سُدل الستر فإلى الحوار

> عبدالرب أحمد درويش

> لماذا أثارت مبادرة (دعوة) الجنوبيين للحوار مع بعضهم البعض حفيظة وامتعاض وهستيريا واستنفار البعض، ومخاوف وخشية البعض الآخر – عوضًا عن الامتنان والترحيب والإشادة والمؤازرة أو على أقل تقدير لمضامينها ومقاصدها وأفضليتها الأخلاقية والإنسانية النبيلة التي كان من المفترض أن تقابل بها مثل هكذا دعوة أو مسعى، وسواء كانت من قبل الجنوبيين أم غيرهم؟

وفي السياق نفسه، أليس من حق الجنوبيين أو غيرهم التداعي والتشاور والتجمع كشعب ونخب سياسية وثقافية واجتماعية مخضرمة ومعاصرة وصاعدة لقول كلمتهم متى وأين يشاءون، وطرح تصوراتهم فيما يجري ويعتمل في وطنهم وخلف الكواليس وغيره – سواء لوقف الحرب أو للحل والسلام المزمع إحلاله لما بات يعرف بـ (الجمهورية اليمنية) وما بات يوصف بـ (الحالة / الأزمة / الحرب – اليمنية) باعتبار الجنوبيين أحد طرفي معادلتها الأصلية، أم إن هذا الحق حصريًا ومباحًا لطرف فيها دون الآخر ومصادرًا ومحرمًا على الجنوبيين عنوة أو استثناء دون علمهم.. أثابكم الله أفيدونا؟.

إن الدعوة والمسعى إلى الحوار يا سادة فضيلة بلا منازع وليست رذيلة أو خطيئة، وهي أيضًا صحوة ضمير وكلمة سواء – لدرء الفتنة وحقنًا للدماء، لا بل واستجابة لصوت العقل وتغليب الحكمة واستشعارًا بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية وقبول الآخر، واعترافًا بحق الجميع، وإقرارًا بالشراكة الحقة، ونبذًا للغلو والتطرف والتفرد والإقصاء وإنهاء لفزاعة القطيعة المدبرة والوهمية، وعملًا بنصيحة الأشقاء والأصدقاء ومبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة لإسقاط ذريعة الانقسام الجنوبي والاستقطاب واستغلال الصفة "الجنوبية" من قبل صنعاء لإخفاء نواياها وشرعنة غزو صيف 94 ونتائجها وغيره.

ثم إنها بلا شك جنوحًا للسكينة والسلم الأهلي والوئام الوطني، وتأكيدًا للقطيعة مع ثقافة التطرف والإقصاء الدخيلة على الجنوب وشعبه وقادة الاستغلال الوطني، بل ومتناغمًا مع نعمة وثقافة التصالح والتسامح وتجذيرًا وتجسيدًا لهما... فلماذا كل هذا التحامل والاستنفار وبعث واستهجان ما لا يطيقه ولا يقبله الجنوبيون!

ومن كان يعتقد أن المسعى والدعوة للحوار الجنوبي جاءنا رغبة أو نزوة أو نزهة أو ضعفًا لزيد أو عمرو أو مدفوعة الأجر أو تلبية لرغبة هذا الطرف أو ذاك – فهو ضال وواهم، ومع ذلك نقول لمن نحب لا حرج أو عتب ونلتمس له العذر ليس إلا، ولغيره مدعو له بالهداية ومراجعة حساباته – وإنما هي مطلب شعبي وحاجة وطنية – جنوبية صرفة وضمانة أكيدة للحاضر الملغوم والمستقبل المنشود وللسير بخطى ثابتة وواثقة وآمنة معًا، ولقد قدر أن تكون الدعوة للحوار والمسعى له بمثابة جس نبض لمصداقية النوايا وكشف ما كان مستورًا ويدبر ويحيق بالجنوب وشعبه خلف الكواليس وفي عتمة الليل.

فمرحى للحوار والسكينة والوئام الجنوبي، وألف مرحى ومرحبًا للسلام وحسن الجوار مع الأشقاء والأصدقاء، وتبًا للوقيعة والقطيعة، وتبًا للإرهاب والفساد وتجار الحروب والدمار، وكفى صراخًا، كشفت عورة الصرخة والوحدة أو الموت – كشعار، قضي الأمر، وعزف نشيد السلم والحوار، ولا بديل لوقف الحرب والاقتتال سوى – الحوار، سُدل الستار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى