حراك شبوه وهبة حضرموت .. حركت المياه الراكدة

> > سبع سنوات من التسويف في الحرب وبدلا من إحكام الخناق على الانقلابيين في صنعاء جرى نقل المعركة إلى الجنوب المحرر، وتم هدر الإمكانيات وتضحيات لا لزوم لها، وهدر كثير من الوقت حتى أصبح الحوثي وكيل إيران يتعملق، ولديه القدرة على توجيه ضربات في العمق السعودي وعلى وشك الاستيلاء على آخر مدينة للشرعية في جغرافية اليمن.

اليوم، نشاهد تحولا إيجابيا، وفي نفس الوقت دراماتيكيا، في الربع الساعة الأخيرة من الحرب في مواقف الأطراف (التحالف والشرعية والانتقالي) وآخرين من حولهم، ومن أبرز تلك التحولات تحرك قوات العمالقة إلى شبوة دون أي إعاقة من أحد، خاصة من تلك القوات التي قدمت من مأرب والمرابطة في شقرة، لا أحد يعرف ما الخطة التي تم التوافق عليها أو ما الخطوة التالية؟ لكن في كل الأحوال كانت خطوة في الطريق الصحيح.

السؤال من يَضمن تأمين قوات العمالقة التي توجهت إلى شبوة لتنفيذ مهام قتالية خاصة، وهي ستذهب إلى بيئة غير معروفه لها؟ وهل ستبقى القوات في شقرة في مواقعها، ومن يضمن عدم قفل بوابة شقرة مرة أخرى أمام قوات العمالقة ؟ ما المهام المسندة للقوات التابعة للشرعية في شبوة؟ وهل ستظل في مواقعها دون إشراكها في مهام قتالية ؟ وماذا عن القوات الأمنية الخاصة؟ هل ستسند إليها مهام جديدة؟ علما أن قوات العمالقة قد استقبلت بصاروخين ولم يكن مر على تواجدها إلا سويعات محدودة.

اتفاق الرياض ينص على حشد كل القوات التابعة للشرعية والانتقالي في مواجهة الحوثي، لتتمركز في جبهات القتال، أي أن تنتقل القوات في المنطقة الأولى بكامل عتادها إلى مأرب، ونقل القوات التي قدمت من مأرب وتتمركز في شقرة عليها العودة من حيث أتت، وهناك عدد من الألوية الموجودة في محافظة شبوه تنتقل إلى جبهات القتال في اتجاه بيحان، وتسلم كل تلك المناطق للأحزمة الأمنية والنخب المدربة على حفظ الأمن في مناطقهم، وهذا هو الأمر الطبيعي والمعقول والمقبول، لكن ذلك لم نلمسه حتى الآن، مما يثير عددا من الأسئلة إضافة إلى ذلك كان يفترض أن يواكب ذلك إجراء تغييرات واسعة النطاق في قوام قيادات وزارات الدفاع والداخلية وقادة المناطق والألوية، وبالذات الذين اثبتوا فشلهم وفسادهم، والذين كانوا عنوان الهزيمة والاستسلام مع إعادة ترتيب منظومة العمليات المشتركة وإدارة تنظيم التعاون بين القوات التي ستواجه الحوثي في الجبهات، مع تحديد مهام لكل قوة على حدة، تعمل بشكل مستقل في نطاق جبهة محددة مع مهمات عسكرية واضحة ودعم عسكري محدد حتى تتحدد المسؤولية عند النجاح أو الفشل عند النصر أو الهزيمة في كل جبهة على حده وحتى لا تضيع المسؤولية.

إن كان الجميع يهدف إلى كسر شوكة الحوثي في تلك المناطق فالمفروض أن تتظافر كل الجهود، ومع دخول قوات العمالقة معركة تحرير مديريات بيحان يتطلب أن تنشط جبهة مأرب وجبهة تعز وجبهة الساحل الغربي وكل الجبهات الأخرى في وقت واحد، لكي يتم تشتيت قوات الحوثي، وهذا هو الطريق إن كانوا يريدون اجتثاث الحوثي وعودة الشرعية إلى صنعاء، لكن إجراء عمليات مجتزأة يعني إعطاء الحوثي فرصة للمناورة بالقوات، ويعني تقديم تضحيات لا لزوم لها، وبهذا الأسلوب لن يتحقق أي نصر، وبالأخير يتم إطالة الحرب.

ومن الناحية الأخرى، لم يكن ممكنا تحريك قوات العمالقة إلى شبوة إلا بعد أن تم إعادة ترتيب البيت الشبواني، وقد سبق ذلك حراك جماهيري واسع النطاق، انتهى باعتماد شخصية سياسية شبوانية، تم تزكيتها جماهيريا، لتقود هذه المرحلة الحساسة والفاصلة في تاريخ شبوة، وكان ذلك التعيين بعيدا عن المحاصصة الحزبية في تعيين القيادات، وعنوان هذه المرحلة يجب الاعتماد على شرعية مواطني كل محافظة وتزكيتهم للقيادات الجديدة.

هبة حضرموت الثانية كشفت حجم الفساد الهائل في مجال النفط والغاز والمعادن الذي أرساه نظام صنعاء، واستمراره سبع سنوات دون أن تقوم الشرعية بتصحيح الأخطاء الفادحة في مجال عقود التنقيب عن النفط وعمليات الإنتاج والتصدير تعتبر مشاركة في الفساد. السؤال أين تذهب عائدات النفط والغاز خلال العقود الماضية ومن ضمن ذلك السبع السنوات الأخيرة؟ أعتقد أن لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة معنية بكشف حقيقة ما جرى من عقود وعمليات الإنتاج والتصدير للنفط والغاز لتضع الجميع أمام مسؤولياتهم.

أحيي أبناء حضرموت على وقفتهم الجادة والشجاعة في استرداد حقهم المنهوب وإعادته إلى أهله دون قيد أو شرط، على أن تسلم لهم إدارة الموارد من مطارات ومواني ومنافذ برية تتبع حضرموت، وتورد جميعا إلى خزينة المحافظة لصرفها في تنمية المحافظة.

وهي الأحق بثرواتها سواء كانت في باطن الأرض أو على اليابسة أو في جوف البحر، وهي الأحق بالاستفادة من إيرادات منافذها البرية والبحرية والجوية.

لم يكن تسليم مديريات بيحان للحوثي بريئا، بل يدخل في إطار تقاسم جديد لثروة الجنوب بين النخب الشمالية، ولو عدنا إلى عام 1988م قبل الوحدة كادت أن تندلع حرب بين دولة الجنوب والشمال بسبب تقدم وحدات شمالية حاولت السيطرة على وادي جنة في بيحان، وكانت قوات المحور الأوسط لها بالمرصاد بقيادة أحمد سيف المحرمي قائد المحور الأوسط، ولهذا نجد توزيع الوحدات العسكرية لم يكن على أسس عسكرية تخدم خطة الدفاع عن البلاد، ولكنها تمت على أساس حماية مصالح المتنفذين في صنعاء، ومنها قطاعات النفط والغاز التابعة لهم، وهذا ما لاحظناه بعدم زج قوات تابعة للشرعية من المنطقة العسكرية الأولى، ولا حتى من شبوة التي تم ضمها في أثناء الحرب إلى نطاق المنطقة العسكرية الثالثة التي مقرها مأرب. والغرض هو زيادة في التحكم بمناطق النفط وحتى تكون منابع النفط تحت سيطرتهم المباشرة، وحتى قدوم وحدات من مأرب لغزو عدن في عام 2019 م من مهامها أيضا حماية ممتلكات ما يزعم أنها للمتنفذين، ومنها حقل شقرة النفطي الذي يقال إنه تابع لأحد مشايخ الشمال، وحتى الآن لم تتزحزح تلك القوات من شقرة.

الجنوب بعد حرب 94 تحول إلى غنيمة توزعت حقول النفط والغاز إلى ملكيات شخصية للقيادات السياسية والعسكرية في صنعاء، حتى البحر تم توزيع الجرف القاري إلى قطاعات يمتلكها متنفذون أيضا، ولم تسلم المواني ولا المطارات والمصانع والمزارع الحكومية وغيرها، حتى السماء تم بيعه، ولم يتبقى للجنوبيين غير الهواء الذي لم يستطيعوا بيعه، وأصبح الجنوبيون ضيوفا على أرضهم لا يملكون شيئا.

حراك شبوة وهبة حضرموت الثانية صنعتا تاريخا جديدا ليس لشبوة وحضرموت، ولكن للجنوب كله، وما على الجنوب وممثله المجلس الانتقالي وكل المكونات الجنوبية الأخرى إلا أخذ العبر من هذا الدرس البليغ، على أن يقفوا صفًا واحدا مساندًا وداعما لهما حتى تحقيق الأهداف المرجوة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى