يبدو أن ما تشهده محافظة مأرب اليمنية منذ مطلع العام الماضي، سيُخلّد في كتب التاريخ على أنه حرب مكتملة الأركان، وأن ما شهدته كافة مدن اليمن منذ مارس 2015، كان مجرد معركة وفصل من فصول هذه الملحمة الدائرة في أرض سبأ. اختبر الحوثيون قوتهم بعد الانقلاب على الدولة، بمحاولة السيطرة على مأرب، ولم يحصدوا سوى الخيبات، وبعد سنوات من التمدد غربًا وجنوبًا ونمو ترسانتهم العسكرية بفضل طهران، عادوا لتكرار المحاولة بشكل وحشي هذه المرة، مستفيدين من ركود القتال في كافة جبهات اليمن.
قارعت مدن يمنية عديدة الاجتياح الحوثي لأشهر معدودة واستراحت، إلا أن مأرب وحدها من واجهت الانقلاب وهو في عنفوانه عندما كان متحالفًا مع قوات النظام السابق، وها هي تكرر الملحمة منذ عامين وقد أصبح الحوثيون قوة ضاربة مزودة بالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة.
من يصدق أنه خلال الجولة الجديدة من الهجوم، تعرّضت مأرب لأكثر من 303 صواريخ بالستية، وأنه على الرغم من كل هذا التوحش الحوثي والإمعان في إرهاب سكانها وقبائلها، لم تتحقق الأهداف الكاملة لهم. هجمات مشينة أحالت أجساد أطفال إلى هياكل متفحمة أو بترت أطراف من بقوا على قيد الحياة، وخلال أكتوبر الماضي فقط، رصدت منظمات دولية أكثر من 54 هجومًا على المدنيين، راح ضحيتها 119 مدنيًا.
بحّ صوت وكالات الإغاثة العاملة وهي تندد بالاستخفاف الصارخ بحياة المدنيين، لكن بالنسبة لمليشيات تتلذذ وهي تشاهد اليمن وقد تحوّل إلى حمام دم، لا تجد أي دعوة داخلية أو خارجية لحقن الدماء آذانًا صاغية. تتزايد مخاوف المنظمات الدولية مع اقتراب المعارك بشدة من مدينة مأرب، وخلال الأسابيع الماضية، كانت آخر مديريتين خاضعتين للحكومة الشرعية، تستقبلان نحو 37 ألف نسمة وفقًا لتقارير دولية، و55 ألفًا حسب تقارير حكومية.
لكن إلى أين تتجه معركة مأرب؟ كان اليأس قد تسلل إلى نفوس اليمنيين بعد تهاوي المديريات الجنوبية، وبدأ الناس يتخيّلون الدوريات الحوثية وهي تشوّه الشوارع المشجرة، والملصقات تشوّه النهضة العمرانية التي تشهدها مدينة مأرب منذ سنوات، حتى ظهر المحافظ سلطان العرادة يبث الأمل من جديد. التحدي الذي أطلقه محافظ مأرب، وتوعده بردع الزحف الحوثي، لا يبدو أنه يندرج في إطار الحرب النفسية التي باتت تستخدم كسلاح رئيس في الحروب الحديثة، ولكنه نابع من ثقة، وطموح إذا تحقق سيكون بمثابة المعجزة.
معجزة صمود مأرب، ستكون في أنها تتحقق على الرغم من الإمكانات الشحيحة والمعنويات المنهارة نتيجة غياب القائد الحقيقي، واعتماد الحكومة الشرعية على إدارة المعركة من منصات التواصل الاجتماعي في فنادق المنفى. خطاب محافظ مأرب، وعلى الرغم من أنه حاول تبرير غيبوبة الشرعية عن المشهد بالقول إنها منشغلة بقضايا الأمة وما هو أخطر من معركة مأرب، كان بمثابة أكسجين أعاد الروح إلى جبهات منهارة.
تبدأ التحولات عندما يكون القائد في ميدان المعركة، وكم كان نابليون بونابرت فطنًا عندما قال إن "جيشًا من الوعول يقوده أسد، خير من جيش من الأسود يقوده وعل".
"العربي الجديد"
قارعت مدن يمنية عديدة الاجتياح الحوثي لأشهر معدودة واستراحت، إلا أن مأرب وحدها من واجهت الانقلاب وهو في عنفوانه عندما كان متحالفًا مع قوات النظام السابق، وها هي تكرر الملحمة منذ عامين وقد أصبح الحوثيون قوة ضاربة مزودة بالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة.
من يصدق أنه خلال الجولة الجديدة من الهجوم، تعرّضت مأرب لأكثر من 303 صواريخ بالستية، وأنه على الرغم من كل هذا التوحش الحوثي والإمعان في إرهاب سكانها وقبائلها، لم تتحقق الأهداف الكاملة لهم. هجمات مشينة أحالت أجساد أطفال إلى هياكل متفحمة أو بترت أطراف من بقوا على قيد الحياة، وخلال أكتوبر الماضي فقط، رصدت منظمات دولية أكثر من 54 هجومًا على المدنيين، راح ضحيتها 119 مدنيًا.
بحّ صوت وكالات الإغاثة العاملة وهي تندد بالاستخفاف الصارخ بحياة المدنيين، لكن بالنسبة لمليشيات تتلذذ وهي تشاهد اليمن وقد تحوّل إلى حمام دم، لا تجد أي دعوة داخلية أو خارجية لحقن الدماء آذانًا صاغية. تتزايد مخاوف المنظمات الدولية مع اقتراب المعارك بشدة من مدينة مأرب، وخلال الأسابيع الماضية، كانت آخر مديريتين خاضعتين للحكومة الشرعية، تستقبلان نحو 37 ألف نسمة وفقًا لتقارير دولية، و55 ألفًا حسب تقارير حكومية.
لكن إلى أين تتجه معركة مأرب؟ كان اليأس قد تسلل إلى نفوس اليمنيين بعد تهاوي المديريات الجنوبية، وبدأ الناس يتخيّلون الدوريات الحوثية وهي تشوّه الشوارع المشجرة، والملصقات تشوّه النهضة العمرانية التي تشهدها مدينة مأرب منذ سنوات، حتى ظهر المحافظ سلطان العرادة يبث الأمل من جديد. التحدي الذي أطلقه محافظ مأرب، وتوعده بردع الزحف الحوثي، لا يبدو أنه يندرج في إطار الحرب النفسية التي باتت تستخدم كسلاح رئيس في الحروب الحديثة، ولكنه نابع من ثقة، وطموح إذا تحقق سيكون بمثابة المعجزة.
معجزة صمود مأرب، ستكون في أنها تتحقق على الرغم من الإمكانات الشحيحة والمعنويات المنهارة نتيجة غياب القائد الحقيقي، واعتماد الحكومة الشرعية على إدارة المعركة من منصات التواصل الاجتماعي في فنادق المنفى. خطاب محافظ مأرب، وعلى الرغم من أنه حاول تبرير غيبوبة الشرعية عن المشهد بالقول إنها منشغلة بقضايا الأمة وما هو أخطر من معركة مأرب، كان بمثابة أكسجين أعاد الروح إلى جبهات منهارة.
تبدأ التحولات عندما يكون القائد في ميدان المعركة، وكم كان نابليون بونابرت فطنًا عندما قال إن "جيشًا من الوعول يقوده أسد، خير من جيش من الأسود يقوده وعل".
"العربي الجديد"