الإرهاب الموجه ضد الجنوب

> شهدت عدن عملية انتحارية ثانية، وهذه المرة كان هدفها ترويع السكان المدنيين وقتل الأطفال والمارة من المواطنين، واستهداف مطار عدن الدولي النافذة الوحيدة على العالم.

الجنوب وكوادره ومواطنوه يتعرضون لاغتيالات وهجمات انتحارية منتظمة منذ عقود من الزمن، وأيضاً أصبح هدفاً للطائرات المسيّرة والصواريخ التي تنطلق من اتجاه الشمال، وكل ذلك يجري أمام مرأى ومسمع الإقليم والعالم، وأقصى شيء نسمع منهم إصدار بيانات إدانة فقط، وهذا الأمر غير كافٍ لما يتعرض له الجنوبيون من إرهاب منظم.

السؤال: لماذا يتعرض الجنوب لكل هذه الأعمال الإرهابية المتواصلة؟ من هي الجهة التي تقف وراء مثل تلك الأعمال؟ ولمصلحة من تنفذ العمليات الإرهابية؟

لماذا فقط الجنوبيون يتعرضون بانتظام لهذا العمل الإرهابي؟ ألم يكفِ أنهم يواجهون مجاعة تفتك بهم؟ ألم يكفِ أنهم يعيشون في ظل انقطاع شبه كامل لمنظومة الكهرباء والماء ويكابدون العيش في حر الصيف القاتل؟ ماذا جنوا؟ ألم يكفهم انهيار متعمد للعملة؟ ماذا جرى للعالم المتحضر وهو يشاهد الظلم ولم يفعل شيئاً؟

من قام بالتخطيط والتنفيذ لمثل هذه العملية الإرهابية لم يكن ينتمي إلى جنس البشر، فهؤلاء أناس تجردوا من كل القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية، لأن الموقع المستهدف هو حي سكني يكتظ بالسكان المسالمين الذين يكابدون العيش المفروض عليهم، ولم يكن هناك هدف عسكري أو منشأة عسكرية هامة.

للتذكير فقد، شهدنا تدشين مثل هذه العمليات الإرهابية بعد قيام الوحدة بين الجنوب والشمال في عام 90م عندما استضاف نظام صنعاء الأفغان العرب بعد انتهاء مهمتهم في أفغانستان وأدخلهم في مؤسسات الأمن والجيش، وكانت مهمتهم اغتيال الكادر الجنوبي، وتم ترسيخ تواجد هذه التشكيلات الجهادية بعد احتلال الجنوب عام 94 لتتخذ من الجنوب منطلقاً لأعمالها الإرهابية، وكان هدف النظام ضرب عصفورين بحجر واحد، أولهما تصفية من يعارضه من الجنوبيين، وفي نفس الوقت إيهام العالم بأن الجنوب بؤرة للإرهاب، لكي يستعطف الغرب تقديم المعونات لمحاربة الإرهاب الوهمي في الجنوب وكان له ما أراد، حيث ساعدته بعض الدول بالدعم الفني والاستخباراتي، ودربت له وحدات لمكافحة الإرهاب مع تجهيزها بأحدث الوسائل التي استخدمت معظمها لتصفية المعارضة السياسية للنظام الحاكم آنذاك في صنعاء.

لم نأتِ بهذا من عندنا، لكن خرجت للعلن الكثير من الأسرار من بعض القيادات الجهادية، ومنهم من تحدث عبر المقابلات التلفزيونية بعد أن شعرت بأنها لم تحصل على المقابل الذي وعدوها به بعد تحقيق المهام الموكلة لهم في غزوة الجنوب الأولى، وكان هناك استنساخ للقاعدة وأصبحت العملية استخباراتية، ويمكن لأي نظام أن يشكل قاعدته التي يوجهها ضد خصومه السياسيين، وهكذا سارت الأمور نحو ظهور أنماط كثيرة من هذه التشكيلات مثل أنصار الشريعة وداعش وغيرها، وكلها صناعة أنظمة يُراد عبرها تحقيق أهداف سياسية.

هل يعتقد من يقوم بمثل هذه الأعمال الإرهابية أنه يستطيع أن يجبر شعباً مثل شعب الجنوب على الاستسلام أو العدول عن المطالبة بحقه بالعيش الكريم؟ فمن يعتقدون ذلك أعتقد أنهم واهمون، لأن ذلك يزيده إصراراً على السير في طريق استعادة كرامته، وبن تثنيه مثل هذه الأعمال الدنيئة.
اليوم الجنوب على مفترق طرق تحيط به المؤامرات من كل جانب، وكل ذلك بهدف إثنائه عن التمسك بهدف استعادة دولته الوطنية المستقلة، ولن تنتهي عمليات الاٍرهاب إلا عندما يرفع الجنوب راية الاستسلام، وهذا لن يحدث أبداً طالما أن هناك قلباً جنوبياً ما زال ينبض بالحياة.

هذه هي الحكاية بشحمها ولحمها، ونطالب المجتمعات الإقليمية والدولية بأن تعيد حساباتها إما أن تساند شعب الجنوب المظلوم، أو أن تظل في المنطقة الرمادية تقدم المصالح على مبادئ حقوق الإنسان، والتي يتعرض فيها الإنسان الجنوبي للتدمير الممنهج في كل شيء.
لا يوجد خيار أمام شعب الجنوب إلا أن يرص صفوفه ويوحد أدوات نضاله ضد قوى الاٍرهاب التي تريد إخضاعه، وأن يأخذ من هذه الحادثة وكل الحوادث السابقة دروساً، لكي يعرف أن وجوده في خطر إن لم يتوحد، وأن عليه رفع حسه الأمني ليواجه غول الإرهاب، وحتماً إرادة الجنوب هي المنتصرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى