​قصص من التاريخ

> مجموعة من المشاهد في مكة قبيل غزوة بدر الكبرى التي حصد المسلمون فيها رؤوس صناديد قريش:

المشهد الأول

(في بيت عاتكة بنت عبد المطلب) عاتكة: يا أخي، والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة، فاكتم عني ما أحدثك، فإنهم إن سمعوها آذونا وأسمعونا ما لا نحب. العباس: حدّثيني، فسأكتم الحديث. عاتكة: رأيت راكباً قد أقبل على بعير له حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلى صوته: "ألا فانفروا يالَ غُدَر  إلى مصارعكم في ثلاث"، فأرى الناس اجتمعوا إليه. ثم دخل المسجد والناس يتبعونه، فبينما هم حوله مَثُلَ به بعيره على ظهر الكعبة، ثم صرخ بمثلها، ثم مثل به على رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها، ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوي، حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضّت، فما بقيت دار من دور مكة إلا دخلها منها فلقة. العباس: إن هذه رؤيا حق، فاكتميها ولا تذكريها لأحد.

المشهد الثاني

(في الحرم وقد غابت الشمس وجلست قريش في مجلسها من حول الكعبة) وأبو جهل في رهط من قريش يتحدثون برؤيا عاتكة.

أبو جهل: يا أبا الفضل، إذا فرغت من طوافك فأقبل علينا.(يقبل العباس)، أبو جهل: يا بني عبد المطلب! متى ظهرت فيكم هذه النبية؟ العباس (متجاهلاً): وما ذاك؟ أبو جهل: الرؤيا التي رأت عاتكة؟ العباس: وما رأت؟ أبو جهل: كأنك لا تدري؟ ألم تحدّث بذلك الوليدَ بن عتبة؟ أما رضيتم - يا بني عبد المطلب - بكذب الرجال حتى جئتمونا بكذب النساء؟ زعمَتْ عاتكة في رؤياها أنه قال: "انفروا في ثلاث". فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يكن حقاً فسيكون، وإن تمضِ الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب كتاباً أنكم أكذب أهل بيت في العرب.العباس (وقد غضب): هل أنت منتهٍ يا مصفّراً استه؟ فإن الكذب فيك وفي أهل بيتك. (يهم به فيحول القرشيون بينهما)القرشيون: ما كنت - يا أبا الفضل - جَهولاً.

المشهد الثالث

(في بطن الوادي صباحاً) العباس (لرجل معه): لقد لقيت من عاتكة أذىً شديداً لما أفشيت من حديثها، ولم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني تقول: أقررتم ... أقررتم لهذا الخبيث أن يقع في رجالكم، ثم قد تناول النساء وأنت تسمع، ثم لم يكن عندك غيرة لشيء مما سمعت. فوالله لأتعرضن له، وإن عاد قاتلته، فلقد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه. الرجل: انظر يا أبا الفضل، هذا أبو جهل خارجاً من باب المسجد يشتدّ. العباس: ما له لعنه الله؟ أكل هذا فرَقاً مني؟ اذهب فانظر ما شأنه.(يذهب الرجل ويرجع على عجل)، الرجل: (مضطرباً): ألا تسمع؟ العباس: ماذا؟ الرجل: هذا ضَمْضَم بن عمرو الغِفاري يصرخ ببطن الوادي وقد شق قميصه، وحوّل رحله، وجدع بعيره! اسمع ...

(يتقدمان ويصغيان) ضمضم: يا معشر قريش، اللطيمة! اللطيمة! أموالكم مع أبي سفيان قد عَرَض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها. الغوث، الغوث! (حركة واضطراب ولغط وصيحات حماسية) رجل: هذه والله رؤيا عاتكة! آخر: والله إن أخذ محمد العير لا تفلح قريش أبداً. آخر: انفروا إلى مصارعكم في ثلاث. إن رؤيا عاتكة كأنها أخذ باليد. أبو جهل: هه! أيظن محمد أنها كعير ابن الحضرمي؟ والله ليعلمن غير ذلك، إنها قريش! سهيل بن عمرو: يا آل غالب! أتاركون أنتم محمداً والصُّباة من أهل يثرب يأخذون أموالكم؟ من أراد مالاً فهذا مالي. (يتفرق الناس، يستعدون للخروج).

المشهد الرابع

(في الحرم وقت الظهيرة، أمية بن خلف وسعد بن معاذ سيد الأوس وهو ضيفه وخليله)، أمية: تعَالَ فطُفْ بالبيت، فإنه وقت الظهيرة ولا يراك أحد.(يطوف بالبيت ويجلس أمية) أبو جهل (قادماً): من هذا الذي يطوف بالبيت؟ سعد: أنا سعد بن معاذ. أبو جهل: ماذا؟ أتطوف بالبيت آمناً، وقد آويتم محمداً وأصحابه وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم؟! أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعتَ إلى أهلك سالماً. سعد: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه: طريقك إلى الشام. أمية (لسعد): لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي. سعد (لأمية): إليك عني، فإني سمعت محمداً يقول إنه قاتلك! أمية: إياي؟ سعد: نعم. أمية: بمكة؟ سعد: لا أدري. أمية: والله ما كذب محمد. (يسقط أمية خائراً): إذن والله لا أخرج من مكة، إذن والله لا أخرج من مكة ...

المشهد الخامس

(في الحرم مساء، قريش في مجالسها، عقبة بن أبي معيط قادم على مجلس أمية معه مجمرة فيها بخور، أبو جهل على إثره)أمية: ويلك! لمن هذا؟ عقبة: لك يا أبا علي. قم استجمر فإنما أنت من النساء.أمية: قبحك الله وقبح ما جئت به. (يصل أبو جهل) أبو جهل: يا أبا صفوان، إنك متى يراك الناس قد تخلفت وأنت من أشراف قريش تخلفوا معك، فسر يوماً أو يومين. أمية: أفعل! (يمشي عقبة وأبو جهل إلى عتبة وشيبة ابنَي ربيعة وزمعة بن الأسود وحكيم بن حزام) أبو جهل: أنتم سادة قريش وأنتم قادة الناس، فما بالكم لا تتجهزون؟ عتبة: لقد استقسمنا بالأزلام فخرج الناهي. عقبة: كلا؛ ولكنه الفزع من اللقاء. عتبة: ألمثلي يقال هذا؟ والله لولا أنك عند بيت الله ...

أبو جهل: دعه يا أبا الوليد، فإنك اليوم شيخ قريش؛ فإذا لم تخرج أقام الناس. عتبة: سأخرج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى