النار.. ولعبة اللوتو

> مرّ العيد مرورًا سريعًا، ربما لأنه لاحظ الظروف الصعبة للغالبية العظمى، التي لا تسر في هذه البلاد، فاكتفى الناس بالمتاح لهم وأضافوا عبارة حكيمة لأجدادنا تقول: العيد عيد العافية.. كعبارة يتوارى فيها كثير من العجز عن مقارعة الظروف التي وضعونا فيها قسرًا، الأصدقاء قبل الأعداء.

إحساس لدي يشعرني، بأن الأوصياء علينا دوليا (الأربع الدول) ومحليًا (الرئاسة والحكومة) أشبه ما يكونان، بشخصين منغوليين أمامهما لعبتان من لعب اللوتو الشهيرة والمعروفة لدى الغالبية من الناس، التي يلعب بهما الأطفال ( مشكّلين من مكعباتهما أشكالًا مختلفة تنمّي من مخيليتهما) من خلال تنمية مهارتيهما بربط تلك المكعبات ببعضها البعض لتبني أشكالًا كالبيوت والسيارات وأشكال للبشر.. إلخ. ألعاب اللوتو مصممة على سن الأطفال ومراحل النمو العقلي الذي يمرون فيه.

اللاعبان المنغوليان مختلفان في السن بفارق محترم من السنين، ولذلك فكل منهما حصل على اللعبة المناسبة لسنه، ومع ذلك فكليهما محدودا القدرات المعرفية والذهنية والتجريبية (وهذا ما يميز المنغوليين عن غيرهم) ومن المفترض أن يشكّلا شكلين معقولين من اللعبة طبقا ومكوناتها من المكعبات.

غير أن ما فعله المنغوليان هو أنهما فتحا صندوقي اللعبة واستخرجا كل المكعبات وخلطاهما مع بعضهما البعض وشرعا في محاولات إلصاق المكعبات بعضهم ببعض كل حسب فهمه وقدراته الذهنية غير أن كل محاولاتهما المختلفة، لم تنتج سوى أشكال عبثية لا تشبه شيئًا أو أحدا. هذه النتائج لا تناسب المشرف عليهما فيأمرهم بتفكيك الأشكال وإعادة المحاولة. وهو الأمر الذي ينفذانه بنفس الهمة والنشاط.

أشعر أنني أحد هذه المكعبات بل إننا جميعا في الحقيقة لسنا سوى مكعبات لوتو يتم بنائنا وتفكيكنا دون فكر أو أي حساب منطقي. أشعر أننا جميعا كالمكعبات ويعبث بنا آخرين، أشعر بأننا كشعب قد أُنهكنا إلى درجة أن كل ما نطلبه هو أن يأتي من ينقذنا من العبث الذي نعيشه.. فقط نطلب أن يكون من سيجمعنا في كيان ما لديه من القدرات ما يكفي بأن يجعل كل مكعب منا شيئًا مفهوما للآخرين، شيئًا مفيدًا لنا كمكعبات، وأيضا مفهوما ومفيدا للآخرين. مالم يحدث ذلك سريعًا فإن همسًا يدور بين رفاقنا من المكعبات، بضرورة البحث عن نار تحرقنا كمعكبات فاض بها العبث وتحرق معنا المنغوليين اللذين أدمنا العبث بنا ولا مانع من أن نذهب جميعا إلى الجحيم.

هل من عقلاء في أي بقعة من الأرض يفهمون ما نقوله؟ نأمل ذلك خاصة في هذه الظروف الخاصة والاستثنائية التي يعيشها العالم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى