إثيوبيا إلى أين؟

> تتسارع وتيرة الحرب التي تعصف بدولة إثيوبيا واستقرار منطقة شرق أفريقيا بأكملها، حيث تتسع ساحات وميادين الصراع الساخن ويزداد عدد الأطراف والقوى المنخرطة فيه. وقد شهدت المرحلة الأخيرة حدوث تحول هام وخطير في طبيعة الحرب واتجاهاتها وأهدافها وانتقالها من حرب للدولة بكل قواها ومكوناتها ودعم ومشاركة حلفاءها ضد (الانفصاليين والإرهابيين) في إقليم تيجراي كما كان يصفها آنذاك ولا يزال رئيس الوزراء آبي أحمد، إلى كونها تشكل اليوم حربًا تخوضها سائر الشعوب والقوميات الإثيوبية، لإسقاط آبي أحمد وحكومته، ومن أجل قيام حكومة انتقالية والشروع في مفاوضات عامة حول مستقبل إثيوبيا، وهي الأهداف التي وردت في الإعلان عن تحالف تسع قوى عسكرية سياسية في إطار ما سمي بالجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفدرالية الإثيوبية.

يطرح هذا الإعلان والانتصارات التي تحققها القوات المعارضة لحكومة آبي أحمد أسئلة جوهرية حول مصير ومستقبل إثيوبيا، وآبي أحمد شخصيًا، الحاصل على جائزة نوبل للسلام، والمسؤول الأول عن جر بلاده إلى هذا الوضع الكارثي، ووضعها أمام مصير مجهول، والمتهم بالمسؤولية عن جرائم جسيمة وفظائع بشعة ارتكبت بحق مدنيين بما فيهم الأطفال والنساء. والمرجح أن تقوده ذات يوم إلى لاهاي ليسأل عنها من قبل قضاة الجنائية الدولية، لتمسح رحلته إلى أوسلو لمنحه جائزة نوبل للسلام.

يؤخذ على آبي أحمد أنه سياسي مفرط في الانتهازية، والشعور بالعظمة، مهووس بالسلطة المطلقة والاستبداد والتسلط، يطمح بأن يتوج في مستقبل ما إمبراطورًا لإثيوبيا.

كما يتهم بأنه ومن أجل بلوغه هذه الغاية قد نفذ انقلاب متدرج على العقد السياسي - الاجتماعي الذي قامت عليه دولة إثيوبيا الفيدرالية عام 1995، وعلى النظام السياسي، وقاد شخصيًا أوسع حملة تطهير في صفوف الجيش، توجت بالزج به في حرب خاسرة ضد إقليم تيجراي، بما تخللها من جرائم إبادة جماعية وانتهاكات جسيمة، وعقوبات جماعية قاسية بحق سكان الإقليم، والمدنيين على وجه خاص، مني فيها الجيش بهزائم وخسائر فادحة أدت إلى تصدعه وتقهقر وحداته وانهيار معنويات قادته وأفراده، والتي أجبرت الحكومة على الاستعانة بالمواطنين والمتقاعدين والعمال والطلبة في الحرب في محاولة لوقف تقدم خصومها.

ومن بين أهم الأخطاء التي وقع بها آبي أحمد هو استعانته بالقوات الإريترية ضد شعبه، وسكوته على الجرائم والفظائع التي ارتكبتها تلك القوات بحق المدنيين ومنهم النساء والأطفال، بما فيها أعمال الاغتصاب والتصفيات الجسدية الجماعية، خاصة وقد جعلوا من دور العبادة ساحة لارتكاب تلك الفظائع.

هل ارتد السحر على الساحر؟
كان من بين ما استهدفه آبي أحمد من الحرب البشعة والعقوبات الجماعية على إقليم تيجراي توجيه رسالة لسائر مكونات الأمة والدولة الإثيوبية، بل ولأنصار وحلفاء آبي أحمد الحاليين، تقول للجميع لكم عبرة بما حصل لإقليم تيجراي والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.

كان من نتائجها أنها جعلت الكل يستشعر الخطر، وربما قد يكون الهدف التالي لآبي أحمد بعد إقليم تيجراي وهو الأمر الذي جعل الجميع يقرون بخطر بقاء آبي أحمد على رأس السلطة، متفردًا بالقرار، والذي ترجم إلى حدوث تململ سياسي واجتماعي واسع، ووحدة تسع فصايل مسلحة تنشط عسكريًا وسياسيًا في سائر الأقاليم الإثيوبية التسعة، وتوافقها على خطوط عامة لمستقبل إثيوبيا.

ومن المرجح أن تشهد الأيام القادمة انفراط عقد مؤسسات الحكم، والتمرد على آبي أحمد الذي سيجد نفسه أمام خيارين هما:

الاستقالة والهروب للخارج
*مواجهة انقلاب من داخل منظومة الحكم بما فيها الجيش، وطي صفحة حكمة ودوره السياسي، وجعله يغرق بمفرده، ويدفع ثمن سياساته وقراراته الكارثية.

كما من المرجح أن تشكل قيادة جديدة تتولى التفاوض مع الفصائل المسلحة المعارضة لها من أجل وقف دائم للحرب والعمليات العسكرية، وتشكيل قيادة انتقالية مشتركة، وبدء مفاوضات عامة حول مستقبل إثيوبيا، والذي سيكون مزيجًا من النظامين الفيدرالي والكونفدرالي. كما ورد في التسمية التي أطلقت على تحالف الفصائل العسكرية والقوى التسع التي تقاتل موحدة من أجل دخول العاصمة أديس أبابا وإسقاط حكومة آبي أحمد.
من المؤكد أن الحرب ستضع نهاية لدور آبي أحمد، كما أنها ستقود إثيوبيا إلى وضع جديد، يتجاوز النظام الفيدرالي، إلى الكونفيدرالي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى