الغاية من تكويت الوظائف تمكين العمالة المحلية أم استبعاد الوافدين

> الكويت "الأيام" العرب اللندنية

> ​سرّعت الكويت خطوات توطين الوظائف الحكومية والخاصة، واتخذ هذا المسار في الأشهر الأخيرة بعدا منهجيا، وسط تساؤلات عما إذا كان الأمر يقتصر على تحرك رسمي لتوفير وظائف للعمالة المحلية واستيعاب أعداد العاطلين عن العمل أم أن لهذا التوجه خلفيات أخرى في علاقة برغبة محمومة في استبعاد العمالة الأجنبية يغذيها هاجس اختلال التركيبة السكانية.

وتتوالى الإعلانات الرسمية عن إحلال العمالة المحلية في العديد من القطاعات، وقد كشفت وسائل إعلام محلية الأحد أن لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية وافقت على وضع آلية تنفيذ في وزارتي الداخلية والدفاع، لتكويت الوظائف الإدارية والسكرتارية وأعمال الأوراق المكتبية، بحيث يكون التعيين فيها بنظام يعطي الأولوية للكويتيين، ويأتي بعدهم غير محددي الجنسية ممن ولد منهم في الكويت أو حملة إحصاء عام 1965.

وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط الكويتي محمد الفارس أعلن الأسبوع الماضي أنه سيتم تكويت جميع وظائف القطاع النفطي، ومن ضمنها وظائف الشؤون القانونية، وذلك في سياق مشروع حكومي لتوطين الوظائف الحكومية في أحد عشر تخصصا وظيفيا، بنسبة 100 في المئة بحلول سبتمبر 2022.

ويرى مراقبون ونشطاء من المجتمع المدني أن هناك دوافع عديدة تحرك السلطة لتسريع وتيرة إحلال العمالة المحلية في الكويت بهذا الشكل والكيفية التي تبدو ارتجالية وليست قائمة على أسس علمية في علاقة بمتطلبات سوق الشغل.

ويشير المراقبون إلى أن أحد أبرز الدوافع هو محاولة معالجة الاختلال الحاصل حاليا في التركيبة السكانية التي ظلت لسنوات طويلة لصالح الوافدين. وسبق أن أعلنت الحكومة في سبتمبر الماضي عن تشكيل لجنة لبحث آليات تستهدف الوصول بالسكان إلى 70 في المئة من المواطنين في مقابل 30 في المئة من الوافدين.

ويقول المراقبون إن هذا التحول الحدي باتجاه توطين الوظائف لا يخلو من قصور حيث أن العمالة الوافدة شكلت منذ تأسيس الدولة الحجر الأساس في بناء نهضتها الاقتصادية، وقد شغلت هذه العمالة على مدى عقود معظم الوظائف والمهن، وبالتالي أن تتم إدارة الظهر بهذا الشكل للوافدين ومنح مواقعهم الوظيفية للعمالة المحلية دون تأهيل حقيقي للأخيرة هو أمر ستكون له بالتأكيد ارتدادات سلبية.

وتعالت في الفترة الأخيرة الأصوات المتذمرة من النقص الفادح في العمالة الماهرة، حيث بات الكويتي يجد صعوبة اليوم في العثور على عامل لخياطة “الدشداشة” التي هي لباس تقليدي يرتديه الرجال الكويتيون لاسيما في المناسبات الدينية مثل رمضان، كما أصبح الباحث عن سمكري كمن يبحث عن إبرة في كومة قش.

ويرى المراقبون أن هذا النقص المسجل هو نتيجة التوجهات الحكومية المتسرعة حيال مسألة تكويت الوظائف والمهن، والتي حولت الكويت في ظرف وجيز إلى بيئة نافرة للوافدين، مشيرين إلى أنه كان من المفروض تبني سياسة متدرجة تسمح للكويتي باكتساب الخبرات والمهارات اللازمة.

وكشفت بيانات رسمية كويتية عن أن 2631 وافدا تركوا العمل في الحكومة بقطاعاتها المختلفة خلال 2021، لتتقلص أعدادهم بنهاية ديسمبر الماضي إلى 89 ألفا و73 وافدا ووافدة، مقارنة بـ92 ألفا و36 وافدا ووافدة في نهاية ديسمبر 2020.

ووفق جريدة “الأنباء” الكويتية في عددها الصادر الأحد كان واضحا أن أبرز الجهات التي غادرها الوافدون خلال عام 2021 تأتي على رأسها الخطوط الجوية الكويتية ووزارة الصحة وشركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية وشركة النقل العام وجامعة الكويت.

واستحوذت سبع عشرة هيئة ومؤسسة وجهة ذات ميزانيات مستقلة على أكبر نسبة من الوافدين المغادرين للقطاع الحكومي بنحو 43 في المئة وبواقع 1121 مقيما ومقيمة، 79 في المئة منهم غادروا العمل في الخطوط الجوية الكويتية بواقع 882 وافدا ووافدة ليصبح عددهم 4133 مقارنة بـ 5015 في العام الماضي.

بينما تقلصت أعداد الوافدين في المؤسسة العامة للرعاية السكنية بواقع 88 وافدا ووافدة ليتقلص عددهم من 252 في 2020 إلى 164 بنهاية العام الماضي، كما تقلصت أعداد العاملين في معهد الكويت للأبحاث العلمية من 702 وافد ووافدة إلى 656 وافدا ووافدة في نهاية 2021.

واستحوذت 17 وزارة على 36 في المئة من الوافدين المغادرين للقطاع الحكومي بواقع 954 وافدا ووافدة، وجاءت وزارة الصحة على رأس الوزارات التي غادرها الوافدون إذ تقلصت أعدادهم بواقع 516 مقيما ومقيمة، ليصبح العدد 34 ألفا و18 مقيما ومقيمة في نهاية 2021 مقارنة بـ34 ألفا و69 مقيما ومقيمة في عام 2020.

ويبدي المسؤولون الكويتيون ارتياحا لهذا النسق السريع في إحلال العمالة المحلية مكان العمالة الوافدة، مشيرين إلى أنه بالإمكان تحقيق هدف التكويت المنشود قبل الآجال المرسومة في الخطط الحكومية المعلنة.

وطبقا للصحيفة الكويتية ارتفعت أعداد المواطنين العاملين في القطاعات الحكومية المختلفة خلال 2021 بواقع 24 ألفا و21 مواطنا ومواطنة، إذ ارتفع عددهم في الوزارات بـ18 ألفا و56 مواطنا ومواطنة خلال العام ليصبح إجماليهم 264 ألفا و65 مواطنا ومواطنة في نهاية 2021 مقارنة بـ246 ألفا في العام السابق.

وزادت أعداد المواطنين في الإدارات الحكومية بواقع 2314 مواطنا ومواطنة ليصبح عددهم في نهاية 2021، 24 ألفا وثلاثة مواطنين. كما زادت أعدادهم في الجهات الملحقة بواقع 1957 مواطنا ومواطنة ليصبح إجماليهم 36 ألفا و48 بنهاية 2021، كما زادت أعدادهم في الجهات المستقلة بواقع 332 مواطنا ومواطنة لتصبح أعدادهم 12 ألفا وواحد. كما زادت أعدادهم 1046 شخصا في الشركات المملوكة للدولة ليصبح عدد المواطنين العاملين فيها 20 ألفا و36 مواطنا ومواطنة. وبدأت الكويت منذ سبتمبر 2017 عملية توطين الوظائف تنفيذاً لخطة تخفيض العمالة الوافدة واستبدالها بأخرى كويتية خلال خمس سنوات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى