​يا حكومة الحقوا المواطنين قبل أن يفتك بهم الوباء

>
من خلال ما يحدث بوطني من أحداث متسارعة، لا نتمكن من التفكير في عمل حل للحدث الأول حتى يظهر لنا حدث جديد؛ ليلهينا عن معالجة الحدث السابق، وما أن نبدأ بالتفكير لمعالجة الحدث الجديد حتى يظهر لنا ثالث، وهكذا تسير أيامنا دون عمل أي حل لأي حدث سابق. وهذه الأحداث جميعها تؤدي إلى التضييق على المواطن دون وجود معالجات وحلول جذرية، فأصبحت كافة الأحداث سلسلة واحدة ومصفوفة متراصة، يسهل تحليلها ويصعب حلها.

ولأن حكومة وطني ليس لديها القدرة الكاملة لأن تُفعِّل القرارات التي تصدرها بين الحين والآخر لمعالجة كافة الأحداث التي تؤثر على المواطن ومعيشته، ولكن لديها القدرة الفعلية فقط في خنقه دون أن يكون لديها قياس لمستوى الخنق، الأمر الذي زاد عن حده، فهي لم تستطع أن تثبت سعر صرف العملات الصعبة مقابل العملة المحلية حتى لأسبوع بل ليوم واحد فقط، فمنذ نهاية إبريل الماضي حتى يومنا هذا والسماء مفتوحة للعملات الصعبة لتتصاعد كيفما تشاء، والعملة المحلية يُحفَر قبرها بيد حكومتها.

ولأن كل شيء نستخدمه بحياتنا اليومية يعتمد على المواصلات والكهرباء، ولأن تشغيلهما يعتمد على البترول والديزل، وهما شريان الحياة لشعبنا، التي تستوردهما حكومتنا بالعملة الصعبة، كما يقولها المواطنون بالمقاهي وبالمواصلات العامة، بأن الحكومة تركت مهامها وسلمتها لتجار يتلاعبون بالأسعار، وكما ذكر مواطنون بإحدى المقاهي قائلين إن سعر البترول والديزل الذي يتم توريده لنا سعره أقل من السعر المعلن عنه بأكثر من ثلثي القيمة، لكن جشع التجار وافتعال الأزمات، وأيضا هناك قلة من المواطنين لديهم مداخيل مالية بالعملة الصعبة سواء بعملهم داخل الوطن أو من يحول لهم الحوالات من الخارج، فتجدهم يؤثرون على المواطن البسيط المغلوب على أمره، الذي ليس لديه سوى راتبه بالعملة المحلية، حتى أن الغالبية لم يستلموا رواتبهم لشهور مضت، وهذا الراتب الذي لا يكفي لشراء مواد غذائية للأسرة لأسبوع واحد دون سداد الالتزامات الأخرى من إيجار وكهرباء ومياه وشراء الأدوية وغيرها من الالتزامات التي يحتاجها كل مواطن غني وفقير موظف ومسؤول كبير بحياته اليومية.

ولأن المواطنون يزدادون اختناقا، لا نجد من حكومتنا أي تحرك أو حلول فعليه، بل إنها، ربما دون أن تعلم، تزيد من خنق المواطنين البسطاء بكل مناحي الحياة، فعندما تم دعم المخابز بالدقيق لتخفيض سعره تم مقابلها تصغير حجمة، وكأنك يا بو زيد ما غزيت، وعندما تم تحديد أسعار للحوم والأسماك والخضار والفواكه، التزموا كم يوم، ثم عادوا لأسعارهم القديمة، وزادوا فوقها بكل قوة دون مراعاة للمواطنين أو خوف من حكومة، وكل صاحب محل أو بسطة حكومة من ذات نفسه.

لذا، ومن خلال مقالنا هذا، نتمنى من حكومتنا أن تفرض هيبتها، ليس بخنق المواطنين، ولكن بضبط الأسعار وتثبيتها ابتداء من الديزل والبترول وعمل مناقصات مباشرة من الدولة لأقل سعر وأفضل مواصفات، وتكون هذه المناقصة فقط مع شركات عالمية معروفة ولا يكون بها أي طرف محلي، والحكومة تقوم عبر المصافي وشركة النفط بتوزيعه للمحطات الخاصة أيضا، لأن سعر الديزل والبترول كلما انخفض ستنخفض تلقائيا كل احتياجات المواطن.

وحتى لا ننسى العملة الصعبة، التي لابد من تثبيت سعرها -أضعف الإيمان إلى بداية عام 2020-بحيث كما ذكرنا بأكثر من مقال، وكتب كثير من الكتاب، وتحدث كثير من الناشطين بضرورة تغيير إدارة البنك المركزي بخبراء يمنيين يعملون ببنوك أوروبية، وهم على استعداد للوقوف مع وطنهم ومعالجة مشاكله، وكذلك كل من يستلم راتبا بالدولار من موظفي الدولة يعاد اعتماد راتبه وفق هيكل الرواتب لوزارة الخدمة المدنية، أو يعتمد له الراتب بالدولار، ولكن يستلمه بالعملة المحلية بسعر صرف يناير 2020، وكذلك يمنع على الشركات والمنظمات وما بحكمها صرف الرواتب بالدولار، ويصرف بالريال بسعر الصرف الذي ذكرناه في السابق، وهنا سنتفاجأ بأن سعر العملة المحلية سيعود كما كان بيناير 2020، ويثبت عليه، لأن الحكومة عالجت أهم أسباب تدهور العملة المحلية، وبدأت بنفسها وكل من هم تحت مظلتها.

فمتى سينفك الخناق عن المواطنين، أم ننتظر حتى نشاهد مقابر يومية بالعشرات، وربما بالمئات بسبب الموت "جوعا وقهرا"، إذا ظهر هذا الوباء بدلا من أن نقول الحمد لله، نجا مواطنونا من وباء كورونا، الذي رحل بسببه المئات والآلاف بعدة دول، لنصنع لأنفسنا وباء خاصا بنا فقط، ولن نستطيع التغلب عليه إذا ظهر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى