حدث كبير وحديث قصير

> من الواضح لكل ذي ضمير وحس وطني وذو بصيرة جلية ولا نقول ثاقبة، أن يلاحظ أن الساحة الجنوبية بمحافظاتها السبع بمديرياتها المختلفة (باعتبار الضالع محافظة) قد شهدت خلال الأشهر المنصرمة من السنة الحالية، محاولات لمؤامرات سياسية وعسكرية عديدة ومتنوعة، جميعها تهدف إلى إثارة النعرات السياسية والخلافات العسكرية وجرجرة أبناء تلك المحافظات إلى صراعات بينية، لشغلهم وصرف أنظارهم عن تمرير أعداء الجنوب لمخططات وسياسات تهدف أساساً إلى تمزيق البلاد جغرافياً وسياسياً وتتويههم عن الهدف الجنوبي الأعظم المتمثل في استعادة دولة الجنوب ولأسباب نعلم بعضها.

إن إقامة دولة جنوبية لا يخدم مصالح قصيري النظر من الدول الإقليمية المتورطة بشكل مباشر في كل ما يحدث في البلاد، وأمام سمع وبصر كل الهيئات والمؤسسات الدولية المشرفة على تنفيذ بنود الباب السابع الذي وُضِع اليمن تحت بنوده.

إن تتبّع تفجير تلك الصراعات السياسية والعسكرية على كامل المساحة الجغرافية يوحي بأن الهدف الأشمل هو إحداث فوضى شاملة على كامل مساحة محافظات الجنوب مع ما تشهده المحافظات من حرب خدمات شاملة ومنظمة، وكذا عدم استلام رواتب الجيش والأمن الجنوبيين وانهيار العملة، ووصول أسعار المواد الغذائية إلى مستويات تفوق بمرات الأسعار الحقيقية لها.

في الوقت الذي استبشرت فيه جموع الشعب الصابر، وصول حكومة ما تسمى بالمناصفة وبزوغ أمل في قلوب الناس بحدوث ولو شيء بسيط من التحسن في معيشتهم، أبى أصحاب الأجندة الإقليمية إلاّ أن يفجروا الوضع في عدن بواسطة العناصر التابعة لهم إدارياً ومالياً وتسليحياً، والتي، سنقول صراحة، إن قيادة أمن عدن تقاعست معها في السنتين الماضيتين وأظهرت محاباة لها أو لمن ورائها بالرغم من أنها مجهزة بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة مما لا يجوز امتلاكه إلاّ لدولة، بوقت هم فيه لا يتبعون قوات الانتقالي بمسمياتها المختلفة ولا يُعرف عنهم سوى أنهم يتلقون الدعم المالي واللوجستي من دولة شقيقة ذات يد طولى في البلاد. أنا شخصياً لم أستطع أن أستشف خلال الأيام الماضية التي كادوا ينحرفون فيها بالمسيرات السلمية المطالبة بمطالب حقوقية بحتة، كانت الجماهير تريد لفت النظر إليها، أقول إن تلك المسيرات التي تدعو بحقوقها شعرت بأن هناك قوى تريد تحويلها إلى أعمال سلب ونهب فتوقفت المسيرات لنفاجأ بخروج الخلايا النائمة إلى الساحات لمجابهة قوى الأمن وسقوط الكثير من الشهداء والجرحى، لكننا عجزنا عن فهم السبب، هل هو لإقامة جمهورية مستقلة في كريتر أو الطويلة؟ تتبعها جمهورية، أو إمارة في دار سعد أو مملكة في البريقة أو دولة الشيخ عثمان؟ نقول للانتقالي إن العواطف وعلاقات القرابة بالدم أو الجهة أو القرية لا تبني دولاً ولا تقيم أنظمة حازمة. ونقول أيضاً أصبح من غير المقبول أن تكونوا معارضة وسلطة في آن واحد.

إن من الواجب عليكم أن تحترموا عقول هذا الشعب ونخبه السياسية والثقافية والمجتمعية وأن تعطوه مكانة محترمة جزاء تنصيبه لكم رعاة لقضيته الكبرى.

إن ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية وما نعيشه يا قيادتنا حالياً هو ثمن مباشر لأخطائكم السياسية التي وقعتم فيها والأمر معروف للجميع. نحن نقول هذا ليس من باب التشفي بكم لأننا جميعاً على زورق واحد، ومستمرون وسنستمر في دعمكم، شريطة أن لا تعتمدوا على مقولة نحن القوة الوحيدة في الساحة فهذه المقولة جعلتكم تستمرئون الأمور، فأحداث الأمس قد بينت أن القوى العدوة كثيرة وما علمنا منها بعد إلاّ القليل وأنتم تعرفون ذلك أفضل منا. اللعب مستمر عسى أن يتحسن أداؤكم، والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى