منهج علماء حضرموت.. صيت ذائع ونهج يرسخ القيم الإسلامية

> سيئون «الأيام» محمد عبدالوهاب التوي

> جامعة الوسطية الشرعية إحدى الثمار اليانعة لأربطة التربية الدينية
بعد 37 رباطًا موزعًا على 8 محافظات..8 سنوات من التوسع في خدمة البحث العلمي


مع بدايات تسعينيات القرن الماضي، عاد العلامة والمفكر والداعية الإسلامي أبوبكر العدني بن علي المشهور، من مهجره في الحجاز الذي هاجر إليه مضطرًا، فجدد بعودته نشاطه العلمي والدعوي الذي تدفع به نوازعه الإيمانية والشعور بالمسؤولية لخدمة وطنه وأمته فالتفت إلى واقعه فرأى أن أفضل ما يستطيع أن يقدمه هو أن يؤسس أربطة التربية الإسلامية ويخرجها بحلتها الجديدة المعاصرة لتكون مأوى لطلاب الجامعات والمعاهد والمدارس لتلقي التعليم النظامي والأكاديمي ويتكامل معهم بأربطة تلقيهم العلم الشرعي وتحليهم بأخلاقيات وقيم ديننا الإسلامي القائم على منهج الوسطية الشرعية والاعتدال الواعي وقيم التسامح والإخاء التي دعا إليها ديننا الإسلامي الحنيف.


أولى لبنات تأسيس الأربطة
بدأ العلامة المشهور بتأسيس رباط الإمام المشهور في 1415هـ الموافق 1995م فآوى إليه عددًا من طلاب جامعة عدن من مختلف التخصصات الطبية والعلمية والإنسانية، وعددًا من طلاب المعاهد ومدارس التعليم الأساسي والثانوي، ولم يقتصر العلامة المشهور بفتح رباط العيدروس فقط بل تابع لافتتاح العديد من الأربطة حتى وصل عددها 37 رباطًا موزعة على ثمان محافظات (عدن، وأبين، ولحج، وشبوة، وحضرموت، وتعز، وإب، والحديدة).


التوسع في تأسيس المؤسسات التعليمية
أهتم العلامة أبوبكر المشهور، بالتوسع في تأسيس المؤسسات التعليمية حيث قام بتأسيس مدرسة الفتيان لتحفيظ القرآن الكريم والتي تخرج منها العديد من حفاظ كتاب الله، ومنها تأسيس العديد من مراكز التعليم للمرأة والتي وصلت إلى أكثر من 16 مركزًا موزعة على محافظات الجمهورية اليمنية، وخلال 25 عامًا من النشاط العلمي والدعوي والإنتاج الفكري أثمر ظهور علم فقه التحولات الذي يقوم بدراسة الواقع الإسلامي والإنساني المعاصر من خلال دراسة المتغيّرات والمستجدات وأثرها في واقع الأمة الإسلامية والإنسانية وقراءتها من النص الشرعي والسنة النبوية، وللقيام في البحث العلمي لهذا العلم أسس العلامة المشهور، مركز المرصد النبوي بمدينة تريم لدراسة علم فقه التحولات.


تطور العملية التعليمية والدعوية إلى إنشاء جامعة
وفي عام 2014م اكتملت شروط تطور العملية التعليمية والدعوية والفكرية والبحثية لدى العلامة المشهور، حيث بدأ يفكر بجدية في تأسيس جامعة يكون لها التميّز والريادة في المساهمة لخدمة العلم والبحث العلمي في شتى بقاع العالم، حيث بدأ بتأسيس كلية الوسطية الشرعية للعلوم الإسلامية والإنسانية في عام 2017م والتي فتحت لتدريس قسم الفقه وأصوله، وبعد ثلاث سنوات من عُمر الكلية بدأ التفكير الجاد في تحويل الكلية إلى جامعة باسم جامعة الوسطية الشرعية للعلوم الإسلامية والإنسانية والتي كان مقرها في سيئون بشِعب الإمام المهاجر أحمد بن عيسى بالحُسيسة، حيث تمت الموافقة على ذلك من قِبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بصدور قرار التحويل في عام 2020م ، وقد بدأت الجامعة فعليًا بكلية أصول الدين في منطقة الحُسيسة بشِعب الإمام المهاجر والتي تختص بأقسامها الأكاديمية في قسم التفسير وعلوم القرآن، وقسم فقه التحولات والدعوة، حيث ستستكمل افتتاح بقية الأقسام في الأعوام القادمة من الحديث وعلومه وقسم العقيدة.


وفي مدينة المكلا بمنطقة الريان تم افتتاح كلية العلوم الشرعية والقانونية والتي تختص بقسم الفقه وأصوله وقسم الشريعة والقانون، بالإضافة إلى افتتاح شعبة البنات بمديرية تريم التابع لكلية العلوم الشرعية والقانونية بالمكلا.

ملخص أكاديمي عن الوسطية الشرعية
تمثل جامعة الوسطية الشرعية والتي مقرها مديرية سيئون بوادي حضرموت بشِعب الإمام أحمد، أحد أنماط التعليم العالي بأسلوب راقٍ في العلوم الإسلامية والشرعية والقانونية والتربية السلوكية، حيث توفر بيئة تعليمية قائمة على التعليم المباشر والتي تمنح درجة البكالوريوس بعدة تخصصات تواكب سوق العمل، حيث ينتمي لدى كلياتها في العام الجاري 2022م أكثر من 222 طالبًا من جنوب شرق آسيا إندونيسيا وماليزيا وتايلاند، وبلغ عدد طلابها من محافظات الجمهورية اليمنية نحو 300 طالب وطالبة.


وتعد الجامعة غير ربحية، توفر10 برامج معتمدة من مجلس الاعتماد الأكاديمي بالجمهورية اليمنية، بالإضافة إلى جملة من الإنجازات تحقيقًا لرؤية الجامعة وسعيها الدؤوب في إنجاز أهدافها إدراكًا منها بأهمية ضمان الجودة العلمية والتعليمية عالميًا.

الجودة الأكاديمية للجامعة
ضمن خطوات الجامعة المتتابعة نحو التميّز العلمي في التعليم المباشر أو التعليم غير المباشر مستقبلًا، تحرص الجامعة على تنوع برامجها الدراسية تماشيًا مع متطلبات سوق العمل في خدمة أكبر شريحة ممكنة من طلابها متبنية بذلك أحدث الخطط والبرامج الأكاديمية، ولضمان جودتها العلمية والتعليمية عالميًا قامت الجامعة بعقد ورشة عمل في 3 مارس 2020م بعنوان "نحو جودة البرامج وتوسعها من أجل جامعة تخدم الأمة والمجتمع وتسهم في تحقيق التنمية المستدامة"، والتي ضمّت العديد من أساتذة ودكاترة جامعات حضرموت، وفي 2 يوليو 2021م عقدت الجامعة ورشة العمل الثانية بعنوان "توصيف المقررات خطوة لضمان جودة البرامج وتحسين مخرجاتها" والتي استهدفت أعضاء هيئة التدريس بالجامعة.


تأثير الجامعة في أوصار العالم
في مقابلة شخصية مع أحد طلاب الجامعة من جنوب شرق آسيا الطالب محمد حذيفة قال: "حينما سمعت ببدء التسجيل والقبول للجامعة ذهبت متطلعًا أبحث عن دليل الطالب الجامعي لها فوجدت فيه التطور التقني والتميز التعليمي الذي يعد متميزًا في بيئة تعليمية محفزة من خلال برامجها ذات الجودة الأكاديمية وهيئة تدريسية تمتلك كفاءات علمية سيكون لها دور كبير في خدمة المجتمع بجنوب شرق آسيا وهو الذي يسعى إليه هذا المجتمع لتحقيق مبادئ الدين الإسلامي القائم على الوسطية الشرعية والاعتدال الواعي".


وأردف حذيفة قائلاً: "فهرعت للتسجيل بتلك الجامعة وبعد تلقي العلوم الشرعية والقانونية والإنسانية بها وجدت خلال سنوات الدراسة عند تواصلي مع الأقارب وأهالي أندونيسيا بأن الجامعة ذاع صيتها في شرق آسيا وتوافد الطلاب لها سنويًا بأعداد كبيرة حتى أيقنت أن تأثيرها العلمي والشرعي يعود إلى تعريف الأمة وأفراد المجتمع بالهوية الإسلامية ومعاني الانتماء الحقيقي لمذهب أهل السنة والجماعة وغرس الاعتزاز به، ونشر منهج مدرسة علماء حضرموت في أصقاع بلدان العالم الإسلامي".

طموح الجامعة في خدمة الأمة
وفي مقابلة تعريفية بالجامعة على أثير إذاعة سيئون في ١٦ يوليو لعام ٢٠٢١م، أكد نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب د. عبدالقادر العيدروس، بأن الجامعة تطمح بأن تكون مساهمة إيجابية في خدمة الأمة الإسلامية والإنسانية ليتجه الإنسان لتسخير العلم والمنجز الحضاري الإنساني في تحقيق ترسيخ قيم الأخوة والتسامح، وجعل العلم قاسمًا مشتركًا وأداة في بناء مجتمع إنساني متماسك يستخدم المنجز العلمي في تعزيز القيم الحضارية والإنسانية لا يستخدمها في هدم القيم وتحويل الإنسان إلى سلعة أو تحويل العلاقات الإنسانية إلى منفعة أو تجرد الإنسان عن رسالته السامية.


وفي ذات السياق أشار د. العيدروس، بأن الجامعة تعتمد في دراستها على ثلاثة أسس في نهجها العلمي والأكاديمي والتي تنبثق من مدرسة علماء حضرموت وهي (العلم والتربية السلوكية والدعوة إلى الله على الأصول والثوابت الشرعية) بالإضافة إلى غرس القيم والأخلاق والآداب السلوكية، وتأهيل طلبة العلم لدراسة المسائل المعاصرة، وإيجاد الحلول المتوافقة مع أحكام الشريعة الغرّاء في القضايا المستجدة.


النظرة المستقبلية للجامعة
وتطمح الجامعة خلال الخمس السنوات القادمة لافتتاح كلية الدراسات العربية والإسلامية بمحافظة عدن بمديرية المنصورة في رباط المشهور، بالإضافة إلى افتتاح كليات بوادي حضرموت وهي كلية العلوم الإدارية، وكلية التقنيات الزراعية، إلى جانب افتتاح التعليم عن بُعد والذي سيعطي للجامعة رقمًا إضافيًا في النقلة التعليمية الأكاديمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى