​نواف.. طفل لا يتجاوز العاشرة يعيل أسرته من حلوى القطن

> زنجبار «الأيام» سالم حيدرة صالح

>
دفعت الحرب كثيرا من الأطفال إلى سوق العمل، وأجبرتهم على ممارسة أعمال شاقة ومهن معقدة في عدد من المدن الآمنة نسبيا، وبعضهم ما زال يعمل في مدن تشهد تصعيدا عسكريا وأعمال عنف بين حين وآخر، هذا بخلاف استغلال كثير منهم في عمليات التسول أو الزج بهم في الجبهات. ولا يقتصر الأمر على الذكور من الأطفال، بل يشمل الأمر الفتيات أيضا.

وقد فرضت الظروف الاقتصادية غير المستقرة  بين صنعاء وعدن نفسها على حياة كثير من اليمنيين، وفاقمت معاناة النازحين العاجزين عن التأقلم مع الوضع المعيشي، الأمر الذي اضطرت على إثره الأسر النازحة إلى تشغيل الأطفال دون سن الحادية عشرة في مهن منبوذة على المستوى الاجتماعي، أو معقدة وشاقة، لا تتناسب مع أعمارهم ورغباتهم الطفولية.

وتشير اليونيسف إلى أن حوالي 40 % من الأسر النازحة الأكثر ضعفا ليس لديها دخل، وواحدة من كل أربع عائلات نازحة ترأسها امرأة أو فتاة.   
نواف عبدالله (10 سنوات) أجبرته الأوضاع العسكرية المستعرة بين الفرقاء اليمنيين على النزوح إلى مدينة أبين، وترك أحلامه ومنزله في بيت الفقيه بالحديدة.

بعد وصول الطفل نواف إلى أبين، أقام في حارة حصن شداد بزنجبار، ولأنه وعشرات الأطفال واجهوا الأسباب والنتائج ذاتها بفعل الحرب والتعنت السياسي المستمر، لم تختلف قصة العناء التي عاشها نواف عن غيره من الأطفال الذين شردتهم الحرب وغربتهم في بلاد لم تعد تتسع حتى لأحلام الصغار.

مراسل "الأيام" في أبين صادف الطفل ذو العشرة أعوام في المجمع الحكومي بزنجبار، وهو يهم ببيع "غزل البنات أو حلوى القطن" يحمل عددا منها على ظهره، ويعرضه للبيع من أجل توفير لقمة العيش لأسرته.

ولم يكن نواف إلا واحدا من آلاف الأطفال اليمنيين الذين حرمتهم الحرب من التعليم والطفولة. وحسب اليونيسف، أصبح مليون طفل في سن الدراسة خارج المدارس في اليمن، وبعض فتكت بهم الأوبئة، إذ تفيد تقديرات اليونيسف الأخيرة بوفاة طفل كل 10 دقائق في اليمن بسبب الأمراض التي يمكن الوقاية منها عن طريق التطعيم.

ولا يزال اليمن يمثل أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب الأمم المتحدة، إذ يحتاج ثلثا السكان – أي ما مجموعه 20.7 مليون شخص – إلى مساعدة إنسانية عاجلة بسبب الحرب والأوبئة والكوارث.
ومع اتساع دائرة العنف المسلح تتسع حاجة اليمنيين للأمن والغذاء والدواء من جهة، ويزداد معدل الفقر وحدته الذي وصل، حسب تقارير دولية سابقة، إلى 80 %.

وتذكر تقارير اليونسيف أنه "من بين كل 10 أطفال، يعيش أكثر من 8 أطفال لدى أسر ليس لديها دخل كافٍ لتلبية الاحتياجات الأساسية".  
يسرد الطفل نواف قصة كفاحه، وفي ملامحه غصص آلاف الأطفال المسحوقين والمشردين بفعل الصراع الدائر بين الحوثيين والحكومة بمساندة حلفائهم الدوليين، يقول نواف بحسرة لـ "الأيام" أقوم ببيع شعر البنات كما تشاهدون من أجل توفير لقمة العيش لأسرتي المكونة من سته أفراد، وأبي يعاني من مرض الفشل الكلوي، وطريح الفراش لا يقدر على الحركة. ويضيف: "لم أتمكن من الالتحاق بالدراسة لأنني أنشغل في بيع شعر البنات يوميا من أجل أسرتي".

والد نواف أقعده المرض دون أن يعطف عليه وعلى أبنائه الستة، الذين يعيشون تحت وطأة الفقر والخوف والمرض، لكن نواف أصر على المحاولة والوقوف لتجاوز الظرف الاستثنائي الذي يعصف بالبلاد كلها. يواصل: "أجبرتنا الحرب على النزوح، وهنا أجبرني العمل على ترك الدراسة، لأن أسرتي بحاجة لمن يوفر لها المتطلبات اليومية من الأكل والشرب على الأقل".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى