المجلس الرئاسي الجديد.. ماذا يعني لليمن والتحالف السعودي؟

> «الأيام» غرفة الأخبار

> قضى عبد ربه منصور هادي أكثر من نصف فترة رئاسته لليمن في المنفى في الرياض، حيث "فقد هو وإدارته الشرعية المحلية والثقة من السكان اليمنيين الذين عانوا من الحكم المتشدد للحوثيين، والقصف من قوات التحالف الذي تقوده السعودية، وأزمة إنسانية هائلة شملت مجاعة كبيرة".

وبعد أن تنحى هادي، بدأ رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، أمس الأول الثلاثاء، مهامهم في عدن، مقر الحكومة المؤقت، بعد جلسة تخللها أداء اليمين أمام عدد من نواب البرلمان المنتخب في العام بحسب مجلة The National Interest وترجمه للنشر موقع قناة الحرة الأمريكية أمس الأربعاء.

ويقول تقرير للمجلة إن تشكيل المجلس السياسي الرئاسي المؤقت الجديد لقيادة مرحلة ما بعد هادي قد يكون "مبشرًا بالتقارب السياسي بين الأطراف المتحاربة".

وقبل تقديم استقالة رسمية، اضطر هادي، بناء على طلب من مرافقيه السعوديين على الأرجح، إلى الإطاحة بنائبه علي محسن الأحمر، الذي كان تعيينه في عام 2016 بمثابة بوليصة تأمين فعالة لرئاسة هادي الهشة، كما تقول المجلة.

كان تقارب الأحمر المعروف مع حزب الإصلاح اليمني، الذي يتبنى أجندة سياسية إسلامية، هو بالضبط الذي ضمن طول عمر قيادة هادي، فعلى الأقل بينما كان الأحمر هو البديل، يمكن لهادي أن يطمئن إلى أنه لن يتم اغتياله أو إزالته قسرًا من السلطة تحت ضغط من مؤيديه السعوديين أو الدوليين.

لكن مع خروج الأحمر من الصورة الانتقالية، أصبحت استقالة هادي وإنشاء مجلس رئاسي حقيقة لا مفر منها.

وتأتي استقالة هادي وتشكيل مجلس رئاسي في أعقاب وقف إطلاق النار الأخير بين ميليشيات الحوثي في صنعاء والتحالف السعودي، والذي تضمن إعادة الفتح الجزئي لمطار صنعاء ورفع الحصار الذي ساهم في نقص واسع النطاق في جميع أنحاء البلاد.

كما يأتي بعد أن أعلنت السعودية تخصيص 3 مليارات دولار من المساعدات الاقتصادية المباشرة و300 مليون دولار إضافية لبرامج المساعدات الإنسانية، التي كانت الرياض بالفعل أكبر مانح لها.

وقد أصبح وقف إطلاق النار وإمكانية الحوار المفتوح بين السعودية وممثلي الحوثيين ممكنًا بفضل الجهود العُمانية للوصول إلى مجموعة واسعة من الجماعات السياسية اليمنية وتوفير مساحة محايدة لمشاركة الحوثيين.

وفي الواقع، كان المندوبون العمانيون من القلائل الذين تم الترحيب بهم علنًا في صنعاء في عام 2021، وقد حافظوا على حوار مع الحوثيين منذ عام 2015 كجزء من استراتيجية عُمان لمنع انتشار العنف عبر الحدود وترسيخ دور عمان كوسيط إقليمي.

ومع ذلك، فإن قرار السعودية بـ "دفع" هادي على الاستقالة لم يتخذ بدافع النفعية السياسية، بل بدافع اليأس السياسي، وفقًا للمجلة.

في عام 2019، واجه هادي والتحالف السعودي تراجعًا في الآفاق السياسية في مدينة عدن الساحلية اليمنية الجنوبية، والتي كان ينظر إليها على أنها عاصمة وطنية بديلة لعودة الحكومة اليمنية في المنفى.

وقوبل هادي بعداء مسلح في عدن سواء من اليمنيين المحليين الذين استاءوا من قراراته السياسية وتحالفه مع السعودية، وكذلك من مجموعات من الانفصاليين الجنوبيين الذين رفضوا، مرة أخرى، الوقوع ضحايا للسياسات الشمالية المهيمنة.

وبرز المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو مجموعة سياسية وعسكرية تدعمها الإمارات العربية المتحدة، كمنافس جدي على الدعم السياسي للسكان الجنوبيين في اليمن.

وإدراكًا منها لهذا الواقع، أشرفت السعودية على توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019، الذي مثل اتفاقا لتقاسم السلطة بين هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي.

وفي حين نجح اتفاق الرياض في تخفيف حدة التوترات المسلحة بين مؤيدي هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، إلا أنه فشل في تشكيل حكومة قابلة للحياة في جنوب اليمن.

ومع غرق شرعية هادي في معركة سياسية متوترة في عدن، اضطرت السعودية والإمارات إلى التعامل مع قوة أكثر زعزعة للاستقرار، وازداد الدعم الإيراني للحوثيين، ووصل إلى آفاق جديدة مع ضربات الطائرات بدون طيار والصواريخ على المنشآت النفطية في كلا البلدين الخليجيين.

وكانت صور من الهجوم الصاروخي في مارس 2022 على مستودع نفطي في مدينة جدة الساحلية السعودية قبل سباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1 على الصفحات الأولى من الأخبار في جميع أنحاء العالم، مما حول حدثا إعلاميا شهيرا إلى مصدر إحراج كبير للسعودية.

وبالإضافة إلى الإعلان عن وقف إطلاق النار، كان تغيير وجه الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا إجراء ضروريًا لإظهار مسار الأحداث المقترح في مرحلة ما بعد هادي.

وعلى الرغم من أن المجلس يقوده، رشاد محمد العليمي، أحد أنصار حكومة هادي، إلا أن هناك أربعة أعضاء في المجلس المؤلف من ثمانية أشخاص يمثلون نقطة تحول محتملة للتمثيل السياسي اليمني.

أولهم سلطان علي العرادة، محافظ مأرب، الذي اكتسب مؤخرًا قدرًا كبيرًا من الاعتراف العام لقيادته في الدفاع عن مدينة مأرب الاستراتيجية الغنية بالنفط في مواجهة هجوم الحوثيين المستمر.

والثاني هو عيدروس الزبيدي، زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي والمنافس الرئيس لهادي على السلطة السياسية في جنوب اليمن، حيث تم الدمج فعليًا بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

وأضيف طارق صالح، ابن شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي يقود واحدة من أكثر القوات المقاتلة فعالية في اليمن، والتي تتكون من بقايا جيش عمه الجمهوري.

وأخيرًا، وكدليل على الشمولية الجغرافية للمجلس، تمت إضافة فرج سالمين البحسني، حاكم منطقة حضرموت الشرقية في اليمن، لضمان ألا تؤدي ميول الاستقلال إلى مزيد من التقسيم للبلاد.

وهذا يعني أن 50 في المئة من أعضاء المجلس الرئاسي الذين انضموا إلى الحكومة في المنفى لا يجلبون قدرًا كبيرًا من الدعم الشعبي بين اليمنيين فحسب، بل أيضًا يضيفون شرعية أساسية على الأرض كانت تفتقر إليها تحت قيادة هادي.

ويمثل الإعلان عن إنشاء مجلس رئاسي، مكون في الأساس من تكتل من القيادات المناهضة للحوثيين من جميع قطاعات البلاد، قد يكون استمرارًا لنجاح مثل هذه المجالس بقيادة البلاد عبر تاريخها، خصوصًا في أعقاب الحروب الأهلية التي مرت بها.

مجلس عام 1967
في عام 1967، بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية المكلفة في شمال اليمن، أطيح برئيس البلاد، عبد الله سلال، وحل محله مجلس رئاسي كان يمثل الأصوات المتضاربة داخل الجمهورية وبقيادة القاضي عبد الرحمن الأرياني، وهو قاض ديني يحظى باحترام كبير.

بدأت الحرب الأهلية عام 1960، ودارت رحاها بين أنصار القبائل الشمالية للإمام المخلوع وأنصار الجمهورية جديدة في صنعاء.

وفي نهاية المطاف، توسط الأرياني ومجلسه في حل وسط في عام 1970 بين الشماليين ذوي التفكير الديني والجمهوريين الأكثر علمانية، مما شكل جوهر الدولة اليمنية التي ظلت قائمة حتى عام 2014.

وعلى الرغم من الإطاحة بالأرياني في عام 1974 واستبداله بقيادة عسكرية، إلا أن رئاسته كانت القيادة المدنية الأولى والوحيدة في اليمن الحديث، ولا تزال هي الإدارة التي تتم مقارنة جميع الآخرين بها.

وشكل ثلاثة رؤساء متعاقبين من خلفيات عسكرية، بمن فيهم علي عبد الله صالح، مجالسهم الرئاسية البدائية، التي كان يعمل بها موالون للحزب وتفتقر إلى أي دور مهم.

وتأسس جنوب اليمن، الدولة الماركسية العربية الأولى والوحيدة، في عام 1969 على ظهر مجلس رئاسي آخر سعى إلى توحيد الانقسامات السياسية والأيديولوجية والإقليمية المتضاربة.

وكان آخر مجلس رئاسي قبل التكرار الأخير هو مجلس الوحدة الرئاسي الذي تشكل في عام 1990، والذي كان يتألف من تمثيل متساو لشمال اليمن وجنوبه.

وعلى الرغم من أن مجلس عام 1990 لعب دورًا أساسيًا في توحيد اليمنيين سياسيًا، إلا أنه انهار في عام 1993 في أعقاب التوترات التي أعقبت الانتخابات.

وكانت المجالس الرئاسية اليمنية هيئات سياسية مهمة خلال الفترات الانتقالية، إما بعد انقلاب أو بعد إنشاء أو توحيد دولة جديدة.

ومن المؤكد، بحسب المجلة، أن الوضع الحالي في الحكومة اليمنية يشبه الأوضاع في السابق، ويستدعي إما توحيد الفصائل المتباينة في البلاد أو إنشاء هيئة حاكمة جديدة يمكن أن تدعي تمثيل المصالح الوطنية اليمنية في المفاوضات المستقبلية مع قيادة الحوثيين.

وتقول المجلة إن نجاح أو فشل الكيان السياسي في مرحلة ما بعد هادي سيعتمد في نهاية المطاف على قدرة المجلس على إيجاد رئيس للمجلس يتمتع باحترام جميع الفصائل السياسية، بما في ذلك حركة الحوثيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى