دور الأسرة في بناء المجتمع!

> في المجتمعات التي تكثر فيها النزاع و الخشونة والعنف والفساد يصعب فيها تحقيق العدالة فما بالكم بمقدرة الإنسان على الدفاع عن حقوق المظلومين! في مثل هذه المجتمعات، علينا أن نحلل وضع الأسر فيها حتى نفهم ونعرف سبب هذه القسوة والعنف، وعدم إتباع القانون وصعوبة تطبيق العدالة والدفاع عن حق المظلومين من قبل أصحاب القرار.

الأسرة هي الخلية الأولى في جسم المجتمع، وهي النقطة التي يبدأ منها التطور، ويمكن مقارنتها في طبيعتها في جوهر وجودها بالخلية الحية في بيولوجيا الكائن الحي، فهي أول وسط ينشأ فيه الفرد، ويتشرب مكوناته الثقافية واللغوية والتراثية ومجموعة عاداته وأسلوب حياته، وقبل ذلك، هي مصدر الأخلاق والدعامة الأولى لضبط سلوكه والإطار الذي يتلقى فيه أول درس من دروس حياته الروحانية الأبدية.

وعند إجراء هذا التحليل، لا مجال للاستغراب حينما نكتشف أن المسؤولين في مثل هذه المجتمعات:
- هم أفراد تربوا منذ الصغر وهم يشاهدون بشكل مستمر إهانة أمهاتهم أمام أعينهم، وكيفية الاعتداء عليهن بالضرب المبرح!

- هم أفراد كبروا وهم يسمعون آبائهم ينادون على النساء في أسرهم بالضعيفة أو البيت أو في أحسن الحالات تسمى بأم (فلان)!
واذا ضحكت المرأة قالوا اصمتي صوتك عورة، وإن تعطرت أو أظهرت خصلة من شعرها فهي امرأة عديمة التربية!

- هم تربوا منذ الصغر على التمايز بين الذكر والأنثى، و شاهدوا كيف سلبت من يد أخواتهم القلم والمسطرة والممحاة ليضعوا يدها البريئة في يد من دفع مهرها لتذهب معه لتخدمه وتسعده.
- هم تربوا منذ نعومة أظفارهم وهم يرون الظلم من أقرب الناس لهم لأقرب إنسانة ارتبطوا بها عبر جسد واحد (الأم) فكبروا وقد قست قلوبهم، فلا يميزون اليوم بين الحق والباطل، الظالم من المظلوم، فما هي انتظاراتنا، بالله عليكم، ممن تربوا مع صوت البكاء وفي جو القهر والظلم، وعلو مقام حامل السياط.

ولكن كما قال القدماء: "الظلم لا ينام" بل يتبلور من شكل إلى آخر، وهذا العنف الذي نراه اليوم في مجتمعاتنا إنما هو تبلور لشکل البيئة والتربية التي كانت بالأمس تحكم قاعدة المجتمع، ولكن إن أردنا تغير المستقبل نحو الأفضل فما لنا سوى تربية وتنشئة الأطفال، فهم قاعدة المجتمع، وما يواجهونه اليوم من تحديات وقهر وظلم وتمييز وتعبئة من البيت والمدرسة والظروف القاسية؛ سوف يرجعونها برسم الأمانة لمجتمعهم ولكم ولنا غدا أو بعد حين.

فلنراقب جودة ما نغرسه اليوم في ذواتهم لو نريد مستقبلا مشرقا زاهرا بالتعايش السلمي والوحدة والبناء لمجتمعنا، فأطفالنا هم أمل المستقبل! هم مسؤولو الغد، ولا فرق أو تمايز بين الذكر والأنثى؛ فالروح الإنسانية واحدة لا جنس لها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى