إلى أين أنتم ذاهبون؟

> "تحكيم العقل بدل اللعب بالنار"، حصلت حادثة لأحد المغتربين من أبناء الشمال القادمين من أمريكا في الصبيحة، ومثلها كانت حوادث مشابهة على خط العبر أو في وادي حضرموت أو أماكن أخرى، لكن لم يؤدِ مثل تلك الحوادث إلى تجييش الجنوب ضد الشمال، لكن في حالة السنباني نشاهد استغلال هذه الحادثة الجنائية لتجييش الشمال ضد الجنوب، واشتركت فيها كل الأطراف الشمالية شرعية وانقلابيين ومغتربين في الخارج، ويجري ذلك استباقاً لأي تحقيق جنائي لمعرفة ملابسات الحادثة، وكأن في الأمر شيء آخر، وفي الوقت الذي كثير فيه أبناء الجنوب بمختلف توجهاتهم تفاعلوا مع حادثة السنباني، وطالبوا بتحقيق شفاف وتطبيق العدالة، لكننا في المقابل لم نرى أي تفاعل من أي جهة شمالية مع الحوادث التي تخص أبناء الجنوب.

المجلس الانتقالي الجنوبي بادر وأصدر قراراً بتشكيل لجنة تحقيق وإظهار الحقائق وأي شخص مدان يتحمل عواقب تصرفه، وهناك الكثير من اللجان التي صدرت حتى من الرئيس هادي نفسه مروراً برئيس الوزراء ومحافظ محافظة لحج، ما يعني أن هناك اهتماماً خاصاً بهذه الحادثة بالذات لأسباب كثيرة منها أنها حدثت في هذا المكان بالذات، وأنها حدثت وعناصر من قوات الانتقالي لها علاقة بالأمر، ويمكن لأنه كما يقال يملك الجنسية الأمريكية، وبهذا يعتبر مواطناً أمريكياً، ولا بد من إرضاء العم سام واستعطافه، لكن في نفس اليوم ماتت عجوز جنوبية في منفذ الوديعة بعد أن رأت ابنها يتعرض للضرب المبرح أمامها من قبل قوات الشرعية القابعة في الرياض، وفِي نفس اليوم قتل أحد أبناء أرحب في صنعاء على أيدي قوات الحوثي ولم يصدر أحد لجنة تحقيق أو حتى إدانة أو بيان مواساة لتلك الأسر المغدور بها، وهناك العشرات من الأسر التي تعرضت للقتل في تعز وأماكن أخرى لم يرف لهذه القوى جفن واحد لتطلق عقيرتها للحشد ضد من قاموا بهذه الأفعال الشنيعة.

من الواضح أن قضية السنباني قد تحولت عن مسارها الجنائي إلى مسار سياسي، ويتم تجييش الشماليين بكل طوائفهم ضد الجنوب والجنوبيين، وتلاحمت قواهم المختلفة والمتناقضة في بوتقة واحدة نحو تهيئة ظروف الحرب الأهلية بين الجنوب والشمال، وهم لا يتورعون بالدفع نحو هذا الاقتتال، بينما بالجنوب مئات الآلاف من الشماليين يعملون دون أن يتعرض لهم أحد من الجنوبيين، ولا أحد يدري إلى أين هم ذاهبون بالدفع بالأوضاع نحو قاع الهاوية.

ومع الأسف يعتبر استغلال هذه الحادثة سياسياً سيعرض أبناء الجنوب في الشمال إلى مخاطر كبيرة، وخاصة أن بعض العامة يتصرفون دون وعي، أو دون حساب التبعات الكارثية، ونحن نحمل النخب السياسية في الشرعية وفِي الانقلابيين مسؤولية ما سيحدث لأبنائنا الجنوبيين في الشمال، وهذه السياسة المتعبة من قبلهم تعبر عن الإفلاس السياسي وستقود إلى مزيد من المعاناة لأبناء الجنوب والشمال معاً، وعليهم مراجعة هذه السياسية البائسة والعودة إلى الصواب، وتحكيم العقل، وعدم اللعب بالنار التي ستحرق الجميع، وترك الجانب القانوني يأخذ مجراه الطبيعي.

الحرب ليست نزهة، وفيها تحدث الكثير من الحوادث المؤلمة والمفجعة، وشاهدنا الكثير منها عندما يتخذ قائد مجنون قراراً بضرب التجمعات البشرية بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة أو إرسال انغماسيين لتفجير أنفسهم في تجمعات العسكريين الجنوبيين، حيث تعرض الجنوب للكثير منها، لكن لم يصدر أحد من السياسيين أو العسكريين الجنوبيين أو حتى من الجنوبيين المنتشرين في أنحاء العالم أي تصريح بتجييش الجنوبيين ضد الشماليين، ولَم يتعرض أي شمالي لأي استهداف شخصي جراء تلك الحوادث.

إطالة أمد الحرب تزيد من حدة الصراع، بل ينحدر إلى مجاهيل سحيقة لا أحد يدري ما تخبئه الأيام القادمة، وخاصة أن أفق الحلول مغلقه والمتحكمون فيها لا تهمهم معاناة الناس، وقد ذهبت تلك المعاناة لتصيب قوة الناس وخدماتهم ومستقبلهم، وما نشاهده في عدن إلا صورة من تلك الصور المأساوية التي كانت نتيجة لهذه الحرب الطويلة المدى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى