رشا ومحمود.. وفرحة لم تكتمل

> كلما هممتُ بالكتابة عما حدث من فعل إجرامي شنيع، راح ضحيته الصحفية الشابة، المتفتحة للحياة، كالوردة، رشا وزوجها، المصور الصحفي، الشاب اليافع، محمود، أجد نفسي كالمبتدئة في رص الحروف وتكوين الجُمل. استدعي الكلمات، لكنها تفرُّ من ذهني المرتبك؛ فصورة جنين رشا، المرمي على الطريق، علقتْ في ذهني ولم تغادره، حتى لحظة التحدي، بيني وبينه. وأصررتُ على الكتابة، مهما كان ثقل المأساة وحالة الحزن، الجاثم على صدري الذي منعني من التعبير عن مشاعري.

ماذا نقول فيما حدث؟ غير أنه فعلٌ لا يصدر عن كائنٍ اسمه (الإنسان) ولا يمكن أن يتحلّى ولو بنسبة واحد بالمائة من صفات الإنسان، لتجعله مخلوقًا طبيعيًا، له مشاعر الإنسان وعقل الإنسان وكل شروط ومعايير الإنسانية.
أي مخلوق هذا الذي دبّر وخطط لتنفيذ جريمة لم نرَها، حتى في غابات الحيوانات؟! ومن هذا الذي قتل مشاعره وصفاته الإنسانية، قبل أن يُقدِم على قتل أبرياء، لا يعرفهم ويقينًا لا يعرفونه؟!

رشا ومحمود استقلا سيارتهما، فرحَين، بما أتاهما الله من نعمة المولود المنتظَر، الأخ القادم لطفلهما البكر (جواد)، كانت الفرحة تسبقهما وهما في طريقهما إلى المشفى لحجز موعدٍ مع طبيبة التوليد؛ فقد أزف الوقت لميلاد عضو جديد في الأسرة الصغيرة.

ولكن، كانت أرواح شريرة، شيطانية، ترقبهما وتتحين الفرصة لوأد فرحتهما والانقضاض عليهما وإسكاتهما إلى الأبد. لا يعجب الروح الشيطانية، ما تبثه رشا من تقارير، تفضح فيها ممارسة مليشيات الحوثي والأساليب اللا إنسانية واللا أخلاقية ضد المواطنين، في الشمال، كما لا تعجبها تلك الصور التي تكشف الحقائق وتصور معاناة الناس هناك والصورة أبلغ من الكلام؛ فكان لا بد مما ليس له بد وهو الاغتيال وبطريقة شيطانية بشعة. وقد نسي هؤلاء المجرمون أن عين الرحمن لا تأخذها سِنةٌ ولا نوم وأن يومَ الحساب والعقاب، آتٍ ولا مناص منه، حين لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئًا والأمر يومئذٍ لله. وستُسأَل الموؤدة، بأي ذنبٍ قُتلتْ؟

نامي يا رشا قريرة العين ومعكِ روح جنينكِ ولا تبتئسي؛ فأنتِ المنتصرة عليهم، في حين اعتقدوا بأنهم أخرسوك إلى الأبد، أما جواد؛ فعين الله ترعاه وسيأتي يومٌ، سيدرك الحقيقة وسيسير على دربكما.
عزيزي محمود.. ثق بأن الغد المشرق، قادم، لا محالة وأن روح رشا في سلام ومعها روح طفلك الذي كنت تنتظره بشغف كبير وهيأت نفسك لاستقباله. لك الشفاء العاجل لتواصل مسيرة نضالك بالصورة والكلمة الحرة. ولا نامت أعين الجبناء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى