إسرائيل وإيران والخليج.. الحرب آخر ما تريده المنطقة الآن

> "الأيام" العرب:

> تشهد منطقة الشرق الأوسط حراكا دبلوماسيا مختلفا، يهدف إلى التهدئة وقطع الطريق أمام التصعيد الذي قد يقود إلى مواجهة عسكرية لا يريدها أحد، سواء إسرائيل أو إيران أو دول الخليج، في الوقت الذي يقول فيه متابعون للشأن الخليجي إن التصعيد الإعلامي الذي تلجأ إليه طهران أو تل أبيب هدفه تحسين شروط التفاوض بالدرجة الأولى والتسويق الداخلي بالدرجة الثانية.

وأظهرت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى الإمارات وما حف بها من تصريحات أن محورها الرئيس كان بناء علاقات ثنائية متينة على مستويات مختلفة، وأن الموقف من إيران لم يكن حوله اتفاق. وبينما دأب المسؤولون الإسرائيليون على إطلاق تصريحات قوية ضد طهران، ضمن ما يعرف بسياسة الضغط والاحتواء التي تتم بالتنسيق مع الولايات المتحدة، تنظر الإمارات إلى الموضوع بشكل مختلف.

ويرى المتابعون للشأن الخليجي أن توطيد الإمارات علاقاتها مع إسرائيل لا يعني مشاركتها أجندة تل أبيب تجاه إيران، مشيرين إلى أن أبوظبي تضع العلاقة مع تل أبيب وطهران ضمن مقاربتها لتصفير المشاكل، التي تعني بناء علاقات تقوم على المصالح الثنائية بشكل مستقل عن أي تحالفات أو تصنيفات مسبقة، وأن تطوير العلاقة مع إسرائيل لا يتعارض مع الانفتاح على إيران وتمتين التعاون الاقتصادي والتجاري معها، وهو ما كشفت عنه الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد إلى طهران ولقاؤه بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وقال بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات (وام) إن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد أعرب خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أمله في "أن يعم الاستقرار في الشرق الأوسط"، وإن الجانبين أكدا في ختام اللقاء على "مواصلة دعم علاقات التعاون الثنائي والعمل المشترك بما يعزز مصالحهما المتبادلة ويسهم في ترسيخ الاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة".

ويعكس هذا التوافق بشأن دعم الاستقرار موقف الإمارات التي تعمل على الفصل بين البعد الاقتصادي كحاجة لشعوب المنطقة، وبين الخلافات السياسية التي يمكن تطويقها بمرور الوقت، وبنجاح مسارات التعاون المختلفة التي لا شك أنها ستفتح الأبواب أمام الحلول الدبلوماسية بعيدا عن الشعارات ومعارك الماضي التي أعاقت تطور كثير من الدول وعرقلت برامج التنمية.

ويقول مراقبون ومحللون سياسيون إن موقف الإمارات، الذي يتم التعبير عنه بشكل علني، يعكس إلى حد كبير موقف مختلف القوى الإقليمية في المنطقة التي تعرف أن مسار الحرب لن يجلب سوى الدمار والفوضى، ويمنح التيارات المتشددة فرصة سانحة للصعود، ولا أحد يمكن أن يتحكم في هذا المسار أو يزعم القدرة على مواجهته، بما في ذلك إسرائيل.

وقال السفير الإسرائيلي أمير حايك لراديو الجيش الإسرائيلي في مقابلة: "رئيس الوزراء لم يأت إلى هنا (أبوظبي) فقط لتناول المسألة الإيرانية"، وهو ما يعني أن هناك أولويات أخرى للزيارة.

وخلال السنوات الأخيرة أظهر التشابك الإسرائيلي – الإيراني في سوريا أن لا أحد منهما يريد المواجهة، وأن الأمر كان يتوقف دائما عند توجيه الرسائل من أجل رسم حدود التحرك، وذلك بصرف النظر عن التصريحات التي تُلوّح بالمواجهة والحملات الإعلامية التي يعمل فيها كل طرف على إظهار نفسه في موضع قوة، وهي حملات لطمأنة الداخل أكثر منها تعبيرا عن الحقيقة خاصة بالنسبة إلى إيران التي تريد المحافظة على تيقظ أذرعها من أجل الاستمرار في لعب دور أوراق الضغط التي تحسّن شروط التفاوض.

وبالتزامن مع الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أبوظبي قال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، الاثنين، إن الجانب الإيراني "عقد اجتماعات مع مسؤولين من الإمارات والسعودية حول القضايا الإقليمية، وتم تبديد سوء التفاهم إلى حد ما".
واستطرد: "لا اتصالات تذكر مع البحرين حتى الآن، ويمكن لسلطنة عمان بالتأكيد أن تلعب دورا في هذا الصدد".

وتم الكشف عن عقد جلسة حوار غير رسمية في العاصمة الأردنية شارك فيها خبراء من السعودية وإيران وتناولت قضايا أمنية، من بينها الملف النووي الإيراني.
ومن الواضح أن الهدف من هذا اللقاء هو امتصاص حالة التوتر الإقليمي وتوجيه رسائل، خاصة من جانب إيران، مفادها أنه يتوجب العمل حثيثا على تبريد الخلافات مع دول الخليج وسحب أي مبرر لتصعيد أميركي أو إسرائيلي تحت ذريعة الدفاع عن أمن المنطقة.

وناقشت الجلسة التي استمرت ثلاثة أيام واستضافها "المعهد العربي لدراسات الأمن" في العاصمة الأردنية "قضايا أمنية وتقنية ركزت على الحد من تهديد الصواريخ وآليات الإطلاق"، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية الأردنية (بترا).
وركزت على "إجراءات فنية لبناء الثقة بين الطرفين، وتحديدا في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي، والتعاون في مجال الوقود النووي ومحاور أخرى".
ويظهر هذا اللقاء أن السعوديين من جهتهم جادون في منح الفرصة للحوار السياسي مع إيران على أمل أن يساعد في تبريد الخلافات، وخاصة في اليمن الذي لم يفض فيه الخيار العسكري إلى أي نتائج. ويريد السعوديون التفرغ للمعركة الأهم، وهي المعركة الاقتصادية والإنفاق على المشاريع التنموية الكبرى بدل الإنفاق على الحرب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى