العدالة الانتقالية: خيار وقرار لا خوف منه

> استهلال:

حطم القادم بابي

معول ينزل بالهدم على حلم شبابي

نالني الدهر فهل للصبر نفع

خطوتي في دربي المعتم تاهت

حيث لا أمن ولا نور تناهت

ومعي قلب على الحب أمين

الشاعر الإماراتي/سيف المري

العدالة الانتقالية هي حقيقة مسلم بها وإن نسبيًا، وذلك بحسب منطقها الواقعي الذي يفيد أن للمرحلة الانتقالية عند إعلانها أو الالتزام بها كنهج مرحلي، شروطها الخاصة التي لا بد لها من أن تتواءم مع الحالة السياسية لهذا المجتمع أو ذاك، بل تعكس الوعي الاجتماعي للناس فيه، وهذا هو ديدنها الذي عرفت به في المجتمعات التي اختارتها كغاية إستراتيجية لها للخروج مما لحق بها من جراء السياسات الخاطئة ليس لنظام الحكم وحسب، وإنما للأفراد والجماعات والأحزاب المعارضة لها.

إن خيار العدالة الانتقالية هو خيار المرحلة الانتقالية، وليس ثمة خيار غيره، وليس خيارًا مزاجيًا كما قد يفهمها البعض دون أن يعلم مدى الإساءة التي يلحقها بهذا الخيار الإنساني النبيل الذي ترجع وقائعه التاريخية إلى زمن الدولة الإسلامية وتحديدا إلى عهد الخلفاء الراشدين كما تشير إلى ذلك عديد المصادر الإسلامية، ولنا منها وقائع وأسماء إسلامية كانت لها بصمتها في تأسيس هذا الخيار وحروب الردة وغيرها من الحروب مع المشركين في عصر الخلفاء الراشدين هي خير دليل قاطع على نبل وعظمة هذا الخيار الإنساني الذي سمي لاحقًا في العصور المتأخرة، بما فيها هذا العصر الذي نعيش فيه، بالعدالة الانتقالية.

للأسف الشديد هناك من لايزال يسخر من خيار العدالة الانتقالية، ويقلل من أهميته في مرحلتنا وبمبررات قطعية لا تضره وحده بل تضر بالسلم الاجتماعي الذي ننشده كمجتمع لايزال محسوبًا علي ما يطلق عليها اسم المجتمعات النائمة، وهكذا مبررات تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك هذه المقولة، وأن مثل هؤلاء سادرون في نومهم وغيهم، وأنهم خطر قائم على مجتمعاتنا سواء أحسنوا النية أم لم يحسنوها.

كما جرى ويجري على مرحلتنا الانتقالية التي أسس لها المجلس الانتقالي الجنوبي في خضم معركته المصيرية لاستعادة دولة الجنوب وتم وصفه بالمجلس الانتقائي، تراهم يسمون مبدأ العدالة الانتقالية بالعدالة الانتقائية، ويهولون من مخاطر هذا الخيار القرار بتوصيفات تدل على ما بهم من أمراض شتى وسوء نوايا لا تحمد عقباها.

خلاصة
إن العدالة الانتقالية خيار وقرار شجاع في آن واحد، وهي الخيار الصعب والسهل الممتنع كما يقول أهل اللغة والبيان، وهي أيضًا قرار مرن بالإمكان للمستفيدين منه أن يجعلوا منه بوابتهم السياسية الكبيرة لصنع واقع جديد لهم ولأجيالهم اللاحقة، وبعيدًا عن الضرر والإضرار بالنسيج الاجتماعي الواحد للمجتمع عن طريق ميثاق شرف واضح العنوان والبيان للجميع ويبقى لنا فقط متى ما أحسنا النوايا والمقاصد أن نجعله خيارنا الأمثل الذي لا نحيد عنه، أو نخاف منه ونلف وندور عليه أو من حوله، فقط فلنشبعه بمحبتنا وبتآلفنا من خلال تصالحنا مع ذواتنا أولا وأخيرا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى