"كله على كله.. لما تشوفوا قوله"

> من اللطيف والظريف أن يجد لنا الرئيس القادم، أيا كانت توجهاته، مخرجا من الإشكالية التي نحن واقعين فيها منذ فترة، حتى نعرف على أي مذهب نسير، ونفهم أم البلاء هذه، نظامها زنّة أم جلابية أم معّوز أم بنطلون أم فستان، شعر أم ذقن لحية أبو شبرين.
أما زلت بلادنا أم الجياع من التجأ إليها سلم وعاش؟ أم صارت الأخت دنيا. فصراحة، لست سعيدا بالمرة، بالوضع الذي نحن نعيشه من فترة بحق "من بره الله الله، ومن جوه يعلم الله".

والمعروف لدى الأطباء النفسيين بالازدواجية والانفصام والتناقض، وحتى "أقرب إليك، المعنى الذي أقصده أنظر إلى "البنات" في الشارع ماذا يلبسن، ففيه تجسيد واف وخلاصة لحالة الخلط الوهمي بين الدين والدنيا، فالغالبية منهن يرتدين حجابا على الرأس (فوق) ومعه أضيق بنطلون يكشف أكثر مما يخفي (تحت)، والمعنى واضح، نحن نظهر أننا "متدينون" حق ربنا، ونرفع راية الإسلام، والحجاب فوق، ولكننا في حقيقة الأمر لا نعمل بإسلامنا هذا، بل وننكره (بالبنطلون تحت) وهذا سر؛ لأننا لا نعرف لنا رأسا أو رجلين. خائفون، نقول الدين لله والوطن للجميع، أو نسأل أنحن مدنيون أم متدينون؟ فأراحنا دماغنا ومزجنا الاثنين (الحجاب مع البنطلون) وعشنا في حالة إرضاء كل الأطراف، والرقص على السلالم، والوقوف بين الجنة والنار وصولا لنكته اسمها "الوسطية" حق مدنية ولكن بمرجعية إسلامية، فأصبحنا في النهاية، باختيارنا، بلا هوية واضحة.

للأسف، كثرت الفتاوى الدينية صحيحة وخاطئة، وكل من ركّب لحية وفي يده مسبحة وعمامة كقبة وليّنا الموجود في قرية النجدة (عمر بن سعيد) ادّعى أنه رجل دين علاّمة بمعنى الكلمة، وهو في نظري بنسبة (1 على 16 ) من الفقه وأمور الدين. اتخذ من الدين وسيلة لتحقيق مآربه. وهذا لا يجوز لأنه مجرد أفتراء وكذب على المصلين، مما أدى إلى أن ينعكس الوضع علينا وعلى حياتنا في كل شيء، واستسلمنا له لغاية ما جابنا وراء.

ولا نروح بعيدا، انظر إلى التعاملات اليومية، تدخل أي محل ترى آيات القرآن على الحائط والتلفزيون لا يبث سوى قرآن، وصاحب المحل قبل أن يبدأ العمل أو البيع، يقول بسم الله أو توكلت على الله (فوق)، أهه أهه "الراجل حق ربنا ومطبق الدولة الدينية بحذافيرها" (رجل دين)، حيطان وتلفزيون، وتطلع من عنده فتكتشف أنك كنت في قاع الدولة الدينية، وأن البنطلون مع الحجاب من بضاعة واطية، إما أنه ضحك أو نصب عليك في السعر أو الميزان. والغريب أن هذا الوضع النكتة موجود أيضا في من يدعون أنهم من فقهاء الإسلام الحريص على الدين والشريعة، ولدى منافسة الفقهاء المتحضرين الذين ينادون بالمدنية والحرية، فلا الإسلاميون من أصحاب التمسك بالقيم والخلق اعترضوا يوما أو استنكروا ضيق البنطلونات (تحت) ولا أصحاب المدنية انتقدوا ظاهرة الحجاب المزيفة (فوق)، والاثنان متعايشان مع هذا الوضع الذي لا يركب على بعضه.

انتظارا لما ستأتي به الأيام إليهم، فإذا هبت الموجة الدينية وأصبحت لهم الكلمة العليا برئيس إسلامي نقلع البنطلونات (من تحت) وإذا هبت الموجة الدنيوية برئيس مدني نقلع الحجاب (من فوق)، و"كله على كله لما تشوفوا قوله".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى