مراقبون: قطر أمام فرصة لاختبار قدرتها كوسيطا محايدا بين السعودية ولبنان

> "الأيام" العرب اللندنية

> ​دخلت قطر على خط التوتر بين السعودية ولبنان كوسيط يسعى لتخفيف التصعيد بين الطرفين، وذلك وفق ما أعلن عنه رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي بعد لقاء جمعه بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على هامش قمة المناخ بغلاسكو (أسكتلندا).

وقالت أوساط دبلوماسية عربية في العاصمة اللبنانية إن هذه الوساطة تختلف عن سابقاتها، فليست تدخلا تقليديا في نجدة حزب الله كما دأبت قطر على فعله، ولكن الدوحة تجد نفسها هذه المرة وسيطا ترضى عنه السعودية لتطويق مخلفات الأزمة والخروج بنتيجة تحافظ على هيبة الرياض ووزنها في لبنان بدلا من التصعيد الحالي الذي قد يذهب إلى قطيعة تدفع نحو خروج سعودي كامل من لبنان.

ورأت الأوساط الدبلوماسية أن التصعيد الحالي قد يقود إلى نتائج لم تقرأ السعودية حسابها أو أنها لا تريد للقطيعة أن تحصل الآن حتى لا يبدو موقفها وكأنه انسحاب من ملعب تقليدي لنفوذ بنته لعقود أمام النفوذ المتزايد لإيران.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن قطر أمام فرصة لاختبار مدى قدرتها على أن تكون وسيطا محايدا على عكس تدخلات سابقة في لبنان كانت تهدف إما إلى إخراج حزب الله من أزماته والتغطية على دورها، وإما إلى التشويش على الدور السعودي ولعب دور هادف إلى التغطية عليه.

ويعتقد مراقبون أن الوساطة التي جاءت بترحيب من لبنان ستمثل اختبارا لحياد قطر في العلاقة مع السعودية بالذات، إذ لا يمكن أن تقود وساطة بهدفين متعارضين، الأول إظهار الدوحة أنها مازالت صديقا تقليديا لحزب الله ومن ورائه إيران، والثاني التأكيد للسعودية أن قطر تغيرت بعد المصالحة، وأنها تتحرك ضمن عمقها الخليجي وتنفذ أحد أبرز الشروط التي أقرتها قمة العلا، وهو نأي الدوحة عن طهران ومراعاة مصالح دول مجلس التعاون أولا.

وكان لافتا أن قطر لم تلازم الصمت تجاه التصعيد ضد السعودية في الأزمة الأخيرة، وقالت في بيان لوزارة الخارجية أنها تستنكر تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي وتعتبرها “غير مسؤولة”، وقد حثت الحكومة اللبنانية على “اتخاذ الإجراءات اللازمة وبشكل عاجل وحاسم لتهدئة الأوضاع وللمسارعة في رأب الصدع بين الأشقاء”.

ويقول المراقبون إن الدوحة قطعت نصف خطوة لطمأنة الرياض من خلال إدانة موقف قرداحي في بيان علني وإن كانت لم تتخذ خطوات مماثلة لما فعلته الإمارات والكويت والبحرين في دعم الموقف السعودي بإعلان سحب السفراء أو دعوة مواطنيها إلى مغادرة لبنان وعدم السفر إليه، وهو وضع ربما يكون الهدف منه ترك الباب مفتوحا من أجل طرق باب الوساطة.

ووجد الشق المناصر لحزب الله داخل الحكومة اللبنانية في طرح الوساطة القطرية فرصة ليرفع من سقف شروطه ويغير أسلوبه. وبعد أن كانت حكومة ميقاتي ترجو من وزير الإعلام الاستقالة لامتصاص غضب السعودية والحيلولة دون الدخول في نزاع يخسر اللبنانيون من ورائه الكثير، فقد أصبحت تطالب الرياض بالحوار على قاعدة الندية، وكأن السعودية هي التي أخطأت وتجاوزت وبالغت في تضخيم “حدث صغير”.

ودعا وزير الخارجية اللبناني السعودية إلى الحوار لحل الأزمة الراهنة بين الدولتين قائلا “المشاكل بين الدول الصديقة والشقيقة لا يمكن حلّها إلا بالحوار والتواصل والثقة ولكن ليس بإرادة الفرض وهذا يسري على لبنان والسعودية”. وأضاف الوزير، الذي استغرب “قساوة” المملكة، أن “لبنان يدعو السعودية إلى حوار لحل كل المشاكل العالقة وليس الإشكال الأخير فقط لكي لا تتكرر الأزمة ذاتها في كل مرة”.

وبدأت الأزمة الدبلوماسية بين لبنان والسعودية على خلفية تصريحات لقرداحي في مقابلة تم بثّها على موقع تابع لقناة الجزيرة، وصف فيها حرب اليمن بأنّها “عبثية”.

وقال إنّ المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران “يدافعون عن أنفسهم” في وجه “اعتداء خارجي” من السعودية والإمارات. ورفض قرداحي الاعتذار عن تصريحاته، ثمّ نقلت قناة محلية عنه الأحد قوله إن “استقالته غير واردة”.

واستدعت السعودية الجمعة بشكل مفاجئ سفيرها لدى بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض وقرّرت وقف كل الواردات اللبنانية إليها. واعتبر وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان الأحد أن بلاده وجدت أنه “ليس هناك جدوى” في التعامل مع لبنان في ظلّ ما تراه استمراراً لـ”هيمنة” حزب الله على المشهد السياسي اللبناني.

وتضامناً مع الرياض، قامت البحرين بالمثل، ثم لحقت بهما الكويت السبت قبل أن تقرّر الإمارات سحب دبلوماسييها ومنع مواطنيها من السفر إلى لبنان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى