تخيل معي الأن أن من يريد أن يغيض الانتقالي، أو من ينتمي إليه لن يستخدم فاكهة أو حتى يناديه بأي لفظ مناطقي استفزازي سابق. تخيل معي أن رفع علم اليمن بكل بساطة سيؤدي إلى الاستفزاز، وهنا تقوم قوات الأمن بالتدخل وأخذ العلم بالقوة. ستتطور الأمور ومؤكد سنصل إلى اعتقالات. هنا توقف قليلا.
ألا يذكرك المشهد بشي؟!

ألم تستدعي من الذاكرة مشاهد قديمة؟! سيقول قائل إن علمنا الجنوبي قد سالت لأجله دماء، وسنحميه بدمائنا. سأقول توقف كذلك قليلا. ألا تذكرك هذه العبارات بذات العبارات التي قيلت في ذات المشهد المتذكر، ولكن من الطرف الفاعل؟!
ألم يستفز علم الجنوب في 2007 عسكر المحتل الشمالي البغيض؟ ألم يقال حينها إنه يمثل الوحدة التي سالت لأجلها الدماء!

إني أرى القادم قاتم إن لم تُستَدعَ العقول والحكماء ويتم التصحيح في المسار. كفى سنوات من العبث بحق دماء شهدائنا، كفى إجحافا وعبثا.

سيقول قائل إن هؤلاء مندسين وشماليين وعرب 48 وديماغوجيين ووو... إلخ. علما أنهم لو كانوا كذلك في شارع رافض لهم فلن يتجرأوا على فعل ذلك. وهنا اسمحوا لي أن أذكر أنه في الأمس البعيد، حينما كان يختلف أحد رفاق حراك التحرر الوطني منذ 2007 كان يرتمي بحضن صنعاء، وكان يقال إنه خائن وعميل أو اشتروه أو ابتزوه وهددوه، وكنا نسمع أنه كان وكان وكان. وفي الأمس القريب حينما كان أحدهم يختلف مع الانتقالي يذهب ليرتمي بحضن الشرعية الوحدوية ويرفع علم اليمن الفدرالي، وحينها يقال فيه ما قيل في من قبله، فضلا عن إضافة انتهازيته وتسلقه ووو...إلخ.

اليوم تستمر المسالة، ولكنها تواجه شارعا محتقنا غاضبا من تردي كل شيء، حتى مستوى المعاملة الأخلاقية، ومستوى شعوره بآدميته، لتمارس معه ذات الوسائل والأساليب القديمة التي استخدمت مع الأفراد المذكورين مسبقا، أي إنهم يذهبون نحو جعل الشعب هذه المرة خائنا، مندسا، عميلا، وكأن الوطنية صك من صكوك يملكونها ويوزعونها على من يشتهون.

الشعب يا سادة، أو الناس التي احتفلت صرخت بما لم تتخيل يوما أنها ستقوله، وما قالته إلا في سبيل الاستفزاز الذي تعرضت له منكم، أو من فشل إدارتكم أو أدواتكم أو أي مما تحبون أن تسموه، ليصبح ما يستفزكم اليوم هو رفع علم الاحتلال، وكأن الدائرة تدور، فلا تكونوا كمحتليكم ولا تعيدوا ذات الممارسات، بل اعتبروها ناقوس خطر يستدعي دراسة مستعجلة للأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الحال، والبدء بالتصحيح فورا إن كنتم لجنوبنا مخلصين.