التحالف ضد من؟

> بعد كل هذه السنوات، منذ مارس 2015 حتى يومنا هذا، دعوني لا أخفيكم توجسي من التلاعب الإعلامي اللفظي من حيث التسمية، والسياسي من ناحية المضمون، وذلك تحديداً من قبل أجهزة إعلام بعض الدول الخليجية وخصوصاً منها ذلك الإعلام ذي المنحى الإخوانجي/ الشرعي، وبكافة أنواعه، المرئي والمقروء والمسموع يتعامل مع مصطلح (التحالف) الذي دخل رسمياً في حياتنا في مارس من العام 2015 بصيغ عدة، طبقاً للغرض الذي يستخدمونه له كما يبدو.

في البداية كانوا يطلقون عليه التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وهذه هي التسمية الرسمية له، وتكونت (بقيادة سعودية) من السعودية والإمارات والبحرين وقطر ومصر والأردن والمغرب والسودان ودول أخرى بصورة متخفية بمشاركات استخبارية غير أن مرور الزمن كان كافياً لكي يتقلص العدد إلى دولتين هما المملكة السعودية ودولة الإمارات.

في تلك التسمية كان واضحاً أن الهدف هو إعادة النظام السياسي الشرعي لنظام صنعاء، بعد خلع علي صالح من قيادة النظام في صنعاء.
رويدا رويدا ولأسباب لسنا بوارد ذكرها يكفي أن نذكر من كل ذلك في تقديرنا هو عدم اتضاح الرؤية وربما غياب القناعة لدى الدول المشاركة لا سيما أن ذلك التحالف قد غير هدفه فجأة ليصبح مشروعاً عربياً مناهضاً لما أُسمي بالمشروع الفارسي في المنطقة العربية.

ربما أن ذلك قد أسقط لدى بعض المشاركين في التحالف رغبة الاستمرار في المشاركة، إذ إن شروط صراع المشروعين العربي والفارسي أو أي مشاريع غيرهما، يحتاج لأكثر بكثير من العمليات العسكرية فصراع المشاريع الحضارية تحتاج لإيجاد استراتيجيات في الأمور الاقتصادية والثقافية والعلمية والصناعية والتنمية البشرية وهو ما لا يتواجد في هذه المرحلة. وكان من جراء ذلك، قد تقلص ذلك العدد ليصبح مقتصراً على كل من السعودية والإمارات، وليصبح دور قيادة العمليات القيادية للسعودية.

تأتي بعد ذلك تسمية التحالف ولكن مجردة من التوصيفات لاسيما بعد أن أبقى وجهته العسكرية جامدة أو متحركة على استحياء في شمال اليمن، وقام بتوجيه حربه نحو المحافظات المحررة في الجنوب وقام بحرب الخدمات، بل وجه أسوأ الضغوط التي شهدها الشعب الجنوبي في كل تاريخه الحديث والقديم ليحدث ما هو أسوأ من الحرب القتالية، حيث عجزت الدولة عن دفع رواتب موظفيها وانهارت العملة، وحدث صعود شديد للأسعار وبالذات في المواد الغذائية والوقود والغاز والنقل حتى عجز أرباب الأسر عن تدريس أبنائهم نتيجة للغلاء وارتفاع قيمة النقل لطلاب الجامعات واساتذتها، وارتفع ثمن رغيف الخبز إلى سبعين ريالاً.

كل ما يحدث حولي يدفعني إلى توجيه الأسئلة لنفسي، وأعتقد أن غيري كثيرين يتساءلون: تُرى من يحارب من؟ ومن يتحالف مع من؟ وضد من هذا التحالف يعمل؟ من يحاصر عدن والمناطق المحررة؟
من المستفيد مما يحصل من تجويع وإرهاب وبؤس في المحافظات المحررة التي فاق البؤس فيها مثيلاتها في المحافظات غير المحررة.

شيء أخير لا بد من قوله الضعف الشديد في الإقبال على ارتياد المدارس والجامعات في وقتنا هذا، أمر نعتبره خط أحمر ولن نسمح بتجهيل وضياع مئات الآلاف من أبنائنا ليتحولوا بعد بضع سنوات إلى مشاريع إرهابيين، وحينذاك لن يستطيع أحد أن يلومهم. وعلى الباغي تدور الدوائر إن شاء الله.
نقول لمن به غباء في أي بقعة من الأرض، دائماً انظروا إلى الوراء كذا ألف سنة، فإذا وجدت أن الحياة لدى شعوب تلك المناطق مستمرة ولم تنقطع، فاعلم أنك أمام جبابرة، لا يستطيع أحد أن يجعل منهم عبيداً راكعين له.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى