اليمن.. مرحلة جديدة وسياسة قديمة

> بعد كل اتفاق سياسي توقعه أطراف الأزمة اليمنية، عادة ما ينفتح مستقبل البلاد على العديد من السيناريوهات، في الوقت الذي تشير الالتزامات النظرية إلى إحلال السلام.

إذ إنه على الصعيد النظري، كلما ركزت الجهود الدولية على جعل الاتفاقات السياسية أكثر شمولا وانفتاحا، للانتقال باليمن إلى مرحلة جديدة. كلما عادت حليمة لعادتها القديمة.

فالرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح بعد أن وقع إلى جانب أحزاب المعارضة اليمنية على المبادرة الخليجية في العاصمة السعودية الرياض آنذاك، لم يلتزم بأول شرط لنجاح المبادرة والذي أشار إلى اعتزال صالح العمل السياسي، مقابل حصوله ورموز حكمه على الحصانة وعدم الملاحقة القانونية. حيث عاد الرئيس اليمني الأسبق إلى واجهة المشهد السياسي مرة اخرى، وذلك من خلال التحالف مع الجماعة الحوثية التي قادت الانقلاب العسكري على شرعية الرئيس السابق عبدربه منصور هادي أواخر العام 2014، قبل أن تفتك بالرئيس صالح أواخر العام 2017.

من جانب آخر، يبدو أن نائب الرئيس اليمني محسن الأحمر لا يجد في المشاورات اليمنية - اليمنية التي أجريت في العاصمة السعودية تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي، ما يحمله على الاعتقاد بأن ثمة مسار سياسي جديد، يتمثل في القرارات التي اتخذها الرئيس هادي وقضت أولا بإقالة الأحمر، ومن ثم ثانيا نقل الرئاسة اليمنية إلى مجلس قيادة يضم ثمانية أعضاء من أطراف سياسية مختلفة. فنظرا إلى أن هذا المسار السياسي يعد من أهم مخرجات العملية التوافقية في المشاورات اليمنية_اليمنية. الا أن ثمة مسارات اخرى تعد دالة يمنية على النجاح أو الفشل، تنعكس دائما وابدا في المسار الإعلامي والمسار الأمني.

لذلك تبدي بعض الدوائر الإعلامية التي تنتمي لحزب الإصلاح (جماعة الإخوان المسلمين في اليمن) ويمكن وصفها بالمقربة من الجنرال محسن الأحمر، تبدي حالة من عدم الرضا عن نتائج المشاورات اليمنية والمسار السياسي الذي انبثق عنها. فهناك مسار اعلامي تتصدره هذه الدوائر يتجه للتشكيك في شرعية المجلس الرئاسي بحجة عدم قانونية القرار الذي اتخذه الرئيس السابق هادي وقضى بنقل سلطته للأخير. إذ أن مثل هذا الأداء يعد إشارة مبكرة على عدم الاستجابة لجهود توحيد المسار الإعلامي الذي تم الاتفاق عليه في المشاورات اليمنية وأكد إلى دعم المسار السياسي وتوحيد الجهود ضد الجماعة الحوثية.

بالمقابل وعلى صعيد المسار الأمني، عاودت العناصر والتنظيمات الإرهابية نشاطها، من الوهلة السياسية الأولى التي حددت موعد المشاورات اليمنية في الرياض، حيث تم استهداف القائد الجنوبي ثابت جواس بتفجير سيارة مفخخة شمال عدن، عقب ذلك تم اغتيال قائد القطاع الثامن بالحزام الأمني عدن أكرم المشرقي في مدينة الشيخ عثمان.

مرة أخرى وبعد أن أكدت المشاورات اليمنية - اليمنية على دعم المسار الأمني ومكافحة الإرهاب، عادت قصة فرار عناصر تنظيم القاعدة من السجون اليمنية إلى واجهة المشهد السياسي، إذ فر عشرة سجناء سبعة منهم أمراء في التنظيم من أحد السجون الأمنية بمديرية سيئون في وادي حضرموت، المنطقة العسكرية الأولى التي تخضع لسلطة نائب الرئيس المقال محسن الأحمر، الأمر الذي يحملنا على الاعتقاد بأن هناك سيناريو يتجه للفوضى يعمل على عرقلة المرحلة السياسية الجديدة، يشبه إلى حد ما السيناريو الذي حدث بعد المبادرة الخليجية التي نصت على نقل سلطة الرئيس صالح لنائبه آنذاك هادي.

مع ذلك، ثمة اختلاف واضح بين سيرة وسلوك صالح وسيرة وسلوك محسن الأحمر، فالأول بطبيعته رجل أولي يعشق الظهور، بينما الثاني درج على لعب الأدوار الثانوية التي طالما منحته لقب الرجل الثاني أو الرجل الظل، سواء أثناء حكم الرئيس الأسبق صالح أو أثناء حكم السابق الرئيس هادي.

لعل ذلك يحدد نهاية مختلفة لمحسن، لا يبدو أن الاعتزال السياسي أحد خياراتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى