في يوم المرأة العالمي

> تحية طيبة..

إن بناة ومُعمّري الأرض في عالمنا هذا هم البشر، وهم مقصد الله الأسمى عندما يرسل سفرائه وأنبيائه ورسله الكرام، فبهم وبتربيتهم يتقدم العالم، لذا فهم الغاية والوسيلة لإعمار العالم وبناء الأمم والشعوب، وزراعته وصناعته وتقدمه وتطوره، فلو أغمضنا أعيننا للحظات وتأملنا، أنه لو تعطل الإنسان في واجباته ومساعيه وتطوره، ماذا سيكون شكل ومصير الإنسانية وكل شعوب الأرض.

خُلِق البشر من ذكر وأنثى للعبادة ولديمومة ولاستمرارية الوجود، (وحقيقةً أن كل الوجود يتكون من زوجين اثنين) وبتواصلهما وتزاوجهما استمرت بنية البشرية ودامت، وبدونهما، لن يكون هنالك وجود بشري، ومن ثم أُسَريّ ومن ثم لن يكون هنالك ديمومة لبني الإنسان؛ وهنا تبدأ الحكاية، حيث أن تواجد الأنثى في هذه المعادلة يشكل القسم الأكثر أهمية في الحياة(من وجهة النظر المنصفة والواقعية) فهي الرحم الذي سيحتضن جنين الإنسان ويديمه ويحميه ويغذيه ويسقيه بدمه المدفوع بقلب مليء بكل ما يحتاجه الجنين من طعام وشراب، بل بكل مشاعر المحبة والإيمان وتوارد الخواطر والأفكار، وكلما يحتاج إليه هذا الجنين، يمر عبر أمه، ..نصف المجتمع الأكثر أهمية، وهي حاضنته والذائدة عنه في الملمات والشدائد، وهذا أولى مراحل الفرد بحياته، ثم لتبدأ بعدها ولادته وما يصاحب ذلك من آلام مهولة تتحملها المرأة كي يرى جنينها نور الشمس ويشم هواء الدنيا، (بعد حمل مضني مؤلم لشهور عديدة).

تأتي بعدها فترات صعبة تلو أخرى أصعب، حيث تنوء المرأة تحت هذا الجهد، بصبر وجلد وتحمل وتعب وكل مصائب الدنيا لتحميه وتذود عن طفلها من أي أذى أو سوء أو أي طارئ، ممكن أن يصيبه، وكل هذا وهي مستمرة العطاء مع در صدرها المحيي لبدن وليدها، تراه وتراعيه وتهدهده وتحبه محبة لا منية فيها، فعطائها كعطاء الأرض، لا تنتظر منا ثوابًا، فهي مصدر العطاء الذي لا ينضب والواجب مراعاته واحترامه، وهي المربي والمعلم الأول لوليدها، أعطته من دمها وغذائها وصحتها وتعطيه من بعد، وقتها واهتمامها وسعادتها وفرحها وما تعلمته وتثقفت به وتربت عليه، ولا تعز عليه أعز ما تملك حتى لو كانت حياتها، وتستمر قريبة منه وهو يكبر، تراعيه وتعلمه وتداعبه وتطعمه وتسقيه، ولا تبخل عليه بأي شيء يريده حتى وإن كان حياتها فتعطيه إياها بسعادة وفرح غامر.

لذا نرى أهمية وخطورة وجودها وتأثيره على حياة(ابنها أو ابنتها)، وبالتالي أن ننتبه ونقدر مسؤوليتها ونحترم وجودها وكيانها، إذ إنها لو أُعِدّت وتربت بما يتناسب وأهمية وخطوة دورها وجودها بالمجتمع، لكان للمجتمع شأن ومرتبة أخرى، ولكان للأجيال سماتٌ وشمائل أكثر سموًا ورقيًّا، فلو تربت الأم وتعلمت وتثقفت روحانيًا وماديًا وجسمانيًا وبما يستحق مقامها وموقعها وأهميتها لبناء الأجيال، وبما تستحقه من احترام وكرامة وتقدير، لا يقل عن الرجل وتتساوى معه بل تبزه في ميادين كثيرة، لكان للمجتمع شأنٌ آخر أكثر سلامًا وخيرًا ودفئًا وتعاونًا وتكاتفًا، ولقلت بل انعدمت الحروب والاقتتال، ولساد التفاهم والود والمحبة بين بني الإنسان، إذ إن الأم لن ترمي فلذة كبدها الذي نما في أحشائها شهورًا عديدًا، وتربى بحنانها سنينًا طويلة وسقته بحليبها ودمها ودموعها، لن ترميه بسهولة إلى آتون حربٍ ودمار وقتال وموت، وستفتديه وتسلك كل سبيل، لأجل حياته وتثبيت وترسيخ دعائم السلام والوئام في العالم، ( لذا رفقًا بالقوارير) كما تفضل سيد البشر والبطحاء رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) .

ولنجتهد سويةً لاحترام وتقدير وعزة المرأة ودعمها وإعطاءها حقها، بل ومساواتها بالرجل في أغلب الميادين، ليطير طير المجتمع بجناحيه القويين، المرأة والرجل فبدونهما أو بتعطيل أحدهما، لن يطير المجتمع إلى ذرى التقدم والسلام والعدالة والرخاء.

وتقبلوا أخلص تحياتي وشكري لكم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى