محاولات متواضعة لقراءة العلاقات الأمريكية الصينية

> إن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة هي في أسوأ حالاتها منذ عدة سنوات ويبدو أنها تتجه نحو المزيد من التدهور لا سيما أن وثيقة استراتيجية السياسات الخارجية المؤقتة برئيس الإدارة الأمريكية الحالي (جو بايدن) التي نشرت في شهر أغسطس كانت قد نصت على أن الصين الأكثر نفوذا وأكثر ثباتا لوجودها تعد المنافسة الوحيدة التي لديها القدرة على حشد قدراتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتقنية لتحدي النظام العالمي الحالي الذي تصفح بالنظام المستقوي والمنفتح بشكل دائم على حد زعمها فضلا عن أنه أضحى من الشائع في الكواليس ورقة البيت الأبيض في عهد الرئيس بايدن الدعوة لـ (ضرورة مواجهة الصين إن كان ذلك ضروريا والتعاون معها إن كان التعاون ممكنًا).

في اعتقادنا أن التنافس بين الصين والولايات المتحدة سيستمر بين الطرفين ويأخذ مداه الكافي بيد أنه لا بد من أن يصطدم البعض ببعض في حالة من الجانبين التاليتين:

1 - إذا استمرت أمريكا ومن خلفها الناتو في سياستها وعقيدتهما العسكرية بالاتجاه شرقا محاولة منهما لمحاصرة الصين والحد من نفوذها وتقدمها الاقتصادي وبخاصة العسكري في منطقة بحر الصين الجنوبي ومنطقة آسيا والمحيط الهادي.

2 - في حالة أن قدرت الصين على اجتياح تايوان (باستخدام القوة) خلال العقد الثاني من العام 2022م في حالة أن استمرت تايوان وتمادت في مساعيها للإعلان عن الاستقلال) (الانفصال) على التراب الوطني الصيني من جهة، وفي حال أن استمرت أمريكا بإمداداتها العسكرية لتايوان وإرسال الخبراء والمستشارين العسكريين الأمريكيين لتعزيز القدرات العسكرية للجزيرة في تحدٍ صريح منها للصين التي ترى في تايوان إقليمًا من أقاليم الحكم الذاتي لديها وإخلالا بالعادات التي قطعتها أمريكا للصين في البيان المشترك الصادر عنهما إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما ويرتكز ذلك في الأساس على إقرار أمريكا للصين بشرعيتها في تمثيل الصين الكاملة واعترافها بأن تايوان جزء لا يتجزأ من التراب الوطني الصيني. يبقى سؤال يفرض نفسه: ماذا بعد تايوان؟

بعد تايوان لن يكون قطعا كما هو قبله لأن ذلك يمنح الصين الأهلية للسيادة الكبرى على بحر الصين الجنوبي وثرواته الطبيعية ويضع الصين في المرتبة الأولى على الصعيد الاقتصادي الدولي ويعزز قدرتها على التمدد في ظل مشروعها الاستراتيجي الجاري تنفيذها على قدم وساق والموسوم بمشروع الحزام وطريق الحرير الذي يربط قارات العالم برا وبحرا، الأمر الذي يجعل من الصين متربعًا على رأس النظام الدولي الجديد الذي يسعى بالمشاركة مع روسيا الاتحادية للإقامة على إنقاض النظام العالمي المهترئ حاليا والقائم منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن ويضع النهاية الأحادية القطبية لأمريكا على الزعامة العالمية الذي بدأت الفصول الأولى على إثر تفكك الاتحاد السوفييتي السابق وانسحاب الصراعات التنافسية الغربية بقيادة أمريكا على الزعامة العالمية في العام 1990م.

التطورات التي شهدتها العلاقات الروسية الأوكرانية هذا اليوم 24 فبراير 2022م ونشوب الحرب بين البلدين، تفتح بوابة تشكل بواكير النظام الدولي الجديد المتعدد الأقطاب من (الصين روسيا الاتحادية) وأمريكا (إن لم تتفكك) وعدد من دول أوروبا الغربية والهند وعدد آخر من دول آسيا مثل (اليابان وباكستان وتركيا) فضلا عن البرازيل وجنوب أفريقيا وربما تلاحقها دول أخرى تبعا لمعايير الحوكمة الدولية الجديدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى