شبوة تجني أولى ثمار تحييد "حزب الإصلاح"

> ​لم يمض سوى أسبوع واحد فقط على إزاحة الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، لمحافظ محافظة شبوة، محمد بن عديو، القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان مسلمين) من منصبه، وتحييد القوات العسكرية الموالية للحزب في المحافظة النفطية، بعد موجة الاحتجاجات الشعبية، حتى بدأت شبوة تقطف أولى ثمار عودة اللحمة وتوحيد الصفوف الوطنية، من خلال تحرير مديرية عسيلان شمالي المحافظة، بإسناد جوي من طيران التحالف العربي، بعد أشهر من سقوطها ومديريتين أخريين في قبضة ميليشيات الحوثيين، دون أي مقاومة تذكر.

وأعلنت قوات ”ألوية العمالقة“، أحد أبرز التشكيلات العسكرية ضمن القوات اليمنية المشتركة، عبر قائدها، العميد عبدالرحمن المحرمي، أمس السبت، تحرير مديرية عسيلان، ودحر ميليشيات الحوثيين منها، خلال المرحلة الأولى من عملية ”إعصار الجنوب“ العسكرية، الرامية إلى تطهير مديريات عسيلان وبيحان وعين، من سيطرة ميليشيات الحوثيين، في ”سياق الانتصارات الواسعة التي تسطرها ألوية العمالقة الجنوبية في جبهات القتال“، طبقًا لما نشره الموقع الرسمي للمركز الإعلامي لألوية العمالقة.

وعقب يومين من الإطاحة بالمحافظ السابق، بن عديو، المتهم بـ“الاستغلال السيئ لسلطته في خدمة أجندة جماعة الإخوان المسلمين، والتواطؤ مع ميليشيات الحوثيين وتسليمها ثلاث مديريات من المحافظة دون قتال“ في سبتمبر/ أيلول الماضي، وتعيين الشيخ القبلي، ومستشار رئيس الجمهورية، عوض العولقي، بديلًا له، أرسلت قوات العمالقة أرتالًا من وحداتها العسكرية من موقع انتشارها بالساحل الغربي للبلاد، إلى محافظة شبوة لتحرير مديرياتها الثلاث من الحوثيين، مستغلة عملية إعادة التموضع والانتشار التي نفذتها القوات اليمنية المشتركة في الساحل الغربي، بتوجيهات من قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي، منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، وتحررها من قيود اتفاق ستوكهولم في الحديدة، الذي كبّل هذه القوات العسكرية قرابة 3 أعوام.

تغيير شامل
ويقول المتحدث الرسمي باسم القوات اليمنية المشتركة بالساحل الغربي، العقيد وضاح الدبيش، إن عملية إعادة التموضع التي نفذتها القوات المشتركة، آتت ثمارها في شبوة، من خلال التطورات والانتصارات العسكرية المتسارعة التي تشهدها المحافظة.
وأكد الدبيش، في تصريح أدلى به لـ“إرم نيوز“، أن تطورات شبوة والعمليات الهادفة إلى تطهيرها، ”ستحدث تغييرًا شاملًا في المشهد اليمني، وستفتح أبواب النصر الكبير الذي سيُسمع صداه في كل المحافظات الجنوبية والشمالية، وستضع الحوثيين أمام خيارين، إما الاستسلام أو الموت“.

وأشار إلى أن مديريات بيحان الثلاث، تحظى بأهمية جيو سياسية وعسكرية استراتيجية، إذ إنها البوابة التي يمكن من خلالها تخفيف الضغط عن محافظة مأرب، آخر المعاقل الحكومية في شمال البلاد.

وأضاف متحدث القوات اليمنية المشتركة، أن هناك توجها من قيادة قوات التحالف العربي والرئيس هادي والقوات المشتركة، بأن يكون العام 2022 هو عام الانتصار، بعد أن أغلقت ميليشيات الحوثيين جميع أبواب السلام برفضها وتعنتها، ”ولن يكون هناك منقذ لها هذه المرة، لا الأمم المتحدة ولا الولايات الأمريكية المتحدة ولا إيران ولا غيرها، ستعود مناطق بيحان وستعود مأرب وكافة مناطق الجنوب إلى حضن الدولة وحضن الجمهورية، وسيُرفع العلم إن شاء الله في صنعاء ومرّان“ في إشارة إلى المعقل الرئيس لميليشيات الحوثيين بمحافظة صعدة.

وأوضح أن الهجوم الذي شهدته مديرية عسيلان أمس، نفذته وحدات عسكرية من قوات العمالقة بنسبة تُقدّر بـ20% من نسبة قواتها الهائلة التي وصلت إلى شبوة، وبمشاركة محدودة من قيادة محور عتق والقوات المرابطة من الجيش، باعتبارهم من أبناء المنطقة وأعلم بدهاليزها، ”لكن الجزء الأكبر كان من قوات العمالقة بنسبة تفوق 95% من إجمالي القوات التي سيطرت على عسيلان.

تكامل وحاضنة
ويرى نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح، أن أسباب تحقق هذا الانتصار في عسيلان خلال فترة وجيزة، تعود إلى ”الاستراتيجية الجديدة في إدارة المعركة، والاعتماد على قوة عسكرية لديها المقدرة على خوض المعركة، وتمتاز بالمصداقية والجدية، بعد فترة مضت لم تشهد أي جدية من ميليشيات حزب الإصلاح في مواجهة ميليشيات الحوثيين، بل على العكس، كانت هناك حالة من التخادم بين الطرفين، مكنت الحوثيين من السيطرة على ثلاث مديريات في شبوة دون مقاومة، في حين بقيت الميليشيات الإخوانية منشغلة بحربها على أبناء شبوة، على معارضيها السياسيين، خاصة المحسوبين على قوات النخبة الشبوانية والمجلس الانتقالي الجنوبي“.

وقال صالح، في حديثه لـ“إرم نيوز“، إن هناك قوة جديدة اليوم، ممثلة بقوات العمالقة، ”وهي قوة معروفة بقوتها الضاربة، وخاضت معارك كثيرة في مواجهة ميليشيات الحوثيين وحققت انتصارات عديدة عليها في الساحل الغربي، وهي اليوم انتقلت إلى شبوة بجاهزيتها ومعنوياتها العالية، وهي دون شك قادرة على تحقيق الانتصارات“.

ولفت إلى توفر ”حالة التكامل ما بين كل مكونات المقاومة في شبوة، من سلطة محلية ممثلة بالمحافظ الجديد، وتوفر حاضنة شعبية للقوات العسكرية الجديدة ممثلة بقوات العمالقة، وكذلك دخول قوات النخبة الشبوانية إلى عتق (مركز محافظة شبوة) وباقي المديريات، لاستلام الأمن فيها، وكل ذلك يشكّل جبهة قوية ومتماسكة لمواجهة ميليشيات الحوثيين“.

وأكد نائب رئيس إعلامية الانتقالي الجنوبي، أن ميليشيات الحوثيين، بطبيعتها واهنة ولا تستطيع أن تقاوم، وكل معاركها التي خاضتها ضد القوات الجنوبية في جبهات الساحل الغربي أو محافظة الضالع أو كرش بمحافظة لحج، أو اليوم في شبوة، انتصرت فيها القوات الجنوبية وانسحبت ميليشيات الحوثيين، ”وكما هو من التجربة، لم يحقق الحوثيون أي انتصارات إلا في الجبهات التي كانت فيها حالة من التخاذل والتراجع وعدم الجدية، وهي الجبهات التي تتواجد فيها ميليشيات الإخوان المسلمين“.

وبشأن مستقبل العمليات العسكرية بشبوة، يرى صالح أن ”الأيام القادمة ستسير بذات المستوى من النجاحات والإنجازات العسكرية. صحيح أن المعارك المقبلة أصعب، خاصة في مديريات بيحان وعين، باعتبار طبيعتهما الجبلية المعقدة، إلا أن قوات العمالقة جاهزة ولديها الخطط الكفيلة لتحقيق التقدم وفق ما هو مرسوم لها باتجاه أجزاء من مديريات محافظة البيضاء وأجزاء من مديريات محافظة مأرب“.

أبعاد عسكرية
وتحظى محافظة شبوة بأهمية استراتيجية بسبب مواردها الطبيعية، ففيها أكبر شركات تسييل الغاز في اليمن وحقول نفطية، كما تضم ميناءي تصدير للغاز والنفط مطلين على بحر العرب، إلى جانب أهمية موقعها الجغرافي بين شرق البلاد وغربها الرابط بين أربع محافظات، تسيطر ميليشيات الحوثيين على مناطق واسعة من اثنتين منها، هما مأرب والبيضاء، ما يجعلها مفتاحًا مهمًا للعمليات العسكرية لأطراف الصراع، وهو ما تهدف إليه الحكومة اليمنية في تخفيف الضغط العسكري الذي تمارسه ميليشيات الحوثيين على محافظة مأرب.

ويعتقد الخبير العسكري، العميد محمد جواس، في حديثه لـ“إرم نيوز“، أن تحرير محافظة شبوة ”له أبعاده العسكرية والاستراتيجية في مسألة المواجهة مع الميليشيات الحوثية الانقلابية، فهي ليست فقط تحقق اختراقا عسكريا يؤثر إيجابا على الجبهات في مأرب والبيضاء بل أيضا تحقق توازنا استراتيجيا سياسيا مهما جدا في إدارة المعارك ضد الميليشيات بنتائج مثمرة ومضمونه تتلافى الإخفاقات والخلل السياسي السابق“.

وقال إن القدرات التي مكّنت ألوية العمالقة من إدارة معركة خاطفة بنجاح، هي أنها ”وحدات تتمتع بجودة قتالية جيدة وتدريب عال، والأهم من ذلك أن لديها خبرات في خوض المعارك، اكتسبتها من معاركها في الساحل الغربي“.
وأضاف الخبير العسكري أن التوجه السياسي للتحالف العربي في تغيير بعض ”الاتكاءات السياسية“ هو أمر ساعد في خلق عقيدة قتالية أشد عند الجنوبيين، فلا يمكن أن تقاتل دون دراية بالمآلات السياسية لتلك المعارك.

من جهته، أشاد وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمّر الإرياني، بـ“ما يحدث على الأرض من ترتيبات عسكرية بدعم من الأشقاء في تحالف دعم الشرعية، لتغيير مسار المعركة من الدفاع للهجوم واستعادة ما تم فقدانه من الأراضي المحررة، وتحرير كل شبر من التراب اليمني“.
وقال في سلسلة تغريدات على تويتر، إن ذلك ”يحتم على القوى السياسية وكافة الاعلاميين والصحفيين ترك خلافاتهم والتوحد خلف الجيش والمقاومة“ والاستفادة من دروس الماضي وتجاوز خلافاتهم وتوحيد الصف والجهود، إدراكًا لخطورة المعركة وتقديرا للدماء التي سُكبت في مختلف جبهات القتال دفاعًا عن الوطن ومكتسباته.
وأشار الإرياني إلى أن النظام الإيراني استثمر ”خلافات القوى السياسية للدفع بميليشيا الحوثي لقلب الطاولة على الجميع، للانقلاب على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، واحتلال العاصمة المختطفة صنعاء والبدء بعمليات تجريف ممنهج لمؤسسات الدولة والهوية الوطنية والعربية، وتدمير النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي“.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى