إحياء نفط اليمن.. محافظات غنية في بؤرة الاهتمام الأميركي بعد الحرب الروسية

> «الأيام» محمد راجح:

> حرب اليمن تسببت في أزمات خانقة بالطاقة رغم ثروات النفط والغاز

أعادت تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا على قطاع الطاقة العالمي، ملف النفط والغاز المسال في اليمن إلى الواجهة، بعد بروز مؤشرات عدة على اهتمام أميركي وأوروبي بإعادة إحياء صادرات البلد المتوقفة منذ نحو ثماني سنوات بسبب الصراعات.

وتسببت الحرب الدائرة في اليمن في إيقاف تصدير النفط والغاز المسال، الذي يعتبر بمثابة عصب الاقتصاد، وإشعال أزمات اقتصادية ومعيشية متلاحقة أفضت إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم وفق تصنيف الأمم المتحدة.


وحسب مصادر مطلعة فضلت عدم الكشف عن أسمائها تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن السلطات الحكومية اليمنية تلقت رسائل وإشارات منذ نحو أسبوع من مسؤولين وشركات وجهات اقتصادية وتجارية أوروبية وأميركية، تجس نبضها في مساعدتها حيال الإسراع في حلحلة ملف تصدير النفط والغاز، الذي تعمل عليه الحكومة اليمنية بشكل جدي منذ نهاية 2021.

ووفق المصادر فإن هناك اهتمامًا بالغًا من الحكومة بالرسائل الغربية المتعلقة بملف النفط، نظرًا لحاجة الحكومة كذلك للموارد المالية بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، إضافة إلى حاجتها لتوفير احتياطي من الدولار في البنك المركزي وتفعيل إجراءات إعداد موازنة عامة للدولة التي تواجه صعوبة بالغة في إنجازها حتى الآن بسبب الأزمات المالية التي تواجهها.

بدوره، قال وجيه الصلاحي الخبير في المركز الوطني للدراسات والأبحاث النفطية لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة اليمنية تأخذ ملف إحياء صادرات النفط والغاز على محمل الجد دون النظر إلى مسارات السياسة الدولية الراهنة والاستقطابات والصراعات التي تمخضت عن الحرب الدائرة في أوكرانيا، وعن إحجام دول مؤثرة في سوق الطاقة العالمية عن رفع إنتاجها النفطي لتغطية العجز الذي تعاني منه الأسواق الدولية بعد العقوبات الغربية الصارمة على روسيا، ومنها حظر واشنطن النفط الروسي.


وأضاف الصلاحي "اليمن في أزمة طاحنة ويعيش تبعات حرب عصفت بكل مفاصل الاقتصاد، وبالتالي من المهم مساعدة البلد على تأهيل منشآته النفطية والغازية والعودة إلى الأسواق الدولية لتصدير النفط والغاز المسال واستقطاب شركات جديدة للقيام بالاستكشافات النفطية وتطوير بعض الحقول المتعثرة".

ويسعى اليمن إلى رفع إنتاج النفط الخام إلى نحو 150 ألف برميل يوميًا في حال تمت إعادة التصدير مقابل 70 ألف برميل يوميًا حاليًا وفق تقديرات حكومية.

لكن عبدالواحد العوبلي الباحث الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، قال إن "الأداء الحكومي الفاشل واستشراء الفساد من شأنهما أن ينهيا أي آمال في استفادة اليمن من أي زيادة في إنتاج النفط والقفزات المسجلة حاليًا في الأسعار".

وأضاف العوبلي أن "اليمن يصدر البرميل بحوالي 100 دولار ويعود بعد ذلك لاستيراده بنحو 300 دولار على شكل مشتقات نفطية، وذلك بسبب التعطيل المتعمد لمصافي عدن (جنوب) لصالح مستوردي المشتقات النفطية الذين يجنون المليارات من وراء هذه التجارة الظالمة للشعب اليمني الذي يعيش في دولة نفطية ومع ذلك يستورد النفط ما يؤدي إلى استنزاف المليارات من العملة الصعبة وانهيار الريال اليمني والاقتصاد عمومًا".


في السياق، أثارت الجولة التي قام بها المبعوث الأميركي الخاصّ لليمن تيم ليندركينغ، والقائمة بأعمال سفير الولايات المتحدة في اليمن كاثي ويستلي إلى اليمن، في وقت سابق من مارس الجاري، استفسارات عدة عن الغرض من هذه الزيارة وفي هذا التوقيت بالذات، خاصة أنها تركزت في ثلاث محافظات نفطية هي حضرموت (شرق) وشبوة والمهرة (جنوب).

وعقب الزيارة، ذكرت الخارجية الأميركية في بيان لها أن الجولة أتاحت فرصة لمناقشة الاحتياجات في هذه المحافظات والجهود المبذولة لتعزيز الخدمات الأساسية والفرص الاقتصادية في ظل استمرار التحديات، التي يفرضها الإرهاب والتهريب، والتي تغذي عدم الاستقرار.

وقال فيصل النهاري الباحث الاقتصادي اليمني لـ"العربي الجديد"، إن الهدف من الزيارة يتمثل في الاطلاع على آخر التجهيزات والإعدادات الجارية لإعادة تصدير النفط اليمني من بعض القطاعات والحقول، ومعرفة حجم المخزون المتوفر للتصدير وإمكانية الاستفادة من الحصص القابلة للتصدير، لافتًا إلى أن هذه الزيارة تزامنت مع تحركات أميركية باتجاه بعض الدول النفطية مثل فنزويلا وإيران.

وفي محافظتي حضرموت وشبوة نحو 35 حقلًا نفطيًا، أهمها "المسيلة" في حضرموت، فيما يصل إجمالي عدد الحقول في مناطق الامتياز في اليمن إلى نحو 105 حقول منها 13 حقلًا تخضع لأعمال استكشافية و12 حقلًا منتجة وحوالي 81 حقلًا قطاعات مفتوحة للاستكشاف والتنقيب.

وفي آخر اجتماع عقده مجلس إدارة الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال في ديسمبر الماضي مع كبرى الشركات العالمية المستثمرة في مشروع الغاز الطبيعي المسال اليمني، جرت مناقشة إعادة التصدير وتوسيع الاستثمار في أكبر المشاريع.


وقال عبدالرحمن البحري الخبير في مجال الطاقة لـ"العربي الجديد"، إن مهمة إحياء الإنتاج والتصدير قد تكون أسهل في شبوة التي تستثمر وتدير شركات أميركية وأوروبية مشاريع النفط فيها، إضافة إلى قطاع الغاز المسال الذي تديره شركة "توتال" الفرنسية.

لكن الأهم من وجهة نظر البحري، هو إعادة نظر الحكومة اليمنية في بعض العقود المبرمة مع الشركات الأجنبية، خاصة التي تعود إلى فترات ما قبل الحرب وتمتد لسنوات طويلة، خاصة مشروع الغاز الطبيعي المسال الذي يمتد عقده مع الشركة الفرنسية إلى عام 2036، وكذلك إعادة النظر في الأسعار في الاتفاقيات المبرمة.

حرب اليمن تسببت في أزمات خانقة بالطاقة رغم ثروات النفط والغاز
حرب اليمن تسببت في أزمات خانقة بالطاقة رغم ثروات النفط والغاز

وتقدر تقارير اقتصادية احتياطي الغاز في اليمن بنحو تريليون قدم مكعبة، في حين يدعو خبراء إلى ضرورة مراجعة آلية التسعير الخاصة بالصادرات، مشيرين إلى أن بقاء الوضع كما كان في السابق سيقود إلى أرباح فاحشة لصالح الشركات الأجنبية، بينما سيتكبد اليمن خسائر ضخمة، ناجمة من فوارق الأسعار والتحايل على نصيبها من الأرباح.

وبينما تجاوزت أسعار الغاز عالمياً حاجز 60 دولارًا للمليون وحدة حرارية (وحدة قياس الغاز)، تتراوح الأسعار المحددة في الاتفاقية المبرمة بشأن مشروع الغاز المسال في اليمن مع توتال الفرنسية بين 2.5 و3.5 دولارات للمليون وحدة حرارية، في حين تم تحديد نصيب الحكومة اليمنية من الأرباح وفقًا لمعادلة حصص الأرباح الواردة في الاتفاقية بنحو 5.2 مليارات دولار فقط، خلال فترة المشروع التي تصل إلى 20 عامًا.

*"العربي الجديد"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى