رياضة لحج .. المساواة في الظلم عدالة ..!

> حاجة تقطع القلب .. هذا الأسبوع ضاق تلفوني من رسائل مثل السيل قادمة من محافظة لحج أرض القمندان والفن والثقافة والرياضة ، وكلها أورثتني كآبة ما بعدها كآبة .. عندما كتبت مقالتي عن أوضاع نادي الطليعة لم أكن أظن أن الوضع الرياضي هناك أكثر سوء ومأساوية من الواقع ، تبين لي أنني لامست التخوم فقط ، بمعنى أنني تناولت القشور ، ولم يصب سهمي الغيض من الفيض .. ومن ضمن الرسائل الواردة التي تشكر وتمتن وتشيد رسالة خاصة وصلتني من الأخ خالد اليماني رئيس فرع اتحاد الكرة في محافظة لحج هزتني من الأعماق.

* رسالة الأخ خالد اليماني قصيرة ومقتضبة ليس فيها مدحا ولا قدحا نصها يقول : "لا توجد من الأساس حافلة ، لا للأندية ، ولا لمكتب الشباب والرياضة ، ولا لفرع القدم" .. الرسالة عمدها الأخ خالد برسالة رفعها الأخ نائف البكري وزير الشباب والرياضة لرئيس الحكومة الدكتور معين عبد الملك ، تضمنت مناشدة بصرف حافلة واحدة فقط لكل محافظة لحج ، تتناوب عليها الأندية في مشاويرها الرياضية تحت إشراف مكتب الشباب والرياضة.

* معقولة يا جماعة : أندية لحج بكبارها وبتاريخها الحافل وبدورها التنويري والتطويري دون حتى حافلة واحدة تستخدمها الأندية في اليوم الأسود، أي عقل يمكنه أن يستوعب هذه الميلو دراما المليئة بالدموع والقهر والمعاناة والظلم والفساد ..؟

* والمبكي في مسلسل (شر البلية ما يضحك) أن الوزير يناشد رئيس حكومة دمه بارد ، وكأنه رجل الثلج ، وهي محاولة ذكية من الوزير نائف البكري للتنصل من دوره باعتباره معني بالأمر ، وعنده حل سريع بدلا من تمييع مطالب أندية لحج بمذكرة براءة ذمة يبلها الروتين الحكومي ويشرب ماءها.

* الذي أعرفه يا معالي الوزير أن حضرتك تصرف في الشهر الواحد أكثر من عشرة ملايين لزوم سفريات الحبايب، ولزوم أمور أخرى الحديث عنها مجرد طحن للطحين، وقد كان في وسعك شراء حافلة متواضعة تلبي الغرض من مال الصندوق الذي لم نعد نفهم، هل هو فقير وجاف بالتقطير غير الحميد ، أم أنه غني بعائدات تذهب إلى واد غير ذي زرع ..؟

* لم أكن أتصور أن الصورة في محافظة لحج رياضيا قاتمة وأكثر سوداوية من سواد الليل البهيم نفسه ، ولم يكن يخطر على بالي أن ما تناولته عن نادي الطليعة في مقالتي السابقة لا يمثل 1% من الواقع .. يقولون : إن أندية لحج حرمت من حقها في الاستثمار طوال ثلاثين عاما، وأن هناك متنفذين بسطوا على المتنفسات الرياضية بقدرة (غادر)، بالإضافة إلى تكاثر السماسرة الذين أفرغوا الأندية هناك من محتواها.

* في لحج سلطة محلية مترهلة خاضعة لقانون البطن التي لا تشبع والنفس التي لا تقنع ، لا دور لها في حماية الأندية وممتلكاتها ولا لها كلمة في رفع المعاناة عن كاهل الأندية .. قبل عقدين أو أكثر كان ملعب (معاوية) بلحج هو من يستر عورة السلطة المحلية ، و هو من يجمل ويمكيج الوجه القبيح لرياضة لحج، لكنه اليوم بات أطلالاً وخرابة ينعق عليها الغراب ، صورة واحدة مأساوية تختزل التدمير الممنهج لرياضة محافظة (ورد نيسان) كما قالها القمندان ذات زمن.

* أما المضحك في مسلسل (شر البلية) أن الرياضة بعيدة تماما عن أجندة كل المحافظين الذين تناوبوا عليها بعد الوحدة ، منهم من يرى الرياضة مجرد لهو ولغو، ومنهم من يراها بدعة وضلالة وكل ضلالة في النار ، ومنهم من فضل الابتعاد عن شر ومآسي الأندية مع فاصل من الغناء .. على لساني مرارة ما بعدها مرارة وفي حلقي غصة تصادر كل محاولات بلع وهضم ما يحدث لأندية لحج من تهميش وتعذيب وفقر مدقع ووضع بائس لا يمكن أن تجد له صورة طبق الأصل في محافظة أخرى باستثناء الجارة أبين التي تحتضر رياضيا بأيدي أهلها للأسف الشديد .. طيب .. هل هناك حل يخفف من معاناة أندية لحج ويحقق لشبابها الحد الأدنى من الرعاية والاهتمام؟

* في تصوري أن لأندية لحج حقوقا في وزارة الشباب والرياضة يجب أن تنتزع بالحسنى ، ففي وضع سياسي مزر تقلب فيه حجرا تجد فاسدا أو أكثر يجب أن تؤخذ الحقوق غلابا وليس بأساليب التمنى والطبطبة .. كيف؟

* محافظة لحج ترفد صندوق النشء والشباب يوميا بمبالغ كبيرة نظير من يلوثون صدورهم بالدخان ومن يخصبون القات في أفواههم ، إضافة إلى ما يترتب عليه من شراء الأسمنت، وكلها مبالغ يومية تورد إلى حساب الصندوق الذي يذهب خيره لغير أهله.

* يمكن للسلطة المحلية أن أرادت أن تحافظ على ما تبقى لخديها من حمرة خجل أن تخاطب الوزارة مطالبة بحقها وحصتها من الموارد كاملة دون نقصان وتحت إشراف لجنة نزيهة تختارها الأندية لضمان الأمانة حتى لا يتحول إلى مال سائب .. بالطبع الوزارة لن توافق على هذا المطلب الشرعي وستلجأ إلى أمرين أحلاهما بالنسبة لها مر : إما الرفض وتحمل عواقب السخط الشعبي، أو تحقيق بعض مطالب الأندية بأثر رجعي، وفي كلتا الحالتين تستطيع الأندية والسلطة المحلية انتزاع بعض الحقوق التي لا تلبي أدنى الطموحات، لكن يحق للأندية نفسها والسلطة المحلية إذا اختارت الوقوف في صف الأندية تصعيد الأزمة إلى رئاسة الوزراء لكشف مستور هذا الصندوق ، وإرغام الوزارة على إجراء تغيير في نهج الصندوق بغض النظر عن مجلس النواب الذي يعاني أعضاؤه من التشرد في مختلف بلدان العالم.

* رياضة لحج بحاجة إلى ثورة أو انتفاضة شعبية رياضية لتحريك مياه الواقع الراكدة ، وليتذكر أولو الألباب أن العيار الذي لا يصيب يدوش، وهذا كفيل بوضع رياضة لحج تحت مجهر الإنصاف ولو باستخدام قاعدة المساواة في الظلم عدالة، وحتى لا أتحول في نظر رياضيي لحج إلى (غاندي) ثائر ضد سياسة الهرم المقلوب ، أبلغكم أن هذه هي آخر مقالة أتناول فيها هموم رياضة لحج بعد أن وضعت النقاط فوق وتحت الحروف، والكرة الآن في ملعب الأندية والسلطة المحلية، والذي أوله شرط آخره نور ..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى