شاهين إعصار لا يرحم

> من منّا لا يذكر في حديثه أو يسمع في نقاشه كلمة "تسونامي" وهو إعصار دمر إندونيسيا وغير مناخ العالم وبعض الجزر، فأصبحت كلمة تسونامي تعني القوة المدمرة ونذكرها بأي موقف يحتاج إلى قوة وعشوائية، بحيث تصعب معالجة الخلل وتصحيحه سوى باقتلاع القديم وإنشاء جديد.

ونحن بمنطقة شبة الجزيرة العربية وبالذات الدول المطلة على بحر العرب، يأتينا إعصار فسنة يكون بسيطاً وسنة أخرى يكون مدمراً، وما شهدته الشقيقة سلطنة عُمان من دمار بسبب إعصار شاهين الذي حدث بداية الأسبوع الماضي، هو خير دليل بأن القدرة الإلاهية هي من تتفوق على كل وسائل البُنى التحتية والخطط المدروسة لمواجهة أي طارئ وبالذات الإعصار، ورغم أن مسقط هي أفضل مدينة عربية من ناحية التخطيط والبنى التحتية إلا أن ذلك لم يشفع لها من قبل شاهين، فمن شدته وقوته لم يرحم هذه المدينة الجميلة، وتعداها إلى مناطق أخرى بسلطنة الخير والإنسانية والوفاء.

وبما أن شاهين جاء من المحيط الهندي باتجاه بحر العرب ليضرب الحبيبة عُمان، فإن استمرار قوته وآثاره لم تهدأ عند الأراضي العمانية ووصلت إلى المهرة وحضرموت، ومقارنة بالسلطنة لا يوجد بهما أي بنية تحتية أو تخطيط مدن حضارية، الأمر الذي لن يحزننا بشيء بقدر ما سيؤلمنا ويوجعنا تضرر السكان وممتلكاتهم البسيطة التي تعبوا عليها سنين، وضاع شبابهم بالغربة ليستطيعوا تعمير منازلهم وشراء سيارات لهم، أو فتح محلات صغيرة يترزقون منها قوت يومهم، لكن شاهين لا يفرق بين السلطنة التي اهتمت بالإنسان قبل بناء المدن الحديثة وطورت من قدرات مواطنيها، وبين المهرة وحضرموت اللتين لا تعرفهما الحكومات المتعاقبة إلا عند جمع التبرعات ووصول المساعدات من الدول المانحة ومن الأشقاء، والتي لا يرى منها المتضرر سوى فراش إسفنج يمتص المياه التي بالأرض بدلاً من النوم عليه، وذلك دون أن يتم عمل حلول مستقبلية ومعالجات جذرية حتى لا تتكرر المآسي كل عام رغم أن الإعصار عند وصوله إلى سواحل المهرة وحضرموت يضعف وتقل قوته، فهنا يمكن معرفة المسافة التي يمنع البناء بها من الشط إلى البر وعمل مجارٍ عملاقة للسيول، فأراضي هاتين المحافظتين ما زالت بكراً، أي أن الدولة من خلال تخطيطها إذا صلحت النوايا لصالح سلامة المواطنين ومما يتم جمعه من تبرعات ومعونات من الدول المانحة، تستطيع أن تعيد بناء هاتين المحافظتين من الصفر وفق أفضل التصاميم والتخطيط العمراني الحديث مع الأخذ بكافة وسائل السلامة للسكان من كافة الجوانب.

وكما هما حضرموت والمهرة، فمدينتنا الحبيبة عدن دوماً يصيبها من الإعصار جانب، والمتأثر الأكبر هي الكهرباء دوماً، وفوق ما هي مختفية طوال العام ولا تظهر إلا على استحياء، إلا أننا نخاف من شاهين أن يصل ويجعلها تتحجب عنّا ونحن أهلها ولا نراها حتى بنظرة شرعية، والذي نرجوه من المحافظ لملس أن يجهز كافة فرق الطوارئ، ويستعد بكافة الوسائل المتاحة، وخاصة أن فريق العمل بديوان عام المحافظة لديه الخبرة الكافية للاستعداد، لمواجهة أي أضرار قد تحدث بسبب الإعصار والتركيز على عملية شفط المياه الراكدة والرش الضبابي من أول يوم حتى لا يتكاثر البعوض الذي ينقل الأمراض المختلفة في حالة عدم مكافحته قبل أن يأخذ فترة حضانته.

نسأل المولى عز وجل أن يلطف بأهلنا وإخواننا بمسقط وحضرموت والمهرة، ولمعشوقتي الحبيبة عدن مدينة التسامح والسلام والحُب، والتي لا تقبل الانكسار ولا الإهانة، فهي شامخة وقوية وعنيدة ولا تركع لظالم بقدر ما هي رقيقة وطيبة مثل طيبة ورقة أهلها الذين يمتازون بصفاء الأرواح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى