​عدن.. حضور الأصدقاء وغياب الأشقاء

>
في خضم الحراك السياسي الذي عاشته مدينة عدن في شهر أكتوبر الماضي ومطلع الشهر الحالي نوفمبر، كان الأبرز فيه الزيارات الخارجية لعدن، التي دشنها المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن 5 - 6 أكتوبر، وتلتها زيارة الوفد السياسي الدبلوماسي الذي مثل دول الاتحاد الأوروبي، فزيارة المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، ثم الزيارة الثانية للمبعوث الأممي، وزيارات أخرى لسفراء ودبلوماسيين ومسؤولين في هيئات ومنظمات دولية، لم يكن بينهم للأسف مسؤول سياسي يمثل أي من الدول العربية الشقيقة، وبخاصة المنطوية في إطار التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية، وهو الأمر الذي دفع الرأي العام إلى التساؤل عن أسباب هذا الجفاء الرسمي العربي تجاه مدينة عدن، العاصمة السياسية المؤقتة والغياب عن مواكبة مبادرات وحضور الأطراف الأخرى، والتفاعل المباشر مع سائر القوى والأطراف والهيئات الموجودة على الأرض بما فيها الحكومة المعترف بها دوليًّا.

قد يقول قائل إن وجود مسؤولي السلطة ومؤسساتها وقيادات الأحزاب، والألاف غيرهم في العاصمة السعودية الرياض، وفي عواصم أخرى يغني عن إرسال وفود سياسية إلى عدن فيه قدر من التبسيط والتسطيح للمسألة، واستهانة بما لها من رمزية وأبعاد، وانعكاسات على الدور العربي وعلى مستقبل المنطقة. والحديث يدور فقط حول الحضور السياسي، ولا يتطرق لطبيعته ومضمونه، ومستوى تأثيره.

والوارد أن يكرر هذا القصور الأخطاء الجسيمة التي سبق ووقعت فيها حكومات عربية في تعاطيها مع الأحداث التي شهدتها كل من العراق وسوريا، وليبيا، قبل أن تتدخل مصر من خلال الموقف الذي أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي حول الوضع في ليبيا.
لقد سلمت العراق للأمريكان الذين بدورهم سلموها لإيران، ووسُلِّمت سوريا لترويكا استانا "روسيا وإيران وتركيا" ولأمريكا، فيما انسحبت الحكومات العربية في مرحلة التسويات التي سبق لها وأن تدخَّلت في بداية الأحداث بكل ما لديها من قدرات بضوء أخضر وشرعية من الجامعة العربية، والتي عادت اليوم وعبر الأبواب الخلفية وفي الوقت الضائع، للبحث عن أدوار هامشية.

وعدا عن الأبعاد السياسية كان الحضور السياسي العربي مطلوبًا إلى عدن مطلوبًا للتعبير عن التضامن مع عدن وسكانها وقيادتها وحكومة المناصفة، والشركاء في اتفاق الرياض التي جرى استهدافها بثلاث عمليات إرهابية دموية، أودت بحياة العشرات من المدنيين، وروعت السكان المسالمين، واستهدفت إلى جانب أمور أخرى إجهاض الانفتاح السياسي الدولي على عدن، وإعادة تشديد الحصار الذي سبق وفرض عليها عند احتلالها في حرب 1994م، والجدير بالاهتمام أن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن أي من العمليات الثلاث.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى