الذي أطلق تسمية كوبا على الجزيرة الشهيرة هو حضرمي

> علوي بن سميط

> لا يعلم الكثير أن كريستوفر كولمبس الذي عرف عنه بالمكتشف الأعظم للعالم الجديد أي كل الأراضي في الجزء الغربي من العالم لم يكن له أن يغامر ومثله ماجلان وغيرهم من الإسبان والبرتغال لولا وجود العشرات من العرب على أسطوله الاستكشافي قبل قرون بحارة وعلماء ومختصين في علوم الفلك والنجوم والرياح من جنوب الجزيرة العربية تحديداً عمان وحضرموت المطلة على بحر العرب والمحيطات التي تتصل به، وكانوا يمخرون البحر قبل هؤلاء الغربيين طلباً للرزق والتجارة وللاستطلاع حتى صدر الإسلام فالفتوحات وتحدي البحر الأحمر والمتوسط وإلى البحار البعيدة في الشرق الأقصى وإلى الغرب حتى أطراف المحيط الأطلسي كان العرب سباقون بمئات السنين من كولمبس وأمثاله ولعل الكثير من اليابسة والجزر هم من أطلقوا عليها الأسماء، فحرفت إلى اللغات الأوروبية واللاتينية تحديداً التي هي مصدر الإسبانية والبرتغالية والإيطالية واليونانية.

أعود إلى موضوعي عندما أبحر كولمبس في أول رحلة نحو الغرب باتجاه (العالم الجديد) ومعه البحارة العرب من سواحل جنوب الجزيرة العربية في نهاية 1492م فإذا بهم قبل الوصول إلى الأمريكيتين شاهدوا من على بعد اليابسة وسط البحر المتلاطم فتعالى أصوات البحارة ممن هم معه (قبة) أنها قبه لكن كريستوفر يقول لهم أحب أن أسميها (جونا) وظل البحارة ولعلهم الحضارم الذين كانوا أكثر عدداً من الآخرون مصممين على قبة أي مرتفعاً مكوراً ولعلهم شاهدوا أكثر بروزاً شرق الجزيرة وهي جبال سير مايسترا السلسلة المرتفعة في عموم الجزيرة الواقعة في أورنيتا كوبا أو أكبر المناطق سانت جانت كوبا آخر محافظة بالشرق الواقع بها غوانتنامو ولعل كلمة ( قبة) التي تنطق بغير الناطقين بالعربية قوبا حرّفت إلى اللاتينية (كوبا) ولم تنفع تسمية كولمبس (جونا) وطغى اسم العرب على الجزيرة إلى اليوم (كوبا) التي يقع امتدادها الغربي إلى خليج المكسيك وأطراف ميامي الأمريكية، أما لماذا قلت حضرمي هو الذي أسماها وليس عمانياً استنتاجي هو أن الحضارم تواجدوا منذ القدم على ضفتي البحر المتوسط جنوبه وشماله فهم أول طلائع الفاتحين في الإسلام واستوطنوا البرتغال وإسبانيا، فضلاً عن الآخرين الذين ظلوا بموطنهم الأصلي يستعين بهم المستكشفون من الأجانب والعرب ولعل أكبر العلماء البريطانيين الذي قال مقولته المشهورة لن تجد أرضاً في أي بقعة بالعالم تشرق عليها الشمس إلا وفيها حضرمي.

ومن كوبا انطلق كولمبس ورفقته ليكتشف الأمريكيتين متخذاً من الجزيرة التي تبدو كتمساح قاعدة لاستكشافاته إلى أن استعمرت إسبانيا رسمياً كوبا في 1511م وأصبحت مستعمرة إسبانية وحاولت فرنسا وهولندا عبر قراصنتها احتلال الجزيرة في القرن السابع عشر لكنهم فشلوا وفي 1762م وصلت سفن بحرية واحتلت هافانا ولكن لفترة قصيرة لتعود إسبانيا مرة أخرى وظل الاحتلال الإسباني الذي قاومه شعب كوبا وهم مجموعة وخليط من الأفارقة والإسبان والهولنديين والعرب خاصة عرب من شمال أفريقيا وذوي أصول عربية من الطليان والإسبان ومن جزيرة العرب (لا يعرف تحديداً متى هاجروا أم أنهم ممن وصلوا مع كولمبس وسكنوا كوبا)، لكنهم لم ينجحوا بإخراج الإسبان لتدخل أمريكا على الخط 1898م وتحتل كوبا وتدحر الإسبان ومنذ ذلك الوقت أصبحت ولاية أمريكية إلى أن قاد كاسترو مرتين المقاومة، وفي الثانية استطاع طرد الأمريكان وإسقاط الحكومة الكوبية التابعة لأمريكا في 59م وكاسترو كوبي من جذور إسبانية ومن أسرة لها من الأملاك في زراعة قصب السكر على مستوى أمريكا اللاتينية.

خلال عامي 85 - 86م كنت كثيراً وأنا هناك في هافانا أسأل عن حقيقة رواية إن كان حضرميًا صحيحاً هو الذي أسمى هذه البقعة الدولة بكوبا لم أجد جواباً شافياً قاطعاً، بل يكون الرد أنه عربي عموماً فإن للعرب دوراً كبيراً في كوبا منذ اكتشافها، ولعل مع اندماج البعض منهم في المجتمع والتزاوج منذ مئات السنين أصبح من الصعب تمييزهم، إذ يصنفون بـ ( المولاطو) أو الذين اختلطوا بأعراق متعددة بينهم الهنود الحمر السكان الأصلي والجنسيات الأخرى التي استقدمت إلى كوبا (أحد أهم مناطق العالم الجديد)، لكن العرب المسلمين هجرتهم قديمة وأصبحوا من سكان وأصل الشعب الكوري، فقد أسسوا أحزابا وكانوا من أبرز قادة الثورة الإسبان إبان الاحتلال فيما عرف بحروب الاستقلال في 1865م وحرب 1895م ولهم الكثير من الجمعيات التي تأسست بداية القرن العشرين الجمعية العربية الفلسطينية، الجمعية الإسلامية العربية، وجمعيات شامية ولعل الأحزاب التي تأسست في العهد الإسباني والأمريكي من أبرز مؤسسيها عرب مسلمون ومسيحيون من لبنان وسوريا وفلسطين حتى أن حركة 26 يوليو التي رأسها فيدل كاسترو قبل أن تتحول بعد 1959م إلى الحزب الاشتراكي، فالشيوعي الكوبي أكثر عدد بالمكتب السياسي عرب وفي هافانا القديمة يوجد اتحاد ومطعم عربي زرته في 86م ولكنهم يتحدثون الإسبانية فهم من الجيل الثالث أو الرابع من المهاجرين العرب وفي الحزب والحكومة الكوبية حتى اليوم كثير ممن تعود أصولهم للعربية وأكثرهم المسلمون، أما اليوم فإن العرب المسيحيين هم الغالبية وينتشر العرب في العاصمة هافانا والشرق الكوبي الذي يعتبر العاصمة الأولى سانتياجو قبل هافانا، أما أول مسيحي عربي فقد تم تعميده في الكنيسة بكوبا عام 1593م، وأعلن العرب المسيحيون والمسلمون في 1979م توحيد جمعياتهم واتحاداتهم في مكون واحد أسموه (الاتحاد العربي الكوبي) تزامناً مع انعقاد قمة دول عدم الانحياز عالمياً في هافانا كي يعطوا صورة للعالم وأولهم العالم العربي أن العرب الكوبيين متحدون، عموماً فإن تركيبة الشعب الكوبي من أثنيات و أعراق متعددة كالشعب الأمريكي حتى موسيقاه فيها الجذر الأفريقي العربي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى