اختطاف الأجانب عملية مدروسة

> ​بدأت عمليات خطف الأجانب في اليمن منذ ثلاثة عقود، حين اختطف القيادي الحوثي مبارك الزائدي أحد أعضاء البعثة الدبلوماسية الأمريكية في اليمن، لتصبح لاحقاً هذه العمليات طريقة لإخضاع السلطات ومقايضتها أو مصدراً للابتزاز المالي.

وشهدت اليمن المئات من عمليات اختطاف الأجانب شمالاً وجنوباً، وتوزع تنفيذها بين ميليشيات الحوثيين وتنظيم القاعدة ومسلحين قبليين، فيما تم تحرير غالبية المختطفين بعمليات مقايضة.

وحدثت عملية اختطاف المستشار الإعلامي لفريق البعثة الدبلوماسية الأمريكية في اليمن هاينس ماهوني عام 1992 من قبل الزائدي، للضغط على الحكومة اليمنية لتنفيذ مطالب، منها مشاريع تنموية في صعدة.

ويوم الجمعة الماضي، اختطف مسلحون مجهولون، في المدخل الغربي لمديرية مودية بمحافظة أبين، خمسة من موظفي الأمم المتحدة في اليمن، واقتادوهم إلى جهة مجهولة.

وكان من بين المختطفين مدير مكتب الأمم المتحدة للأمن والسلامة في عدن آكم سوفيول، بلغاري الجنسية، والمنسق العام محمد المليكي، والمنسق الأمني للمكتب مازن باوزير، مع مرافقين اثنين لهم، وهم يمنيو الجنسية.

وقالت مصادر قبلية مطلعة، إن الخاطفين مجموعة من المسلحين القبليين بينهم عناصر من ”تنظيم القاعدة“، يطالبون بفدية مالية تبلغ مليون ريال سعودي، وبالإفراج عن عدد من المعتقلين بتهم الانتماء لـ“جماعات إرهابية“ في سجون القوات الأمنية بالعاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت المصادر، لـ“إرم نيوز“، أن وفداً من الأمم المتحدة إلى اليمن التقى محافظ أبين مؤخراً، قبل أن يشكل المحافظ لجنة من مديري مودية والوضيع بأبين، وشخصيات قبلية واجتماعية، للتفاوض مع الخاطفين، حيث كانت آخر جولات التفاوض يوم أمس الثلاثاء، ولم يكتب لها النجاح.

وفي المقابل، قال مدير عام مديرية مودية، أمين عبد الله إبراهيم، لـ“إرم نيوز“، إن ”لجنة الوساطة ما تزال تبذل جهودها مع الخاطفين“ الذين تحفظ عن ذكر هويتهم لمصلحة عملية التفاوض الجارية، مؤكداً أن ”الساعات القادمة ستحمل أخباراً طيبة بإذن الله“، على حد تعبيره.

وتُعد عملية الاختطاف التي شهدتها أبين، جنوبي اليمن، الأولى التي تطال الأجانب في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحوثيين، منذ اندلاع الحرب اليمنية عام 2015.

الاختطاف.. غياب الدولة

وقال وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أسامة الشرمي، إن ”تنامي وتيرة الاختطافات وأعمال الضبط خارج إطار القانون، نتيجة طبيعية لغياب الدولة ومؤسساتها وقبضتها الأمنية المسيطرة على كل شبر من البلاد“.

وأكد أن ”ما يحدث هو نتيجة لانقلاب الحوثيين على الدولة، وإسقاط مؤسساتها، وتشتيت الجهد الأمني والعسكري في ظل الحرب“.

وأشار الشرمي، لـ“إرم نيوز“، إلى أن ”حالة الانفلات غير الطبيعية واللامؤسسية في عمل المنظومة الأمنية، من خلال عدم وجود غرفة عمليات أمنية واحدة ومشتركة، أدت لوضعٍ مزرٍ لن يستمر إلا باستمرار الحرب، وهي حالة طارئة بالإمكان التغلب عليها عند زوال أسبابها“، على حد وصفه.

ويرى الشرمي أن ”الحلول المتاحة لهذه المعضلة حالياً، تتركز في تنسيق الجهد الأمني، تنفيذاً لمقررات اتفاق الرياض، واستنساخ التجربة التي تمت بعد التنسيق العسكري الذي أثمر عن جهود كبيرة على الأرض، تحققت إثرها انتصارات كالتي حققتها ألوية العمالقة خلال الفترة الماضية“.

وأضاف أن ”هذا لا يمنع من وجود حلول أخرى آنية للتعامل مع عملية الاختطاف الأخيرة، تتمثل في الجهود الاجتماعية والقبلية للوصول إلى حلول مع الخاطفين، خصوصاً إذا كانوا لا ينتمون إلى تنظيمات إرهابية“، على حد وصفه.

كما أوضح الشرمي أن ”الإرهاب في المرحلة الحالية بات خطراً يهدد الجميع ويقوض كل جهود العمل المؤسسي والسياسي والأممي في بلادنا، وبالتالي، لابد من تنسيق الجهد الأمني لكبح جماعات الإجرام والاختطاف من ممارسة نشاطاتها بكل سهولة“.

الاختطاف عملية مدروسة

ويعتقد نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح، أن ”مثل هذه العمليات مدروسة، وهدفها إظهار الجنوب بكونه منطقة غير آمنة وحاضنة للإرهاب، ومنع المنظمات الدولية من نقل أنشطتها إلى الجنوب، خاصة مع وجود توجه لبعض المنظمات لنقل مقراتها من صنعاء إلى العاصمة عدن“.

ويرى صالح أن ”المستفيد من هذه الأعمال هو ميليشيات الحوثيين، ويساعدها في ذلك الجماعات المتطرفة والقوى الأمنية الموالية لجماعة الإخوان المسلمين“.

كما أشار منصور صالح، في حديث لـ“إرم نيوز“، إلى أن ”هذه الجماعات حولت مناطق سيطرتها إلى بيئة ملائمة لانتشار أعمال الفوضى والتقطع والإرهاب، وكل هذه أفعال لها مردودها السلبي على سمعة البلد“، على حد وصفه.

وأوضح صالح أن ما أسماها ”الرخاوة الأمنية واختراق الجماعات الإرهابية للأجهزة الأمنية التابعة للشرعية، وربما حالة التعاون والتخادم بين الطرفين، تسهم في تمكين العناصر الإرهابية من التحرك والنشاط وتنفيذ عملياتها دون أن تواجه أي إجراءات رادعة“.

وأشار إلى أن ذلك ”يتطلب تطهير الأجهزة الأمنية الشرعية وإعادة هيكلتها وإبعادها عن سيطرة جماعة الإخوان التي أظهرت في أحداث ووقائع سابقة أنها الوجه الخفي للإرهاب، وهي من تحميه وتدعمه وتوجهه لخدمة أهدافها واستهداف خصومها“.

إفلات من العقاب

وقال رئيس منظمة ”سام للحقوق والحريات“ المحلية، توفيق الحميدي، إن ”عمليات اختطاف الأجانب مستمرة في مناطق سيطرة الحوثيين، في ظل غياب الدولة ومؤسساتها القضائية والأمنية، ولأن سيطرة الجماعات المسلحة التي جاءت من خارج الدولة، لا يمكنها منع مثل هذه العمليات“، على حد تعبيره.

وأضاف الحميدي لـ“إرم نيوز“: ”هذه الجماعات في النهاية لا تمتلك مشروعية المحاسبة ولا شرعية استخدام القوة، ويمكن بسهولة التنصل والتمرد عليها وعلى ما تدّعيه من التزام قانوني وأدبي في هذا الخصوص“.

وتابع: ”هذا ما يتم من قبل جماعة الحوثي، لأنها تعتمد في النهاية على فصائل مسلحة لإجبار الناس على الخضوع لها والالتزام بتعليماتها، وهذا واضح في كثير من المناطق الشمالية وسواها من المناطق التي تغيب فيها الدولة“.

ونوه الحميدي إلى أن ”غياب المؤسسات القانونية والقضائية شجع على مثل هذه الأعمال، لأن الدساتير تمنح للدولة استخدام القوة كجهة وحيدة، وتمنحها سلطة التقاضي وتقديم هؤلاء إلى القضاء، في وقت تغيب فيه مثل هذه المؤسسات“.

كما أوضح رئيس ”سام للحقوق والحريات“ أن ”مخالفي القانون ومرتكبي هذه الجرائم يشعرون بنوع من الإفلات من العقاب، ويشعرون أنهم بعيدون عن العقوبات، وبالتالي يستمرون في ارتكاب جرائم“.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى