في علم الميكانيكا الذي يسمونه العرب علم الحِيَل، وقبل دراسة حركة الأجسام فإنه يجري تصنيفاً لتلك الأجسام من حيث إمكانياتها وقدراتها على الحركة. فيقال مثلاً إن الجسم (س) لديه ست درجات من الحرية إذا كان بإمكانه أن يتحرك صعوداً ونزولاً (رأسياً) ويدور حول محوره الرأسي وتحسب تلك كدرجتين من درجات الحرية، ثم حركته باتجاه اليدين المفرودتين يميناً ويساراً والدوران حول هذا المحور وتلكما تحسبان بدرجتين من درجات الحرية، ثم الحركة إلى الأمام وإلى الخلف والدوران حول هذا المحور، وبذلك تكتمل درجات الحرية الست.
إن فقدان أي كمية من درجات الحرية تقلل بالتأكيد من حرية الحركة وتجعل من الجسم خاضعاً لضغوط تزيد أو تنقص طبقاً لدرجات الحرية الضائعة، ومن أبسط مواطن إلى أكبر قائد نحن واقعين تحت هذه الضغوط. حتى رؤساء أقوى الدول في العالم واقعون تحت ضغوط شعوبهم ومتطلبات تلك الشعوب في كافة مجالات الحياة، وواقعون تحت الضغوط الدولية في لعبة تجاذب المصالح بين الدول والشعوب. وتحت الضغوط المذكورة تصنّع السياسات وتُدار فيما بين أطراف اللعبة السياسية التي قد تكون محلية أو إقليمية أو عالمية.
نحن واقعون تحت ضغوط التحالف الفاشل، وضغوط الحكومة الفاشلة، وضغوط المجلس الانتقالي الذي فضّل أن يلعب دوراً يعكس العجز المطلق برغم وجود مؤهلات حركة لديه أفقدته إياها سياساته (غير المفهومة لنا كشعب) مع الغير، ممن لا يرحمون الميّت ناهيك عن الأحياء. الضغوط المسلطة من الحلفاء والأوصياء والمتمثلة في فكفكة ما تبقى من منظومة الدولة والغياب المتعمد للدور الأبسط الذي تقوم به أي دولة من تقديم الخدمات العامة الاعتيادية للشعب.
هناك درجات حركة كانت متاحة لدى الانتقالي لخدمة الشعب والقيام بالدور الذي فُوِض به، وكان قد جرب القيام بدوره وبدأ بالنجاح، لكنه كُبِّل وسرق التحالف مفتاح قيده، ولا يزال مقيداً فاقد الحركة.