رحم الله مسؤولا عرف قدر إمكانياته وقدراته!

> ليس لدي أدنى شك في إخلاص ووطنية بعض مسؤولي قادة بلادنا، وليس لدي أدنى شك في أن بعضهم يبذل جهدا يفوق طاقة البشر للنهوض ببلادنا عسكريا واقتصاديا واجتماعيا.

لكنني في ذات الوقت على يقين أن هناك رجالا في السلطة قريبون من دائرة صناعة القرار، يحملون المعاول لهدم كل محاولات الإصلاح والتقدم والخير والاستقرار، وأن هناك أيادي تصنع الأزمات والقوى والإرباكات والاختلالات الأمنية، وتشعل نار الغضب في صدور أبناء البلاد الخيرين، وتلعب بمصائر الناس وإثارة البلبلة والإشاعات والدعايات الفارغة لتحقيق مصالح شخصية تحت زعم أنهم يحققون مصلحة الوطن والمواطن، وهو في الأساس كلام هراء فارغ لا فائدة.

وهناك قصص كنت أود أن أرويها في موضوعي هذا ربما تتشابه مع قصص ووقائع أخرى حدثت في أيام حياتنا العملية، لا تزال مثل تلك المخالفات مستمرة في أجهزتنا الحكومية وغيرها دون ردع أو محاسبة من الجهات المختصة، دون أن يتنبه إليها أحد، أو ربما سمعوا عنها وتغاضوا عنها ولم يعيروها الاهتمام، وربما قد تتكرر عشرات المرات في الشهور القادمة دون أن يتوقف عندها أحد بالفحص والتحليل والتحقيق النزيه – الأمين، لأن هناك أيادي خفية تلعب من خلف الستار بمصائر المواطنين وتمارس بحنكة شديدة تصفية حسابات قديمة.

للأسف، إن هناك أناس احترفوا سرقة أغلى ما يملك الآخرون، فلا يكاد هؤلاء يفرغون من عملهم حتى يذهبوا به في كل مكان، ويدافعوا بالأنباء الكاذبة عن إنجازاتهم المزعومة -إذا كان لهم إنجاز- إلى أن يجدوا الطريقة المثلى لسلب جهد من عمل وأبدع وبذل من عرقه وروحه، حتى يحقق شيئا لبلاده. إنها ظاهرة عمت كثيرا من عهود القهر والاستبداد والهمجية والغوغائية المطلقة، كأنما نحن أمام سراب من وحوش تركض في البرية بغير هدفن إلاّ أكل لحوم الفرائس التعيسة، تلك التي وقعت في الشراك، وأدت إلى ركن اعتقدت أنه يحميها من شره هذه الوحوش، فإذا هي بين أنيابها.

ولقد صادفت في حياتي من هذا النوع كثيرا، ورأيت من له في هذا المجال باع غير مسبوق، فيلين لك ويوهمك بإعجابه الشديد، وقد تمتد يده الآثمة إلى أبعد ما يكون من جني ثمار ليست من فكره ولا من زرعه، ثم في نهاية الأمر أجدها في وسائل الإعلام مفرودة الأحرف والكلمات؛ لتصبح العبارات كأنها منسوبة لأب غير شرعي.
لقد انتشر هؤلاء بيننا بشكل يثير الخوف والقلق على مستقبل بلادنا الذي لم يكن ليعرف هذه النماذج إلاّ في أضيق الحدود. وكم من الضحايا أعرف أنهم يخفون حتى هذه اللحظة أسوأ الذي تعرضوا إليه بسبب عملهم مع هؤلاء النكدين الذين شوهوا جمال الحياة، وخلفوا في وجهها ندوبا من أفعالهم المتدنية المشبوهة.

وكثيرا ما سألت نفسي كيف صعد هؤلاء إلى مثل هذه الأماكن التي لا يصعد إليها إلاّ ذي همه وذكاء وتأهيل علمي وعملي، كيف تعبدت لهم الطرق المؤدية إلى مراقي المجد، ذلك المجد المزيف، وشيدت لهم الدعايات المشبوهة، بل يكادون لا يملكون دليلا على عمل قدموه إلاّ هذه الأكاذيب والتهريج والبلف والنضال المصطنع.

وإجابة تساؤلي واضحة فيما تقدم، وفيما هو مخبأ في الأقدار لا يزال جهد آخرين وعمل ونضال أشخاص مجهولين شطب أسماءهم البطش واللحس والسحل والطغيان، وجعلهم يرضون بأقل القليل، ربما لحاجة العيش أو لتجنب سطوة الجبار إذا جن جنونه، أمام ما يبدعه آخر يمتلك الموهبة والقدرات الرفيعة والخبرة والتأهيل ما لا يمتلك هذا المدعي (الخراط) زورا وبهتانا بأنه الموهوب والمبدع والمناضل... إلخ وكأن الشجن الذي دفعني إلى هذا البوح المرقد فاض بي حزنا وكمدا وجعلني أخشى أن تذهب أنفس من بني وطني على ما ضاع منهم حسرات أو تزهق أرواحهم كمدا وقهرا وليس أسوأ من قهر الرجال في هذه الدنيا.

رحم الله مسؤولا عرف قدر إمكانياته وقدراته، وقدر عمره!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى