كيف تتعامل القوانين اليمنية مع التنمر الإلكتروني؟

> «الأيام» "منصتي 30":

> في اليمن وبحسب إحصائيات رقمية فإن عدد مستخدمي الإنترنت في اليمن حتى يناير 2021م بلغ 8.06 مليون مستخدم، فيما بلغ عدد المستخدمين النشطين على مواقع التواصل الاجتماعي 3.20 مليون مستخدم. وفي ظل الحرب وتوقف معظم وسائل الإعلام أصبح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي المتنفس الوحيد لليمنيين وهو ما يفسر ظاهرة تزايد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن، حيث كان عدد المستخدمين في يناير 2020م 2.50 مليون مستخدم ليرتفع العدد في يناير 2021م إلى 3.20 مليون مستخدم نشط. ولا يخلو استخدم الإنترنت ومواقع التواصل من المخاطر الرقمية وخاصة تلك التي تستهدف المرأة حيث برزت مؤخرًا ظاهرة التنمر الإلكتروني على المرأة في اليمن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على المرأة في ظل مجتمع محافظ كالمجتمع اليمني الذي يتعامل مع التنمر من منظور ثقافة العيب والشرف، والتي بدورها تفاقم من معاناة النساء اللاتي يتعرضن للتنمر أو الابتزاز عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ما هو التنمر الإلكتروني؟
تعرف اليونيسف التنمّر عبر الإنترنت بأنه: التنمّر باستخدام التقنيات الرقمية. ويمكن أن يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنصات التراسل، ومنصات الألعاب الإلكترونية، والهواتف الخلوية. وهو سلوك متكرر يهدف إلى تخويف الأشخاص المستهدفين أو إغضابهم أو التشهير بهم. ومن بين الأمثلة على هذا النوع من التنمّر: نشر الأكاذيب أو نشر صور محرجة لشخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي، إرسال رسائل أو صور أو مقاطع فيديو مؤذية أو مسيئة أو تهديدات عبر منصات التراسل، انتحال شخصية أحد ما وتوجيه رسائل مسيئة للآخرين باسمه أو من خلال حسابات وهمية.

كيف ينظر القانون اليمني للتنمر الإلكتروني؟
تعتبر معظم القوانين اليمنية قديمة ولم يتم تحديثها لتلائم الواقع، ففيما يتعلق بالتنمر الإلكتروني لا يوجد نص قانوني صريح ينص على مثل هذا المصطلح بحسب رأي المحامية هبة عيدروس، حيث تقول: “مصطلح التنمر الإلكتروني دخيل على اللغة والقانون فهو مصطلح غير واضح ودقيق، كما أنه غير وارد في قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 12 لعام 1994 باعتباره جريمة تقليدية، لأن التعريف القانوني لابد أن يكون دقيقاً وواضحاً لا يحتمل التأويل، وعندما يكون هذا المصطلح يحتوي على أكثر من فعل شكل في ذاته جريمة مستقلة يعاقب عليها القانون لا يمكن أن نعده صالحًا لأن يشكل جريمة واحدة.”

من جانبه يقول المحامي والناشط الحقوقي ياسر المليكي: “التنمر الإلكتروني مصطلح درج الإعلام على تناوله في الفترة القريبة الماضية، ولا وجود للمصطلح في القانون اليمني، لكن دلالة المصطلح التي تعني في بعضها التهديد والتشهير والسب وإساءة السمعة هي أفعال مجرمة في القانون اليمني، فأي تهديد مثلًا كان من شأنه إلحاق أذى أو ضرر نفسي أو مادي بالمجني عليه يعتبر جريمة ويعاقب عليها القانون بالسجن وقد تصل إلى سنه كاملة. كما أن السب فعل مجرم وعقوبته قد تصل إلى السجن سنتين”.

وعلى الرغم من عدم وجود نصوص قانونية صريحة تتعلق بالتنمر الإلكتروني لكن قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 12 لعام 1994م وردت فيه مواد قانونية تتناول بعض قضايا التنمر كالابتزاز والسب، والتهديد، والتعدي على حرمة الحياة الخاصة كما توضح المواد القانونية التالية:

"تعرف المادة 291 السب بأنه إسناد واقعة جارحة للغير لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه قانونًا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه وكذلك كل إهانة للغير بما يخدش شرفه أو اعتباره دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة إليه".

وفيما يتعلق بعقوبة السب تنص المادة 292 على: “كل من سب غيره بغير القذف يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بالغرامة ولو كانت الواقعة المسندة للمجني عليه صحيحة”.

وفيما يخص انتهاك حرمة المراسلات تنص المادة 255 على: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة من فتح حق خطابًا مرسلًا إلى الغير أو احتجز رسالة برقية أو هاتفية ويعاقب بالعقوبة ذاتها من اختلس أو أتلف إحدى هذه المراسلات أو أفضى بمحتوياتها إلى الغير ولو كانت الرسالة قد أرسلت مفتوحة أو فتحت خطأ أو مصادفة ويقضي بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بالغرامة إذا ارتكب الجريمة موظف عام إخلالًا بواجباته الوظيفية”.

وفيما يتعلق بالتهديد بإذاعة الأسرار الخاصة تنص المادة 257 على: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بالغرامة كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو في غير علانية تسجيلاً أو مستنداً متحصلًا عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان ذلك بغير رضا صاحب الشأن ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التي تم الحصول عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتمادًا على سلطة وظيفته”.

ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو تحصل منها كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها.

عقوبة الابتزاز في القانون اليمني
يشدد القانون اليمني على عقوبة الابتزاز كما في نص المادة 313 من قانون الجرائم والعقوبات والتي تنص على ما يلي: “يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات أو بالغرامة كل من يبعث قصدًا في نفس شخص الخوف من الإضرار به أو بأي شخص آخر يهمه أمره ويحمله بذلك وبسوء قصد على أن يسلمه أو يسلم أي شخص آخر أي مال أو سند قانوني أو أي شيء يوقع عليه بإمضاء أو ختم تحوله إلى سند قانوني”.

فيما تجرم المادة 256 الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة حيث تنص المادة على الآتي: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانونًا أو بغير رضاء المجني عليه: استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أيًّا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق الهاتف، التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيًّا كان نوعه صورة شخص من مكان خاص.

فإذا صدرت الأفعال المشار إليها في الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضًا.

ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتمادًا على سلطة وظيفته.

ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها”.

ما الخطوات القانونية لمواجهة التنمر؟
بحسب المحامي ياسر المليكي والمحامية هبة فإن الإجراء القانوني على اعتبار أن التنمر إذا كان من شأنه حصول تهديد أو سب أو إساءة سمعة مثلًا باستطاعة المجني عليه في حالة تحديد هوية الشخص وتوثيق ما نشره التقدم ببلاغ أو شكوى للجهات المختصة (الشرطة – النيابة المختصة).

تطوير التشريعات والقوانين لمواجهة التنمر الإلكتروني
على الرغم من مرور العديد من السنوات على بدء الثورة التكنولوجية لكن القوانين اليمنية ما تزال بعيدة عن الواقع وهو ما يتطلب وقفة جادة لتطوير تشريعات تواكب التطور الحديث وإصدار قوانين وتشريعات لمكافحة الجرائم الإلكترونية أسوة ببعض الدول العربية التي أصدرت قوانين مشابهة.

تقول المحامية هبة عيدروس بخصوص تطوير القوانين اليمنية: “بالنظر إلى الواقع تجلّى لنا مدى اتساع الهوّة بين القوانين الجنائية اليمنية من جهة وتطور الجريمة من ناحية أخرى. لذلك نحن بحاجة ضرورية لإدخال تعديلات على القانون الجنائي بشقيه الإجرائي والموضوعي وإلى تشريع جنائي خاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات ليتسنى للمشرع والقضاء حماية الحقوق والمصالح وللمواطنين بالدفاع القانوني عن حقوقهم الأصلية المكفولة وفق الشرع والقانون”.

من جانبه يؤكد المحامي ياسر المليكي على أهمية وجود قانون ينظم الجرائم الإلكترونية بقوله: “بالنسبة لوجود قانون ينظم الجرائم الإلكترونية، هذا أصبح أمرًا ملحًا؛ لأنه اليوم صار استخدام التكنولوجيا في كثير من الأعمال وكذا الجرائم، والملايين يستخدمون هذه الوسائل بلا قانون يحكم التجاوز والاستخدام الخاطئ، والقانون أصبح ضرورة مع مراعاة الحريات الفردية والعامة من أي اعتداء عليها أثناء إنشاء القانون، وبالنسبة لجميع القوانين اليمنية الأخرى، فهي باتت قديمة وتطويرها أيضاً مهمة أي حكومة تنتج بعد إحلال السلام”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى