الجفري إنسانية دكتور

> نلاحظ أن ‎%‎ 90 من المواطنين يتجهون إلى القاهرة وعمّان لغرض العلاج، وينفقون ما يصل إلى أكثر من مليار دولار سنوياً، وما يحتاجه مواطنونا أثناء فترة علاجهم يحبون أن يصرفوه ولا يبخلوا به على أنفسهم لأنها فترة محددة، وهذا يعود بالفائدة للدولتين من جميع النواحي الاقتصادية.

اضطرار سفر مواطنينا إلى العلاج بالخارج لعدم وجود مستشفيات ومراكز صحية متخصصة وعدم توفر الأجهزة والمعدات الطبية والفحوصات التي تساعد الدكتور على التشخيص الصحيح، وقلة عدد الدكاترة ذوي التخصصات الطبية المهمة وإن وجدتهم فهم على عدد أصابع اليد الواحدة لكل أحد تخصص بذاته موزعين بالمحافظات الرئيسية ويصعب على المواطنين الوصول إليهم، وأغلب المستشفيات التي نراها اليوم أصبحت لا تهتم بعلاج المريض بقدر اهتمامها بزيادة دخلها اليومي، ويؤسفنا أن بعض الدكاترة يشاركون بعض إداراتها بذلك ليصبح المريض بين فكي كماشة يدخلها بأمان وهي تضغط عليه بحنية تحت عنوان "صحتك هي الأهم" ولكل حالة وضعها، لكن جميع هذه الحالات تتشابه بأن الكماشة تقبض على أنفاس أهل المريض وتجدهم يتسلفون أو يبيعون بعض ممتلكاتهم ليتمكنوا من علاج عزيز عليهم، وإن لم تتحرك أسرته فهذا سيدخلهم بأنهم مشاركين بتعذيبه وربما بوفاته، والله تعالى قال في كتابه العزيز "وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا. الإسراء الآية 33.

أما في وطني يتم إحضار كادر طبي متخصص إلى بيت المريض، ومن ثم طائرة خاصة تقله إلى حيث ما يريدون علاجه.

بما أن أغلب مواطنينا هم من مرضى القلب، فتجد عدد الدكاترة لهذا المرض والذين يشخصون الحالات المرضية بدقة، قليلين جداً وموزعين على عدة مستشفيات بعدة محافظات، وقلّ أن نسمع عن مدح وشكر لهذا المستشفى وذاك الدكتور عندما نسمع عن تصرفات دكتور قلب كلها إنسانية ورحمة، ولديه دقة بالعمل والتشخيص، ولديه من الرأفة والشفقة لكل من يدخل إليه ليعالجه، لأننا أصبحنا لا نسمع ولا نرى سوى السلبيات.

نجد أن هذا الإنسان قبل أن يكون دكتوراً يتعامل مع مرضاه بما تعلمه من كتاب الله وسنة رسولنا الكريم محمد ﷺ، ومن ثم من خلال ما درسه بمهنة الطب الإنسانية ومبادئه وأخلاقه، وأينما ذهبت تجد ذكره يعطر به المجالس، ويوم عيد الأضحى المبارك الماضي وهو بمنزله وقت وجبة الغداء ليأكل لحم الأضحية ولديه أفراد أسرته، وعند البدء بتناول الغداء الأسري، قرع جرس موبايله الذي لا يغلقه نهائياً، وتفاجأ بابنه يخبره بأن هذا اتصال من المستشفى، فهل يرد أم لا؟ فأخذ الدكتور هاتفه من يد ابنه ليخبره دكتور الطوارئ بوجود حالة مرضية لامرأة كبيرة بالسن عمرها يتجاوز خمسة وسبعين عاماً وحالتها سيئة للغاية، والله أعلم أن يصل وهي بصحتها أو قد فارقت الحياة، فتحرك سريعاً إلى المستشفى وترك الغداء خلفه، والحمد لله تعالى فالمرأة اليوم تدعو له في كل صلاة بالخير، ودوماً أخلاقه سباقة، فلا يستغل الوقت لمضاعفة المبلغ على أهل المريضة، ويرفض قبول أي هدية من أهلها، وبعيادته التي يعمل فيها بالمستشفى تجد مرضى كبار السن وظهورهم مقسومة من أوجاع الحياة يخرجون وهم يدعون له، لأنه لم يكلف عليهم كثيراً، وينصحهم باستخدام العلاج لنرى فائدته قبل التفكير بالعملية ويساعد بعضهم بقيمة المواصلات والعلاج، فلن نجد إنساناً دكتوراً لديه هذه الصفات والميزات، لأن في هذا الزمن أصبحت المادة هي الأهم، وتناسوا أن كل شيء فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، لذا فإن مرضى القلب محظوظون بمثل دكتور كهذا، وهنا نسأل المولى عز وجل أن يبارك للدكتور الإنسان أحمد الجفري ويحفظه ويطيل عمره، ونتمنى أن يتعلم طلاب الطب والمتخرجون حديثاً أن الطب رسالة إنسانية وليست مهنة تجارية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى