أزمة الكهرباء في عدن لها وجه آخر.. لو كانوا يفقهون

> أسمهان العلس

> تميزت مدن محافظة عدن منذ سنوات الحكم البريطاني 1839-1967، وما أعقبها من النظام الوطني الديموقراطي حتى قيام الوحدة اليمنية 1967-1990، بالتخطيط الحضري المستجيب للمساحة المحددة من الأرض المستهدفة من هذا التخطيط، والكثافة السكانية المؤهلة، والخدمات الواجب إدراجها للمدينة المعنية بهذا التخطيط.

وعلى أساس هذه المعايير استقامت الخدمات العامة (الإمدادات الكهربائية، المائية، والهاتفية، وشبكات الصرف الصحي، الخدمات التعليمية والصحية والأمنية والقانونية)، بل والمساحات المحددة للتسوق والمتنفسات العامة.

وظلت هذه المدن (كريتر، التواهي، خورمكسر، المعلا، الشيخ عثمان، وعمر المختار، المنصورة) المعروفة اصطلاحا بـ "القديمة"، بل المنطقة أو تلك النواحي المستحدثة فيها المعروفة بالوحدة السكنية (ريمي، نجوى مكاوي) تحتفظ بهويتها الثقافية والمعمارية بل التجارية، مما أكسبها تنوعا جميلا وملمحا تاريخيا له قراءته المختلفة والمتنوعة، وقد احترم التخطيط الحضري الحاجات المستقبلية لهذه المدن، واستجاب لها ضمن مخططاته.

والراصد لواقع اليوم لهذه المدن ينبئ بالآتي:

- طمس تام للمدينة التاريخية "عدن القديمة" وتغيير الهوية المعمارية الفريدة لها.

- سيادة الهوية التجارية لكل المدن الأخرى. وأصبحت أسواقها تتداخل مع شوارعها في النشاط التجاري المكرر في كل مدن المحافظة.

- تغير عام في الهوية المعمارية، وتكييف المساكن لتستجيب لواقع البسط للأزقة والأركان، ومداخل البيوت لتتحول إلى عشوائيات لا علاقة لها بما مضى من هوية محددة، واعتداء على الأزقة المحددة للمشاة كحق عام، وتجاورت البيوت مع المحلات التجارية والورش الصغيرة التي انتقلت من الأراضي المحيطة إلى عدن.

- توسع رأسي في البناء القديم ليستجيب للحاجات الأهلية أو إغراءات البيع.

- موجة طاغية لشراء البيوت الأرضية، والفلل القديمة وهدمها وتحويلها إلى أبراج سكنية وتجارية، مستفيدة من الخدمات العامة المحددة للمبنى القديم ولعدد محدد من الساكنين، مما يشكل ضغطا عاما على المساحة الجغرافية المعنية أو المحيط المتصل بها.

- سلوكيات الربط الكهربائي العشوائي لتوفير احتياجات حركة البناء غير المدروسة.

وتعكس لنا هذه القراءة لواقع المدن المختلفة غيابا تاما لأجهزة السلطات المحلية للمسائل التالية :

* ضبط أعمال البيع والشراء والهدم وإعادة البناء وفقا للأنظمة التي تحكم هذا الجانب، دون رقيب أمني لمصادر الزحف البشري والمالي على المدينة ودوافعه المعلنة والمخفية.

* الانتشار غير المدروس للمطاعم والفنادق والورش الصغيرة المترافق مع عدم حيازة تراخيص عمل وآليات ضبط لساعات عملها.

* غياب تام لاستراتيجية السلطات المحلية في مواجهة هذا الواقع المخيف ببدائل مضمونة.

عجز تام للسلطات يقابله تدني وانهيار تام للخدمات العامة. وعدن تخسر من موروثها الخدمي الرائد مقابل جهل وغياب رؤية للدوائر المسؤولة وانعدام مبدأ الرقابة والمحاسبة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى