تعز.. أسر تعيش من البلاستيك

> تعز «الأيام» رأفت الوافي:

> يعتبر اليمن من أكثر دول العالم معاناة جراء الفقر والبطالة، حيث وصفته بيانات للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بأنه يشكل الكارثة الأسوأ في العالم، إذ تفتقر عشرات الآلاف من الأسرة لمصدر دخل جراء توقف العديد من المصانع والشركات العاملة، وانقطاع المرتبات بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذُ ست سنوات بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) من جهة، ودول التحالف بقيادة السعودية والإمارات والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا من جهة أخرى، الأمر الذي تسبب في تقليص فرص العمل وتزايد عدد العاطلين.
في محافظة تعز، تعيش عشرات الأسر على بيع المخلفات المعدنية والبلاستيكية، حيث يقوم أفراد هذه الأسر بتجميع المواد المعدنية وعلب البلاستيك، وبيعها للحصول على مبالغ زهيدة تعينهم على العيش، الأمر الذي جعل من "المخلفات" مصدر دخل لعشرات الأسر التي تجرعت مرارة الحرب والجوع.

بائعو الخردوات
يقضي مازن (15عامًا) نهاره في تجميع المخلفات البلاستيكية، من بين أكوام النفايات وأسراب الحشرات والروائح الكريهة، يتجول مازن كل يوم للبحث عن علب البلاستيك لكي يحصل على القليل من المال لإعالة أسرته.
يقول مازن: "أذهب كل صباح إلى حواري المدينة، وأقوم بجمع معلبات المياه المعدنية والمشروبات الغازية، ثم أبيعهن لأشتري احتياجات أسرتي". يتحمل مازن أعباء إخوانه الأربعة وأبيه الذي خسر عمله بسبب الحرب، ما اضطره للعمل في سن مبكرة، متحملًا مشقات الحياة، في بلد بات على حافة هاوية الفقر والمجاعة.

لم يحالف الحظ مازن للالتحاق بالمدرسة، بل فرض عليه العمل وتحمل المسؤولية التي ألقت على عاتقه أعباء أثقلت كاهله، يضيف مازن: "أحلم أن أتعلم، لكن لا يوجد من يصرف على تعليمي، إضافةً إلى أن صحتي ليست جيدة، فأنا أعاني من تشنجات عصبية، يغمى عليّ من شدة حرارة الشمس أثناء العمل"، يتحدث مازن بحزن.

معاناة متفاقمة
يعاني الكثير من بائعي الخردوات وبقايا قوارير المياه المعدنية والمشروبات الغازية، من مضايقات، ويتعرضون للضرب، وإساءة المعاملة وإلقاء تهم السرقة جزافًا، وقد يصل بهم الحال إلى السجن، ناهيك عن المخاطر والأمراض التي تلحق بهم أثناء العمل في مكبات النفايات. يقول مازن: "تم اتهامي بالسرقة، وتعرضت للضرب، حتى أني سجنت وأنا لم أسرق!".

لم تكن تلك الصعوبات وحدها التي يواجهها بائعو الخردوات والمواد المعدنية والبلاستيكية أثناء عملهم، بل شكّل لهم الانهيار الاقتصادي وتدني سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية تحديًّا أكبر، إذ أدى إلى تراجع الطلب على الخردوات المطلوب إعادة تدويرها، ما جعل تجار إعادة تدوير المخلفات يعملون على مزيدٍ من استغلال العاملين فيها.

في هذا الخصوص، يقول أمين العديني، مالك أحد موازين الخردوات، لـ"خيوط": "نشتري الكيلو الجالون بسعر 40 ريالًا ونبيعه بـ50 ريال على تجار التدوير، لكن تسبب ارتفاع سعر الصرف إلى تراجع شراء الخردوات، ما أدى استغلال التجار لنا".
في السياق ذاته، توقفت الكثير من مصانع التدوير جراء الحرب، أبرزها مصنع الحديد في محافظة لحج الذي تعرض للنهب والتدمير الممنهج؛ الأمر الذي فاقم من معاناة بائعي وتجار الخردة من خلال تصدير هذه المواد إلى خارج البلاد، يتابع العديني: "كان لدينا مصنع في عدن، تدمّر بفعل الحرب، ما أجبرنا الآن على تصدير هذه المواد إلى خارج البلاد عبر ميناء عدن".

مهن بمثابة درب نجاة
الحاجة التي خلقتها الحرب الدائرة في البلاد فرضت على كثير من الأسر اليمنية، التي فقدت أكثر من 40 % منها مصادر دخلها، اللجوء إلى عدد من المهن البسيطة، إذ وجدت في هذه المهن ملاذًا يقيها خطر الجوع، ويفي بالحد الأدنى من احتياجاتها، في الوقت الذي تفاقمت فيه مستويات الفقر منذ بداية الحرب، لتجتاز نسبته 75 %، مقارنة بـ47 % قبل الحرب، وهو ما ينذر بمستقبل قاتم قد تشهده البلاد.

مهن على بساطتها وضآلة مردودها المادي تشكل درب النجاة الوحيد لكثير من الأسر الفقيرة، وما أكثرها في بلد كاليمن، الذي يعاني ثلثا سكانه من انعدام الأمن الغذائي- بحسب تقارير دولية.
تجدر الإشارة إلى أنه توجد في اليمن ثلاثة مصانع كبيرة فقط تعمل على إعادة التدوير؛ اثنان منها في عدن جنوب اليمن، وآخر تم إنشاؤه مؤخرًا في صنعاء شمال البلاد.

وتسببت والصراع الدائر في انقطاع رواتب نحو مليون موظف مدني، منذ نحو 5 سنوات، كما أصبح عشرات الآلاف من العمال في الشركات والقطاع الخاص، على رصيف البطالة مع توقف الكثير من الأعمال وتسريح عدد كبير من العاملين، الأمر الذي فاقم نسب الفقر والبطالة في اليمن وخلق أكبر أزمة إنسانية في العالم، حسب توصيف الأمم المتحدة.
إضافةً إلى أن الصراع في اليمن خلّف موجة نزوح داخلية كبيرة، أصبحوا ضمن نطاق الفقر في البلاد، وبحاجة ماسة للمساعدات الإغاثية.

"خيوط"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى