قل لي ذي مضى شيء بايعاد

> أيه.. سقا الله على أيام زمان، التي كان فيها البال مرتاحًا تمامًا، خاليًا من كل تلك المشكلات والأزمات التي لا يكاد ينجو منها أحد هذه الأيام، التي جثمت على صدورنا، أكثر من خمسين عامًا ونحن في انقلابات.. تغييرات.. في حروب متواصلة أحرقت الأخضر واليابس، شردت المواطن من وطنه، أصبح إما مفقودًا أو قتيلًا أو ضائعًا، رحم الله أيامًا كانت فيها الوطنية الصادقة المخلصة لصالح الوطن والمواطن في أوجها بحق وحقيق، وليس كما هو الآن، صراع على المكاسب والمصالح وحكم الكراسي.

تلك الأيام الهادئة عندما كان الوطنيون يحلمون بحرية ووحدة هذه الأمة، رحم الله أيام الخمسينيات وحتى أيام العقود التي سبقتها عندما كان أبناء هذه البلاد يتنادون للتصدي للخطر الذي كان يداهم مستقبل أهاليهم.. وبعد ذلك خلف من بعدهم خلف تجنوا في قنوات الاستهلاك وصفوف التهالك على ملذات الحياة؛ بل والركض حفاة خلف الأيام لتحقيق مستوى معقول من الحياة، فصارت الوطنية بنظر بعضهم عيبًا والوطنية اتهامًا وزج بالمناضلين من أبناء هذا الوطن في غياهب العتمة، وغابت عن الساحة حتى البطولات الفردية بعد أن شبعت الشعوب من الخطاب السياسي العربي الذي لم يحقق لهم شيئًا فضاعت فلسطين وغيرها من البلدان العربية.

ونحن كنا نعتقد في صغرنا أننا موعودون بمستقبل زاهر، وحياة هادئة سعيدة، لكن للأسف فقد "جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن" لقد جاءت فترة كل أيامها لحس وسحل واغتيالات واعتقالات... إلخ، وتخفيض الرواتب واجب ولحقتها أيام نكد وبلاء وهروب من البلاد، وحرب بين قبائل الجنوب على كرسي الحكم، وهي للآن تواصل نكباتها وأزماتها ومصائبها، لم تنفع صرخاتنا واحتجاجاتنا، ولا استجابة من أجلها، واليوم هو الأمس لا يزال صراخنا في وادٍ سحيق أو في وادي الحدادة لا فرق، لكن من حقي ومن حقنا جميعا أن نتساءل من المسؤول حقًا عن وأد أحلامنا.

إلى متى ونحن نواكب الحياة السياسية في بلادنا على مدى سنين طويلة ونحن نشاهد تقلبات حادة في الداخل وفي المنطقة تارة من شرفة الإعلام المطلة على السياسة وتارة من داخل المطبخ السياسي، وشهدنا ولا نزال نشاهد تقلبات الأحوال والحكومات والسياسات والرجال، ولكننا وللأسف من حيث (ما ظلينا في ذلك اليوم أمسينا فيه) لا جديد ولا تغيير.. مجرد تتعالى بي الحين والآخر مقولة استفزازية يرددها مدمنو صناعة المؤامرات والدسائس والفتن وفطاحلة الفتاوى المشهورون الموتورون والمرجفون نسيوا فضل الجنوب الذي كل من أوى إليه لاجئ هارب.

لا أمل في إفاقة وطننا من غيبوبته التي طالت وطوّلت، صراعات مناطقية قبلية، صراعات مصالح من أجل الفيد أصبح الوطن على صفيح ساخن مما جعلنا نردد أغنية الفنان المرحوم محمد جمعة خان "يا راد يا عواد.. قل لي ذي مضى شيء بايعاد.. يا راد ياعواد ".. يمكن فيفتي فيفتي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى