأنظمة والأحكام الخاصة بنشاط محلات الصرافة، وفرض العقوبات والإغلاق لأي مخالفة لأحكام قانون الصرافة.

7 - السيطرة على الكتلة النقدية والقيام بعملية تبديل العملة الحجم الصغير مقابل الحجم الكبير من قبل البنوك التي مراكزها بعدن من أجل التحكم في عمليات العرض والطلب على العملات الأجنبية والتوقف عن طابعة البنكنوت، نشر البيانات المالية للبنك المركزي عدن شهرية وربع سنوية وسنوية.
8 - إعادة الدورة النقدية إلى مسارها الصحيح بنك مركزي وبنوك تجارية وجمهور عبر تفعيل أدوات السياسية النقدية.

9 - توريد موارد النفط إلى البنك المركزي عدن بدلًا عن البنك الأهلي السعودي، وعدم صرف أي مرتبات أي قوة عسكرية بغير العملة الوطنية كي لا تحدث أي مضاربة بالعملة الوطنية.
10 - إعادة استثمار حقوق السحب الخاصة وعدم إنفاقها في تمويل الواردات.

11 - إيقاف تمويل واردات مليشيات الحوثي بعدم تجريف العملات الأجنبية إلى مناطق المليشيات عبر نقل مقرات الشركات التجارية لعدن والمكلا.
إن الجهود المبذولة والرامية لاستقرار سعر صرف العملة الوطنية يجب تترافق مع سياسة البنك المركزي لحزمة من السياسات المالية والضريبية ومنها الاتي:

- رفع الضريبة الجمركية على السلع الكمالية، مع إعادة النظر في هيكل الضرائب المباشرة وغير المباشرة وفرض ضريبة الممتلكات والإيجارات بما يتواكب مع المتغيرات الاقتصادية.
- إيقاف توريد أي ضريبة إلى مليشيات الحوثي من مناطق الشرعية من أي مؤسسة إيرادية في مناطق الشرعية.

- تسديد الضرائب عبر نظام آلي عبر النت لمنع الرشاوي والتهرب الضريبي.
- ترشيد الإنفاق على السلك الدبلوماسي، ومنع سفر الوزراء إلى الخارج، مع بقاء الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن.

- بناء محطات غازية لتوليد الطاقة الكهربائية، واستئناف صادرات الغاز من بلحاف، وكذلك تنشيط الموانئ الجوية والبحرية والبرية وتوريد إيراداتها للبنك المركزي عدن.
- التنسيق المسبق مع القطاع الخاص أو ممثلية بكل ما يتخذ من قرارات اقتصادية أو تجارية مع الجهات ذات العلاقة لكي تتجنب الحكومة أي ردة فعل سلبية.

- إعفاء جميع السلع الضرورية التي تمس حياة المواطنين من أي ضرائب تضاف على كاهل المواطن في ظل الظروف الحالية.
إن هذه الإجراءات والتدابير لن يكتب لها النجاح إذا لم يتم إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة المتضخم، والذي يزيد الضغوطات على الميزانية العامة للدولة، مما يجعل الدولة تلجأ إلى سياسة تمويل بالعجز، عبر طباعة الأوراق النقدية لتغطية بند الرواتب والأجور:

1 - حوكمة شاملة لإصلاح الهياكل المؤسسية والتنظيمية للبنك المركزي عدن، وشغل الوظيفة العامة عبر المفاضلة وحسب الكفاءة في البنك المركزي عدن، وإعادة نظام البصمة للموظفين ومنح الرقم الوطني في جميع الإدارات الحكومية الخدمية، وإعادة هيكلة باب الرواتب والأجور بما يتواكب مع انهيار القوة الشرائية للعملة الوطنية.

2 - الإحالة إلى التقاعد في السن القانوني أو إحدى الأجلين وتجريم الازدواج الوظيفي وتطبيق مبدأ العقاب والثواب في شغل الوظيفة العامة، مع اتباع الأساليب الحديثة في الإدارة عبر الأتمتة.
أي قرارات لن تنفذ ويكتب لها النجاح، إلاَّ عبر جهات رقابية وإشرافية مجتمعية، تصوب الأخطاء فإنه بدون وجود أجهزة رقابية ومتابعة، سوف تذهب الجهود، ولن يستفاد من القرارات والإجراءات المتخذة إلا بوجود الاتي:

- إعادة أحياء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للقيام بالدور المناط به.
- تفعيل الرقابة والإشراف عل أنشطة الأعمال المصرفية مع إشراك منظمات المجتمع المدني في الدور الرقابي.

- استخدام الحاسوب والأنظمة الحديثة التي تعمل على رفع الأداء المالي.
- تكثيف حملات التفتيش والحملات الأمنية.

رابطة الاقتصاديين
إعداد وصياغة النتائج:
1 - د/ حسين سعيد الملعسي، أستاذ الاستثمار الأجنبي المشارك، رئيس قسم الاقتصاد الدولي، جامعة عدن.
2 - د/ محمد صالح الكسادي، أستاذ الأسواق المالية المشارك، رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية، كلية العلوم الإدارية، جامعة حضرموت.
3 - د/ بثينة عبدالله إسماعيل العراشة، متخصص في العلاقات الدولية، والأستاذ المساعد في قسم الاقتصاد الدولي، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى