​ليبيا الحل.. اليمن التأجيل

>
لعبة الأمم هي بالأساس لعبة مصالح وعند توصل الأقوياء عالمياً إلى اتفاقات تحفظ مصالحهم، فمن الممكن وضع حد للتداعيات المهلكة لهذا البلد المنكوب أو ذاك ومساعدة أهله على الخروج من كارثة صانعها الأول هو هذا التغطرس العالمي الذي -ربما- ثاب إلى رشده الآن، وقدم حلولاً أثبتت الأيام أنها أقل مما كان يطمح إليه المواطن في البلد الضحية مقارنة بالأوضاع السابقة.

في ليبيا شكل القذافي حالة قلق للغرب بتحركاته جنوباً نحو أفريقيا ما بدا أنه مشروع تحالف المال والقدرات الأفريقية الكامنة بشرية واقتصادية فوق خرائط عبث بها الاستعمار وما زال مقيداً نفسه وصياً على القارة السمراء مع أنه كان بالإمكان التعامل غربياً مع طموحات القذافي غير الضارة أساساً بالغرب ما دام المال يتدفق كما النفط عالي الجودة وبيسر إلى أوروبا عبر مسافة هي رمية حجر بين جنوب وشمال المتوسط.

وكان بإمكان دولة مركزية ذات قبضة حديدية أن تحمي شواطئ وحدود جنوب اوروبا من تدفق المهاجرين و هو ما كانت تدركه إيطاليا تجاه ليبيا قبل ان تتدخل فرنسا راعية القصف الجوي العنيف لإمالة ميزان القوة لصالح الثورة التي سميت ثورة الربيع العربي وهي بالأساس ثورة المشروع الغربي - الصهيوني المتفق عليه في الدوائر الاستخباراتية لتفتيت الدولة القطرية العربية نتاج سايكس/ بيكو والتي باتت تشكل رعبا لإسرائيل كالعراق وسوريا أو حتى ليبيا، لكن مصر بشعبها العظيم وجيشها الظافر كان بمقدورها إحباط المؤامرة والخروج منها بأقل الأضرار لتتعافى أرض الكنانة وتستوعب الدروس من مخططات كهذه لن تتوقف أبداً لطبيعة الصراع وتاريخيته كصراع وجود بالمقام الأول.

 مصر وهي تعيد ترتيب بنيانها الداخلي بالكيفية المدهشة التي يشهدها الجميع في الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي تدرك أن حماية الأمن القومي المصري هو بإقامة مداميك الأمن القومي العربي المشترك في ظل تحديات دولية وإقليمية غير خافية على أحد.
فأطماع إسرائيل وإيران وتركيا تجد مجالها التآمري على البلاد العربية في ظل المخطط الغربي - الصهيوني، وتعمل تحت مظلته في سوريا والعراق وليبيا واليمن في تحالف غير معلن للإبقاء على حالة التردي العربية وجني الثمار من وراءها.

ويخطئ من يعتقد أن طرفاً من الأعداء الإقليميين سيضرب طرفاً آخر لصالح العرب.
فالخطر يظل قائماً من كل الأطراف الإقليمية تحت مظلة المشروع الغربي الشامل.

إن ترك المجال الحيوي العربي بدوله الكبيرة كسوريا والعراق وليبيا ناهيك عن اليمن وتونس نهبا لأطماع إيران وتركيا وإسرائيل وبرعاية غربية لترسيم خرائط تفتيتية اثنيا ومذهبياً وقومياً وزرع مكامن الإرهاب القاعدي والداعشي فيها لن نستطيع مواجهته فرادى وبدون مصر، وهو ما يتطلب عملاً عربياً تقوده مصر ومعها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية وجذب الجزائر بإمكانتها الضخمة للعمل معاً لرسم ملامح المشروع القومي العربي المشترك الذي يعيد سوريا والعراق إلى الحاضنة العربية ومنع انهيارات قادمة في تونس والسودان والعمل مع المجتمع الدولي لإعادة كيان الدولة في ليبيا التي لن تكون إلا ضمن نسيجها العربي رديفاً لمصر وقوية بمصر.

ويبقى اليمن ببؤسه المؤرق حالة مؤجلة من المنظور الغربي حتى تتم التفاهمات على مخزونه النفطي الهائل وترتيب شكل الدولة أو الدول القادمة فيه، وهو ما يتطلب تدخلاً مصرياً قوياً لمنع استمرار وضع  كهذا مدعوماً من التحالف العربي بقيادة السعودية لحلحة الوضع باتجاه إنقاذ اليمن وشعبه من مرارة حرب أكلت مقدراته، وعدم استثمار الحرب من أي قوى لإنهاك السعودية وإغراقها في حرب لا نهاية لها، واستنهاض قوى يمنية جديدة تستطيع المواكبة والعمل مع المجتمع الدولي والعربي بقيادة مصر بعد أن ارتهنت وأفلست كل القوى السياسية في اليمن التي أصبحت جزءاً من المشكلة وليس الحل، وأصبحت في وادي والشعب في وادٍ آخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى