​القيمة المتضاربة للريال اليمني تضرب أيضا طلاب الجامعات

> الحديدة «الأيام» ضرار القدسي:

> طالت تأثيرات التدهور الاقتصادي، بفعل الحرب، كل المجتمع اليمني، بما في ذلك طلاب الجامعات، وهو ما ينعكس سلباً على مستوى تحصيلهم العلمي.
منذ نقل البنك المركزي إلى عدن عام 2016م، شهد الاقتصاد اليمني انقساماً مصرفياً متفاقماً، وصل ذروته مع إصدار طبعات جديدة من العملة اليمنية ليتم تداولها في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، بينما تم منع تداولها في المناطق الخاضعة لحكومة صنعاء.

هكذا انقسم الاقتصاد اليمني بين إصدارين من العملة المحلية؛ إصدار قديم حافظ على قيمتها عند حدود 600 ريال للدولار، في حين تهاوت قيمة العملة الجديدة لتتجاوز الألف الريال مقابل الدولار الواحد.
نتيجة ذلك، انعكست المشكلة على الناس في عدة نواحي، ومن ضمن المتأثرين بهذه المشكلة طلاب جامعة الحديدة القادمون من أرياف محافظة تعز، الواقعة تحت سيطرة حكومة عدن، فهؤلاء يعتمدون في مصاريفهم على التحويلات التي يرسلها أهاليهم بالعملة الجديدة، لكنها تصل إليهم بالعملة القديمة بعد استقطاع فارق الصرف بين العملتين من قبل محلات الصرافة.

محمد الخالدي (25 عاماً) جاء من مديرية سامع جنوب تعز إلى مدينة الحديدة لإكمال مسيرته التعليمية كطالب يدرس الإعلام بجامعة الحديدة، معتمداً في نفقاته على التحويلات التي ترسلها أسرته من تعز.
بعد عامين من التحاقه بالجامعة زادت وطأة الأزمة الاقتصادية مع تراجع القيمة الشرائية للريال اليمني، ليجد نفسه، كما كثيرين من أمثاله، عاجزاً عن تغطية نفقات معيشته. يقول محمد: "لم يكن أمامي حينها سوى التغيب عن الجامعة والعودة إلى تعز بحثاً عن عمل".

الخالدي صار يقضي معظم شهور السنة في العمل بمهنة نقل القات للأسواق مجتهداً كي يجمع المال الكافي لتغطية نفقات بقية العام الدراسي، ثم يعود للدوام في جامعته قبل موعد الامتحانات ليجد أن المحاضرات قد تراكمت عليه خلال فترة غيابه، وصار من الصعب فهمها مما يشكل له تحدياً أكبر، وبرغم ذلك ما زال يسعى جاهداً لإكمال تعليمه والوصول لحلمه.

طالب آخر اسمه جلال نعمان (22 عاماً) جاء من مديرية جبل حبشي، ليلتحق بقسم المحاسبة في جامعة الحديدة حيث كانت جامعة تعز مغلقة نتيجة الصراعات آنذاك. وهو الآن يواجه مشكلة فوارق قيمة العملة، لكنه يؤكد بعزيمة وإصرار أنه سيناضل من أجل دراسته ولو اضطر لأكل التراب.
يلخص جلال مشكلته قائلاً: "يرسل لي ابن عمي 50 ألف ريال من تعز، لكن محل الصرافة يسلمني نصف المبلغ تقريباً، فأضطر إلى الاقتراض من زملائي لتغطية نفقاتي الدراسية والمعيشية".

عن العمولات التي تستقطعها شركات الصرافة، يؤكد عبد العزيز علان أحد العاملين في محلات الصرافة بمحافظة حجة، أن عمولة التحويل المعتمدة هي نسبة 40 % من إجمالي المبلغ المقبوض بالعملة الجديدة في تعز. أو نسبة 66 % من صافي المبلغ المحول. أما عمولة التحويل فيما بين المدن التابعة لسلطات صنعاء، فهي تتفاوت بحسب المبلغ المحول، وتتراوح ما بين 0.1 % و0.5 % كحد أقصى.

مع تفاقم فارق الصرف، يحاول جلال البحث عن عمل في الحديدة ليساعد نفسه بتغطية متطلبات دراسته ومعيشته، لكن دون جدوى حتى الآن، كون فرص العمل في الحديدة شبه معدومة بسبب ظروف الحرب التي تشهدها مدينة الحديدة.
يرى المختص النفسي فؤاد أبكر أن للأزمات الاقتصادية تأثيرات متعددة سواءً على مستوى المجتمع أو الأفراد، وبالإضافة لذلك، فهي تشكل تأثيرات وضغوطاً نفسيةً تختلف من شخص إلى آخر في أوساط الطلاب المتأثرين بالأزمة. وبشكل عام يمكن القول إنها تؤثر سلباً على مستوى الطالب وقدرته على التحصيل العلمي، كونها تمثل لهم تهديداً مستمراً يعترض أحلامهم وطموحاتهم، وتمثل ضغطاً نفسياً، إذ تضعهم في مواجهة نفقات المعيشة واحتياجاتهم الجامعية وخاصة أولئك القادمين من محافظات أخرى بعيدين عن أسرهم التي تعاني هي أيضاً من الأزمة المعيشية إلى جانب مسؤولية الإنفاق عليهم، بالنتيجة يتسبب هذا للطلاب بحالات قلق وتوتر مستمر وتأثيرات نفسية تتفاوت وتتنوع من طالب لآخر باختلاف ظروفهم وشخصياتهم، ما يعني اختلاف كيفية التأثير والمواجهة.

الطالبان محمد وجلال هما نموذجان فقط عن شريحة كبيرة من أشخاص مثلهما، جميعهم يأملون أن تقوم الجهات المعنية بالتدخل واتخاذ إجراءات تحد من ارتفاع رسوم التحويلات، ومحاولة إيجاد حلول جدية إزاء الأزمة الاقتصادية للتخفيف من معاناة المواطنين بما فيهم الطلاب الذين هم مستقبل البلاد.

*تم إنتاج هذه المادة من قبل شبكة صحفيي السلام اليمنيين، ومبادرة يمن بيس في إطار نشاط بناة السلام لـ"منصتي 30”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى