موردخاي الظاهري : الدين والشرف في اليمن

> يحتفظ موردخاي يتسهاري بن صالح بن سالم الظاهري بنهر من الأشواق والذكريات والحنين إلى وطنه اليمن بعد أن غادره في العام 1949م إلى فلسطين. ويقول: إنه لا يمضي يوم إلا ويدعو الله ثلاث مرات أن يعيده إلى وطنه.
ولد موردخاي في 28 فبراير عام 1930م في رداع، ثم انتقل صغيرًا إلى صنعاء حيث يقيم والده الذي كان مجايلا لأبناء الإمام يحيى حميد الدين ويلعب معهم كما أن جدته لأبيه كانت (خياطة) العائلة الحاكمة.

وعلى ما يبدو فإن والده كان في مركز مرموق، ومقربًا من عبدالله بن الوزير الذي نصب إمامًا لثلاثة أسابيع بعد نجاح مؤقت للثورة الدستورية في فبراير عام 1948م.
يتذكر موردخاي اليوم الأول للثورة عندما تحرك الجيش بدعوى استقبال ولي العهد أحمد بن يحيى حميد الدين القادم إلى صنعاء من تعز، بينما جاء التحرك للإمساك بمفاصل العاصمة صنعاء بعد أن استطاع الثوار بقيادة علي ناصر القردعي اغتيال الأمام يحيى في منطقة (حزيز).

وعلى ما يبدو فإن والد موردخاي كان ضالعًا حتى النخاع في حركة التغيير تلك، فقد وزع سرًا صحيفة (صوت اليمن) لسان حال حركة الأحرار اليمنيين، التي تطبع في عدن، ووجد في بيته عند مداهمته بعد فشل الثورة شعرًا مؤيدًا للأحرار وحتى سلاح ورصاص مخبأ في البيت.

شجع الأب ابنه وهو يهرب من سطوة الإمام أحمد إنهم سوف يقبضون عليه لا محالة (الابن)، لكنهم لن يلحقوا به الأذى لصغر سنه، وهو ما كان، عدا أنه قد وضع في زنزانة مظلمة لمدة عشرة أشهر، وهو ما دفعه لأن يرفع رسالة استعطاف للإمام أحمد خاطبه فيها بقوله: (جلالة مولانا أمير المؤمنين وناصر الدين.. إن الله قد خلق الليل والنهار آية للناس وأنا عشرة أشهر أعيش ليلًا دائما، وأن العبد لا يعاقب بذنب أبيه أو أمه فالله يقول: (ولا تزروا وازرة وزر أخرى).

فأطلق سراحه بعد مماطلة من الأمير الحسن وتدخل من السيد أبو طالب، أطلق سراح موردخاي ليغادر على إثرها إلى فلسطين.

ونستشف أنه كان بالإمكان للسجين من زنزانته مراجعة الإمام نفسه في مظلوميته مراسلة، وهو ما رأيناه أيضا عند زعيمين من زعماء الأحرار الأستاذ أحمد محمد نعمان والسيد أحمد الشامي اللذين لم يهدأ لهما بال حتى أطلق الإمام سراحهما من سجن (القاهر) بحجة بعد مراسلات مثيرة، لكن المداد الكثير الذي أهرق في التاريخ لثورة الدستور المغدورة لم يشر إلى دور يتسهاري صالح الظاهري وهي حالة نادرة لمشاركة مثل هذه لواحد من معتنقي اليهودية كأقلية في اليمن.

ومن كلام موردخاي العاطفي والمؤثر نعرف أن لأبيه مصنف في الأمثال اليمنية وقد نهج هو نهج أبيه بوضع مصنف آخر في الأمثال ناهيك عن الشعر المغنى الذي سمعناه يترنم بأبيات شجية منه.

لقد فجر موردخاي وهو في أرذل العمر كوامن عاطفته الصادقة تجاه وطنه اليمن، لنتذكر المواقف الوطنية ليهود عدن وعلى رأسهم زعيم الطائفة (ميشا) ممن لم تفلح معهم أحابيل الوكالة اليهودية لتهجيرهم إلى فلسطين، وظلوا مصرين على البقاء في عدن إلى أن افتعلت الوكالة والاستخبارات البريطانية أحداث العام 1948م التي طالت ممتلكات وأرواح اليهود بمشاركة بعض الرعاع الذين لا يدركون أبعاد المخطط الصهيوني الاستعماري لقلع هؤلاء من أوطانهم ورفد إسرائيل بهم لإقامة وطن لليهود على حساب فلسطين العربية.

ويحسب ليهود عدن أن خروجهم -كما أرادوه وأصروا عليه- لم يكن إلى فلسطين وإنما إلى لندن، حيث أقاموا تجارتهم في حي خاص بهم محتفظين بعاداتهم وتقاليدهم العدنية حتى اليوم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى