​اليمن.. المحدِدات والحلول

>
يسعى العلماء في كوكبنا هذا إلى دراسة كل الظواهر في كل جوانب الحياة العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والطبية والرياضية، للتعمق ومعرفة كيفية حدوثها وكيفية التحكم فيها من خلال إيجاد ما يسمونه بالنموذج الرياضي، وهي معادلة رياضية عناصرها رموز تحدد ماهية العنصر وعلاقته بالعناصر الأخرى في المعادلة الرياضية، فإذا تم التمكّن من إيجاد النموذج الرياضي، فحينها تتم السيطرة على الظاهرة ومعرفة ماضيها والتنبؤ بمستقبلها ويسهل وضع الآليات المناسبة للتحكم في الظاهرة بما فيها التحكم بالمزاج العام والنشاط الجمعي الإنساني للشعوب والأمم.

يقوم علم حركة الأجسام على تحديد الخواص الحركية للجسم المتحرك مثل معادلة الحركة للجسم وسرعته وتسارعه في كل لحظة زمنية، ومن يعرفون هذه المعلومة يدركون أن هناك شروطًا توضع، لتبيان وتحديد حالة الجسم في لحظة البداية، وكذا في اللحظة المطلوبة النهائية، وتسمى هذه المعلومات بالمعطيات أو المحدِدات.

إن هذه المسألة هي اليمن وما يحدث فيها شمالا وجنوبا، هذه المسألة شئنا أم أبينا مكونة أساسًا من جزأين ويتوجب علينا إيجاد حلين رئيسيين لكل من الجزء الشمالي وحل آخر للجزء الجنوبي وقد يتكامل الحلان، كما يمكن أن تفرض الأحداث تفاضلات تبقي لكل جزء من المشكلة خصوصيتها، مع إدراكنا أن الجزأين (المشكلتين) مختلفان في النوع والطبيعة، فللجنوب مشكلاته ومعطياته وللشمال مشاكل أخرى بمعطيات تختلف في ماهيتها عن نظيرتها في الطرف الآخر. في (الحالة) اليمنية تكمن صعوبة حل المسألة في زيادة تعدد أجزاء المشكلتين الرئيسيتين نتيجة للتدخلات الخارجية إقليميا ودوليًا، إضافة لاستنساخ كيانات سياسية داخلية تابعة للقوى الرئيسية المحلية والإقليمية والدولية، لخلط الأوراق السياسية كلما تقاربت حلول المشاكل الأساسية في البلاد. لعل حالة الانسداد في مجرى الحلول السياسية الحادث حاليا، يمثل نموذجا لما نقوله، ولعل المعارك الدونكيشوتية، بين ما يسمى التحالف وشريكه المسمى بالشرعية في صراعهم مع الحوثيين وحلفائهم المحليين تمثل نموذجا صارخا للعبث العسكري في ظل عدم اتزان عسكري بين الطرفين لصالح التحالف وشركائه.

حسناً، دعونا في ظل كل هذه التعقيدات نوجد محددات مبنية على التجربة السياسية والعسكرية، التي حدثت خلال السبع السنوات الماضية، أقول دعونا نفكر في ما هي أهم المحدِدات الموجودة التي ينبغي إيجاد الحلول السياسية في إطارها دون تجاهل أو تقليل من قيمتها. في رأينا المتواضع نقول:

1 - لا يمكن إيجاد أي حل للأزمة اليمنية دون حصول الجنوبيين على حقهم في السيادة على أرضهم على حدودهم الرسمية قبل ظهر يوم 22/5/1990.
2 - بناء على معطيات الواقع، يمكننا القول إن عودة الشرعية لحكم صنعاء قد أصبح في حكم المستحيل عمليا.
3 - لا يمكن تجاوز الهيمنة الزيدية على حكم الشمال بحدود ظهر 22/5/1990 التي أثبتت الفرص التاريخية المتاحة للأغلبية السنية في الشمال (ومضت دونما أي حركة) توحي برغبة السنة في الانعتاق من الحكم الزيدي.
4 - لا يمكن الاعتماد على الأحزاب الكرتونية في الشمال أن يشكلوا قوة سياسية كافية لقيام دولة الجمهورية والقانون، دولة تستطيع السعودية أن تضمن حدودها الجنوبية معها.
5 - لا يمكن أن يعود المؤتمر الشعبي (حزب الأسرة الحاكمة والرئيس منصور وشركائه في الدولة العميقة) ليحكم الجمهورية العربية اليمنية أياً كانت قيادته، ذلك أنه قد استنفد كل هيبته وتمت بعثرته إلى أجزاء هشة تلاشيها جار على قدم وساق حتى وإن دعمته دول التحالف.
6 - لا يمكن عزل أنصار الله عن إيران وتجربة السبع السنوات الماضية تثبت ذلك، وأن ربط إيران بالمشكلة اليمنية وموضوع خلاف إيران مع الناتو سيزيد من قوة الترابط الإيراني الحوثي.
وسيعقد الموقف السياسي أكثر فأكثر، وبالتالي ستطول الحرب في اليمن التي ما عاد فيها شيء لم تتم تجربته، وهذا يعني أن المواطن اليمني قد يفقد السيطرة على نفسه ويجد نفسه أمام خيارات قد لا ترضي أطراف النزاع.
عش رجباً ترى عجباً.. هكذا تقول العرب، وسنرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى